العمل الجمعوي ممنوع في قطاع الصيد البحري والحوار مع الغرف فقط !

0
Jorgesys Html test

عبد الرحيم لعبيد *

250xNx146875.pagespeed.ic.F6pzf8SH2Uc2utAjd3plيعتبر القطاع البحري بالمغرب من بين القطاعات التي تتكاثر مشاكلها، فمنذ سنوات خلت لم تكن الوزارات المتعاقبة على القطاع قادرة على تطوير وتوجيه رجاله الوجهة الصحيحة لمجابهة العشرية الثانية من هذا القرن، مجابهة جدية انطلاقا من استراتيجية متفق عليها تضع بين أولوياتها حماية ثرواتنا البحرية وتطويرها لتصبح صناعة تحقق الاكتفاء الغذائي، وأيضا لتساهم في الرفع من المستوى الاجتماعي والاقتصادي للعاملين في المجال البحري بصفتهم القاعدة الاساسية التي يرتكز عليها النمو، باعتبارهم المحرك للدورة الاقتصادية وانطلاقا من سواعد مشتركة نظرا لأن البحر يظل حتى الآن أقوى من المحاولات الفردية.
والذي لا يعرف ما يجري بهذا القطاع..! قد يتخيل أن رجاله ربما يعانون من عجز في إعطاء الافكار وتقديم الحلول وايجاد البدائل لتحقيق نتائج ايجابية مرضية، ولكن الحقيقة غير ذلك! فقد رفعت الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب مراكب الصيد البحري ملفات ساخنة إلى المسؤولين، ملفات بيئية واجتماعية واقتصادية أيضا، ملفات أصبحت رائحتها تزكم الأنوف، لم تتطرق من خلالها الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب مراكب الصيد البحري للمشاكل فقط، وإنما طرحت أيضا الحلول بل ذهبت إلى أبعد ذلك حينما طالبت بعقد اجتماع موسع على أعلى مستوى تماشيا مع روح وفلسفة الحوار الاجتماعي الذي ظل حكرا على بعض القطاعات دون هذا القطاع، الذي يمكن القول أنه الوحيد في المغرب الذي وصل فيه الأمر إلى خلق حالة الاستنفار وصد الأبواب أمام كل محاولة ايجابية يقوم بها رجاله لإخراجه من عنق الزجاجة، ومع الأسف فهذه حقائق يتجاهلها السيد وزير الفلاحة والصيد البحري الذي أصدر قرارا انفراديا يلغي بموجبه الحوار مع الفعاليات الجمعوية! ويشدد على الاكتفاء باستشارة الغرف المهنية! وذلك بالرغم من ضعف هذه الاخيرة، وعدم قدرتها على مسايرة نشاط القطاع البحري منذ تأسيسها بتاريخ 25 يوليوز 1997، حيث حيث ظلت مفصولة عن مشاكل القطاع البحري وانشغالات رجاله وطموحاته، وبطبيعة الحال هذه نتيجة حتمية بحكم تركبتها وبحكم تبعيتها المطلقة للإدارة.
ولا يحتاج المرء لأن يخبر السيد الوزير ان قراره بإلغاء الحوار مع الفعاليات الجمعوية وعدم استقبال اطر الجامعة الوطنية قرار خطير يمس الحياة الديمقراطية ببلادنا، بل إن استنساخ وتغيير الظهير الشريف المنظم للعمل الجمعوي رقم 1,58,376 الصادر في 3 جمادى الاولى 1378 الموافق ل (15 نونبر 1958 م) والذي تم تتميمه وتعديله بموجب قانون رقم 75,00 لا يمكن لأي كان مهما كان منصبه ومركزه أن يبت فيه، لأن ذلك من اختصاص الهيئات التشريعية للدولة. شأن العمل الجمعوي شأن الاحزاب السياسية فكل منهما يقوم بدوره في التأطير والتنظيم والدفاع عن مصالح المجتمع المدني. ولا أظن أن السيد الوزير لا يدرك خطورة قراره هذا، ثم إن إحكام إغلاق الأبواب أمام ممثلي القطاع البحري هل هو دليل قاطع على هشاشة السياسة المتبعة فيه ، أم أنه غير هذا وذاك؟! هي فقط مجرد أوامر صدرت من المسؤولين بعدم التعامل مع أعضاء الجامعة لا لشيء سوء لكونهم يرددون شعارات تطالب بعدم إحداث المزيد من الشركات المختلطة المغربية الأجنبية التي ترفع وحداتها العلم المغربي لتخفي عمليات ابتزاز ونهب خيراتنا السمكية، وبعدم الترخيص بالعمل بمياهنا الاقليمية للبواخر المؤجرة التي تساهم هي الأخرى في القضاء على ما تبقى بمياهنا من أحياء مائية ولا لشيء سوى لكون الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب مراكب الصيد الساحلي بالمغرب تطالب بضرورة اعادة النظر في برامج عصرنة وتحديث أسطولنا الساحلي وذلك عن طريق تفعيل الاغلفة المالية التي تقدر بحوالي 105 مليار سنتيم مقتطعة من الاتفاقيات المبرمة مع الدول الاجنبية والمخصصة أصلا لمساعدة المستضعفين من رجال البحر الذين يرفضون سياسة كل ما من شأنه التي سبق للحركة الوطنية ان حاربتها.
ان التغاضي عن السلبيات والثغرات وتجاهل الاخطاء والتهرب من مجابهة الحقائق وعدم محاسبة المبذرين بالقطاع أو التمادي في التلميع الزائف للواقع ومحاربة المنظمات المهنية هي عوامل كلما تم تجاهلها كلما تراكمت المشاكل واستفحلت الازمات التي لا يمكن الاستمرار في تجاهلها لأنها قد تؤدي إلى الافلاس المحقق والتوقف المبكر للاسطول الوطني الذي بدوره يعرف عجزا خلافا لما تدعيه الجهات الرسمية! إن رجال البحر يريدون لتجربة التغيير أن تخطو خطوات جريئة إلى الامام ليخرجوا قطاعهم من الباب المسدود الذي يشعر بهوله الجميع، غير أن الخطوة الحاسمة على طريق التغيير لابد ان تشمل تكسير الحواجز التي ظلت تصطدم بها آمالهم، وتكسير الحواجز التي تحول دون اقامة مكاتب ومؤسسات وغرف سليمة، لذلك كان لابد من فتح قنوات الحوار مع المهنيين للوصول بسفينة هذا القطاع إلى بر النجاة. فالسفينة عادة إذا كان قائدها ربانا ماهرا يعرف كل شيء عن البحر وأصوله وإذا كان طاقمها منضبطا وله من التجارب الشيء الكثير، ستصل بإذن الله إلى بر النجاة لترسو برصيف التقدم.

عبد الرحيم لعبيد فاعل جمعوي في قطاع الصيد البحري

المقال نشر في جريدة الإتحاد الإشتراكي بتاريخ  14 – 09 – 2009

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا