التدابير التحفيزية في قطاع تربية الأحياء المائية: رافعة استراتيجية للتنمية أم ريع؟

0
Jorgesys Html test

بقلم محمد إشبان*

تعتبر التدابير التحفيزية آلية أساسية من آليات السياسة الاقتصادية التي تستخدمها الحكومات لتحقيق أهداف تنموية محددة. وتسعى من خلالها الدولة إلى تحفيز وتوجيه الاستثمارات الخاصة نحو قطاعات استراتيجية أو مناطق جغرافية تحتاج إلى دفعة تنموية. وتتعدد أهداف هذه التدابير لتشمل تشجيع الإستثمارات في قطاعات واعدة، أو إطلاق أنشطة اقتصادية جديدة ذات قيمة مضافة عالية، أو دعم قطاعات تمر بصعوبات كما حدث خلال جائحة كوفيد-19، أو تنمية المناطق المهمشة والنائية، أو توفير فرص العمل وخفض معدلات البطالة. ولا يجب اعتبار هذه الآليات مجرد سخاء، بل هي استثمار عمومي يهدف إلى تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية أكبر على المدى المتوسط والطويل في شكل ضرائب متزايدة، وفرص عمل جديدة، وتنويع للاقتصاد، وتحسين للميزان التجاري من خلال تقليص الواردات أو زيادة الصادرات.

في المغرب، فقد تحولت للأسف النظرة إلى الدعم والإعانات والتدابير التحفيزية في أذهان الكثيرين لتصبح مرادفة للريع والمحسوبية وتبديد المال العام. وقد تعززت هذه النظرة السلبية من خلال تداول وسائل الإعلام مؤخرا لاستفادة سياسي من الأغلبية من دعم حكومي لمشروعه في مجال تربية الأحياء المائية على إثر تصريحات كتابة الدولة على القطاع الوصي، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية. وقد تشكل هذه النظرة السلبية عائقاً أمام تنفيذ سياسات التنمية الاقتصادية، وتخلق مناخاً من التشكيك في أي مبادرة حكومية لدعم القطاعات الواعدة والاستراتيجية.

وبعيداً عن الاعتبارات السياسية والمواقف المتباينة حول القضية المذكورة، يهدف هذا المقال إلى تناول موضوع التدابير التحفيزية من زاوية تقنية واقتصادية بحتة. فالغاية ليست تبرير موقف أي طرف أو إضفاء الشرعية على ممارسات معينة، بل تسليط الضوء على آليات المواكبة والتحفيز باعتبارها أدوات تنموية معتمدة عالمياً، مع التركيز على قطاع تربية الأحياء المائية كنموذج. وسنحاول من خلال هذا المقال إثبات أن هذه التدابير، عندما تكون مصممة ومنفذة بشكل جيد، لا ينبغي اعتبارها “ريعاً” أو امتيازاً غير مستحق، بل آلية مشروعة وفعالة للسياسة الإقتصادية، شريطة أن تكون محكومة بمعايير أهلية واضحة، وشروط صارمة، وإطار زمني محدد، وحوكمة شفافة.

يتمتع المغرب بإمكانات هائلة في مجال تربية الأحياء المائية بفضل واجهتين بحريتين يبلغ طولهما أكثر من 3500 كيلومتر، وتنوع بيولوجي غني، وخبرة متراكمة في قطاع الصيد البحري وتثمين المنتجات البحرية. ويمكن لهذا القطاع أن يلعب دوراً محورياً في تحقيق الأمن الغذائي، وتنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل في المناطق الساحلية سواء المتوسطية والأطلسية. غير أن تطوير تربية الأحياء المائية يتطلب استثمارات كبيرة في منشآت التربية، اليرقات وصغار الأسماك، وأنظمة التغذية، والتكوين والتدريب، وهي استثمارات غالباً ما يصعب تعبئتها دون دعم وتحفيز، خاصة في المراحل الأولى من تطوير القطاع. وهنا يأتي دور التدابير التحفيزية كرافعة أساسية لإطلاق دينامية تنموية في هذا المجال الواعد.

وتستخدم الحكومات في مختلف أنحاء العالم مجموعة متنوعة من الأدوات التحفيزية لدعم قطاع تربية الأحياء المائية: أولها الإعانات المباشرة للاستثمار (حوافز الاستثمار)، وهي مساعدات مالية مباشرة تقدم للمستثمرين لإنشاء أو توسيع مزارع تربية الأحياء المائية وفق شروط ودفاتر تحملات مضبوطة. فعلى سبيل المثال، قدمت اليونان في ثمانينيات القرن الماضي إعانات بنسب تتراوح بين 20% و50% من تكلفة المشاريع الاستثمارية، بينما وضعت تونس منذ عام 1988 إطاراً تحفيزياً يشمل منحة استثمارية بنسبة 15% (ترتفع إلى 20% في المناطق ذات الأولوية) للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجال. تمكن هذه الإعانات من خفض التكلفة الأولية على المستثمر وتساعد على توجيه المشاريع نحو مناطق أو أنواع أسماك ذات أهمية استراتيجية.

كما تشمل هذه الأدوات التخفيضات والإعفاءات الضريبية، حيث يزيد تخفيف العبء الضريبي من جاذبية القطاع للمستثمرين. قد تشمل هذه التدابير إعفاءات من ضريبة الدخل أو الشركات خلال السنوات الأولى من النشاط، أو خفض الرسوم الجمركية، أو تعليق ضريبة القيمة المضافة على معدات تربية الأحياء المائية المستوردة أو المنتجة محلياً. في تونس، منح قانون تشجيع الاستثمارات إعفاءً من ضريبة الشركات لمدة 5 سنوات للمزارع في مناطق معينة، فضلاً عن تخفيض الرسوم الجمركية إلى الحد الأدنى القانوني.

أما النوع الثالث فهو القروض الميسرة والدعم المالي غير المباشر، حيث يعد الوصول إلى التمويل أمراً حاسماً لمربي الأحياء المائية، لذلك تقوم العديد من البلدان بدعم أسعار الفائدة أو تقديم قروض بأسعار تفضيلية. على سبيل المثال، تدعم تونس أسعار الفائدة بمقدار 4 إلى 5 في المائة للمشاريع في المناطق ذات الأولوية، مما يقلل بشكل كبير من تكلفة الائتمان للمستثمرين. كما توجد آليات مثل صناديق ضمان القروض، حيث قدمت تونس مثلا دعماً يغطي 80% من متطلبات المساهمة الشخصية للشباب المستثمرين في المجال.

وهناك أيضاً دعم الإنتاج والتشغيل، حيث تقدم بعض الدول دعماً مباشراً للإنتاج في شكل منح مالية مرتبطة بالكميات المنتجة. ففي تركيا التي أنشأت منذ عام 2003 نظاماً للمنح المرتبطة بإنتاج أسماك الاستزراع، كان مربو بعض الأصناف السمكية بتلقون 0.65 ليرة تركية لكل كيلوغرام (مع سقف 250 طن سنوياً)، وتُخفض المنحة إلى النصف فوق هذا الحد. كما قدمت تركيا منحاً أعلى لتشجيع تربية أنواع أخرى من الأسماك أو لتشجيع أنظمة التربية المغلقة (تصل إلى 1.5 ليرة تركية للكيلوغرام).

وأخيراً، تمثل الاستثمارات العامة في البنى التحتية والبحث العلمي حوافز مهمة غير مباشرة. ففي فيتنام، على سبيل المثال، تم إطلاق برنامج وطني شامل لتنمية تربية الأحياء المائية للفترة 2021-2030، يشمل تحديث أكثر من 50 منطقة ذات أولوية ومراكز تفريخ، بميزانية عمومية تقدر بنحو 7000 مليار دونغ (حوالي 300 مليون دولار أمريكي) مخصصة للبنى التحتية ومشاريع الدعم.

وتقدم التجارب الدولية أمثلة واضحة عن فعالية التدابير التحفيزية المحكمة في تطوير قطاع تربية الأحياء المائية. فقد جعلت تونس من تربية الأحياء المائية أولوية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي لتنويع اقتصادها البحري، حيث وضع قانون تشجيع الاستثمارات لعام 1988 ثم 1993 إطاراً مواتياً للمستثمرين في المجال، شمل تخفيضات في أسعار الفائدة، ومنح استثمارية بنسبة 15-20% من قيمة المشروع، وإعفاءات ضريبية مؤقتة، وإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية على المعدات المستوردة. هذه التدابير شجعت مستثمرين من قطاعات أخرى (الصناعة، السياحة) على الدخول في تربية الأحياء المائية، وأدت إلى تطوير قطاع تصديري إلى أوروبا.

أما تركيا فقد أصبحت في غضون عقدين أحد الرواد في تربية الأحياء المائية في البحر المتوسط، بفضل سياسة طموحة تجمع بين الاستثمارات العامة والإعانات المستهدفة. في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، قدمت الحكومة التركية إعانات مباشرة للإنتاج بهدف زيادة حجم وتنافسية تربية الأحياء المائية الوطنية. كما استخدمت تركيا حوافز لإعادة توطين المزارع: فلمواجهة تضارب إستخدام السواحل من قبل قطاعات أخرى (السياحة)، شجعت الوزارة نقل المزارع البحرية إلى مناطق بعيدة عن الشاطئ من خلال دعم المزارع المعنية وخفض رسوم إيجار المجال البحري. وسمح هذا الدعم بإعادة تنظيم القطاع في مواقع جديدة أقل تضارباً دون المس بنمو القطاع.

وغالباً ما تُذكر فيتنام كنموذج ناجح لتنمية تربية الأحياء المائية، حيث انتقلت من تربية تقليدية في التسعينيات إلى أحد أكبر مصدّري المنتجات المائية عالمياً (الروبيان، سمك البانغا) في غضون عقدين. فقد رافقت السلطات الفيتنامية هذا التحول من خلال برامج استراتيجية وحوافز موجهة. وركز البرنامج الوطني لتنمية تربية الأحياء المائية 1999-2010 والاستراتيجيات اللاحقة على توسيع مساحات تربية الأحياء المائية (خاصة في دلتا ميكونغ) من خلال توفير البنية التحتية (السدود، القنوات، الكهرباء) وجذب الاستثمارات الخاصة.

وتمثل النرويج حالة خاصة حيث تحقق نجاح تربية الأحياء المائية (خاصة سمك السلمون الأطلسي) مع قدر قليل نسبياً من الإعانات المباشرة، لكن بفضل إطار عام مستقر ومبتكر. في السبعينيات والثمانينيات، عندما ظهرت صناعة السلمون النرويجية، دعمت الحكومة القطاع من خلال برامج البحث والتطوير ونظام محكم لتراخيص التربية. بدلاً من دعم الإنتاج، ركزت النرويج على مسألة التراخيص الأولية، التي كانت محدودة العدد تم منحها بتكلفة منخفضة لرواد الأعمال المحليين، مما خلق فرصة عمل جذابة. مع مرور الوقت، ارتفعت قيمة هذه التراخيص وأتيحت إمكانية بيعها وتوزيع حصة مهمة من عائدات بيع التراخيص وضريبة الإنتاج الجديدة على التجمعات الساحلية من خلال صندوق تربية الأحياء المائية.

ولكي تكون التدابير التحفيزية فعالة وتتجنب تحولها إلى مجرد “ريع”  ينبغي توفر الشروط التالية:

أولاً، الاستهداف الدقيق: يجب توجيه التحفيزات نحو أهداف محددة وقابلة للقياس، كتخصيص أعلى مستويات الدعم للشركات الناشئة أو التقنيات المستدامة الجديدة، بدلاً من تقديمها لجميع المنتجين دون تمييز. فقد تبنت تركيا هذه الالية من خلال مضاعفة المنحة للأنواع الجديدة وتربية الأحياء المائية في نظم مستدامة ، بهدف تحفيز الابتكار. كما تربط بلدان أخرى المساعدات بالحصول على شهادات الجودة أو تنفيذ تدابير بيئية، مما يضمن أن المال العام يشجع الممارسات الجيدة.

ثانياً، الدعم المشروط: ربط المساعدات بمعايير أداء واضحة (بيئية، صحية، إنتاجية) والتزامات محددة في دفاتر تحملات دقيقة. على سبيل المثال، ربطت بعض الدول الإعفاءات الضريبية بتنفيذ تدابير بيئية، مما دفع المربين إلى اعتماد تقنيات أكثر احتراماً للنظم البيئية. هذا الربط بين الحوافز والأداء يضمن أن الدعم العام لا يوجه إلى ممارسات غير فعالة أو ضارة.

ثالثاً، التحديد الزمني: يجب تصميم التحفيزات كتدابير مؤقتة أو تنازلية مع مرور الوقت، لتشجيع القطاع على الاعتماد على نفسه بمجرد بلوغه مرحلة النضج. على سبيل المثال، يفرض الاتحاد الأوروبي أن تتناقص مساعدات الدولة عندما تنمو الشركة إلى ما بعد حجم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. فيما لم تمنح النرويج إعانات تشغيل مستمرة لمزارع السلمون بمجرد استقرار القطاع في التسعينيات، تاركة لها مواجهة السوق – مما شجع التنافسية والكفاءة. وينبغي أن تلعب المساعدة دور محفز مؤقت بدلاً من دعامة دائمة.

رابعاً، الشفافية والحوكمة الجيدة: يجب أن تشمل برامج الحوافز آليات للتقييم الدوري لتأثيراتها (عدد الوظائف التي تم إنشاؤها، الأحجام الإضافية، ربحية المزارع، التأثيرات البيئية، وما إلى ذلك). وينبغي أن تكون المعايير واضحة ومنصفة،. على سبيل المثال، حددت تونس فئات للمشاريع (أ، ب، ج) مع مستويات مساعدة مرتبطة بحجم المشروع وملف المروج، مما يؤطر عملية المنح.

وعندما تكون التدابير التحفيزية مصممة ومنفذة بشكل جيد، فإنها تحقق عدة نتائج إيجابية:

ففي معظم البلدان السالفة السالفة الذكر، ساهمت الحوافز العامة في نمو متسارع لإنتاج تربية الأحياء المائية. فقد شهدت تركيا تضاعف إنتاج بعض الأصناف عدة مرات بعد إدخال المنح بالكيلوغرام في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، مما مكنها من أن تصبح مصدراً رئيسياً إلى الاتحاد الأوروبي في غضون سنوات قليلة. وبالمثل، تمكنت تونس من إنشاء قطاع تصدير لسمك الدرعي (Bar) والزريقة (Dorade) إلى أوروبا بفضل حوافز قانون الاستثمار الخاص بها. وتجاوزت فيتنام وإندونيسيا بشكل كبير أهداف الإنتاج للعقدين 2000-2010، مما وضع فيتنام كثالث مصدر عالمي للمنتجات المائية (الروبيان، البانغا) في العقد الثاني من القرن الحالي.

كما أن للإعانات الرأسمالية والمزايا الضريبية تأثير مهم، حيث تجعل العديد من المشاريع مربحة أو قابلة للتحقيق بشكل أسرع. ففي اليونان، على سبيل المثال، جعلت المساعدات بنسب عالية المشاريع قابلة للتمويل البنكي والتي لم تكن لتكون كذلك بدون دعم، مما جذب حتى المستثمرين من خارج قطاع صيد الأسماك. في تونس، وسعت سياسة الحوافز قاعدة العاملين في تربية الأحياء المائية، بما في ذلك الشركات الزراعية الصناعية أو السياحية التي انفتحت أيضا على هذا المجال.

وتستهدف العديد من الحوافز مناطق محددة (المناطق المهمشة، المناطق الساحلية) وساهمت في خلق وظائف محلية وتنمية مناطق كانت سابقاً قليلة الإنتاجية. ففي النرويج، ضخت مشاركة عائدات التراخيص من خلال صندوق تربية الأحياء المائية موارد مالية كبيرة في 143 بلدية ساحلية في عام 2024، مما مول المشاريع المحلية وعزز القبول الاجتماعي لتربية الأحياء المائية. وفي إندونيسيا وفيتنام، قدم ازدهار تربية الروبيان في مناطق حقول الأرز المالحة فرص دخل جديدة لمئات الآلاف من المزارعين الساحليين، بدعم من المساعدات الحكومية.

كما شجعت الإعانات المشروطة تحسينات في الممارسات وتعزيز الاستدامة. على سبيل المثال، تستخدم إسبانيا والنرويج وهولندا مساعدات محددة لتعزيز الاستدامة (أنظمة مستدامة، الأمن البيولوجي، تخفيض النفايات). وحفزت تركيا المزارع على الانتقال إلى مواقع أكثر ملاءمة بيئياً (بعيداً عن الشاطئ) من خلال تعويض هذا النقل مالياً، مما قلل من التلوث الساحلي وتضارب الاستخدام للسواحل.

في الختام، تُظهر التجارب الدولية أن التدابير التحفيزية العمومية، عندما تكون مصممة ومنفذة بشكل جيد، يمكن أن تكون محفزاً فعالاً لتنمية تربية الأحياء المائية، شريطة أن تكون هذه التدابير ذات معايير محكمة ومصحوبة برؤية طويلة المدى. ويمكن الجزم أن التحفيزات العمومية ليست “ريعاً&” عندما تكون مستهدفة، مشروطة، محدودة زمنياً، وشفافة. وفي هذه الحالة، تصبح أدوات فعالة للسياسة الاقتصادية، تساعد على تجاوز عقبة ارتفاع تكاليف الاستثمار الأولي وتوجيه القطاع نحو أنماط إنتاج مستدامة.

إن النقاش حول استفادة مستثمر معين (سياسي أو غير سياسي) من هذه التدابير يجب أن يتم في إطار مدى احترام المعايير الموضوعية والإجراءات الشفافة المحددة سلفاً، وليس من منطلق تشكيك مبدئي في كل التدابير التحفيزية. فكثير من الدول، من تونس إلى النرويج مروراً بفيتنام، استطاعت تحويل هذه الأدوات إلى رافعات حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

على المغرب أن يستفيد من هذه الدروس والتجارب الدولية لتطوير منظومة تحفيزية فعالة ومنصفة وشفافة، قادرة على إطلاق إمكانات قطاع تربية الأحياء المائية الواعدة في البلاد. وبدلاً من تشويه سمعة هذه الآليات واعتبارها مجرد وسيلة للريع، ينبغي التركيز على تحسين حوكمتها وإدارتها لضمان أن تخدم المصلحة العامة وليس مصالح فئة محددة.

ففي عالم تزداد فيه المنافسة على الأسواق العالمية، وتتفاقم فيه تحديات الأمن الغذائي، لا يمكن للمغرب أن يتخلى عن أدوات السياسة الإقتصادية التي أثبتت فعاليتها عالمياً. بل يجب عليه أن يطورها ويحسن استخدامها، مستفيدا من الممارسات الجيدة التي أثبتت نجاحها دوليا، مع تكييفها حسب خصوصيات القطاع بالبلاد. وبذلك فقط يمكن تحويل الإمكانات الطبيعية الهائلة للمملكة في مجال تربية الأحياء المائية إلى ثروة حقيقية تساهم في التنمية المستدامة والشاملة.

إن التحفيزات العمومية، عندما تُصمم وتُدار بحكمة، ليست استنزافاً للمال العام، بل هي استثمار استراتيجي يعود بمنافع اقتصادية واجتماعية على المدى المتوسط والبعيد تفوق بكثير تكلفته المباشرة. يجب العمل على أن تُسترجع هذه الصورة في النقاش العمومي المغربي، بعيداً عن التجاذبات السياسية الظرفية. فالأمر يتعلق بأداة تنموية حاسمة ينبغي استخدامها بذكاء لصالح تنمية البلاد، وليس بامتياز أو ريع ينبغي محاربته.

* محمد إشبان خبير ومستشار دولي في مجال الصيد البحري وتربية الأحياء المائية

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا