في سياق بحري استثنائي يتسم بكثافة الحركة والملاحة البحرية المرتبطة بالصيد ، تزامنا مع موسم الأخطبوط الذي يعرف تحرك كثيفا لسفن الصيد والمراكب والقوارب لاسيما بالمصيدة الجنوبية، وجهت خلية الإرشاد البحري بميناء أكادير نداءً إلى كافة الربابنة بمختلف أصنافهم—من الصيد الساحلي إلى الأعالي والتقليدي—للالتزام الصارم بقواعد الملاحة الآمنة.
ويحمل هذا النداء، الذي جاء بتوقيع من المرشد البحري الرامي طيرة، بعدًا توعويًا ومهنيًا يهدف لتفادي الحوادث البحرية، التي غالبًا ما تكون نتائجها مأساوية، في ظل انعدام الرؤية أو الإزدحام الشديد. ويستند التنبيه إلى اتفاقية منع التصادم في البحر (COLREG 1972)، التي تُعد المرجع الدولي الأول في تنظيم سلوك السفن في الحالات البحرية المختلفة.
وشدد المرشد البحري على أن “ضباب البحر… خطر كامن” مسجلا أن في حال انعدام الرؤية أو ما يُعرف بـ”الرؤية المقيدة” بسبب الضباب أو الغبار البحري، توصي الاتفاقية باتباع سلوك صارم ووقائي، حيث تنص القاعدة 19 على ضرورة، الإبحار بسرعة آمنة، تسمح بالتحكم الفوري في المركب وتفادي المخاطر. وإبقاء المحرك في وضع استعداد تام لتغيير المسار بسرعة عند الحاجة. مع تشغيل الرادار بانتظام لرصد أي مركبة أخرى، مع تقييم مبكر لاحتمالات التصادم.
كما دعا المرشد البحري إلى العمل على الاستماع لإشارات الضباب الصوتية، خاصة عند صدورها من الاتجاه الأمامي، واتخاذ قرار فوري بتقليل السرعة أو حتى التوقف التام إذا لزم الأمر. كما تمت التوصية بإلغاء فكرة أحقية المرور، لأن الجميع مطالب في حالة الضباب الكثيف، باتخاذ الإحتياطات دون افتراض أن الآخر سيبتعد أو يفسح المجال. يقول المرشد البحري الرامي طيرة: “في الضباب، لا توجد أحقية مرور، هناك فقط مسؤولية مشتركة لتجنب الكارثة”.
وخارج ظروف الضباب، وبخاصة في الحالات التي تشهد ازدحامًا في حركة المراكب ، تفرض القواعد الدولية على الربابنة، الحفاظ على مراقبة بصرية وسمعية مستمرة لكل ما يدور في المحيط البحري. وتحديد سرعة إبحار تتلاءم مع الوضع الميداني، بحيث تكون كافية للتوقف أو المناورة عند الحاجة. مع تجنب التغييرات البطيئة وغير الواضحة في الاتجاه، واعتماد مناورات حاسمة يمكن للمراكب الأخرى تمييزها بسهولة.
وإستنادًا إلى تجارب ميدانية، يقدم المرشد الرامي طيرة جملة من النصائح العملية من قبيل ضبط سرعة الإبحار مُسبقًا إذا كان الضباب متوقعًا، ويحذر من الإنتظار إلى حين الدخول في المنطقة الخطرة. حيث وجب إعمال خاصية التتبع التلقائي في الرادار (CPA/TCPA). واستعمال أنوار الملاحة، مع تكرار إصدار الإشارات الصوتية للضباب كل دقيقتين على الأقل. كما أوصى المؤطر المخضرم ، بضرورة جعل المركب مرئيًا بالرادار، خاصة إن كان الأمر يتعلق بقيادة قارب صغير، حيث لا يمكن الإتكالية عبر إفتراض أن المركب الأكبر سيبتعد عن القارب ؛ فكل قائد مسؤول عن مركبه وقطعته البحرية. والعمل على استخدم جهاز الاتصال اللاسلكي (VHF) إذا تم الشعور، أن هناك مركبًا آخر يقترب دون وضوح نواياه.
ويشدد نداء خلية الإرشاد البحري على أن موسم الصيد يجب أن يكون فرصة للإنتاج الآمن وليس للمغامرة. فإحترام القواعد البحرية لا ينحصر فقط في الالتزام بالقوانين، بل هو فعل أخلاقي ومسؤولية جماعية لحماية الأرواح والممتلكات. ويضيف المرشد طيرة: “صَيد موفق للجميع إن شاء الله، ولكن بأقل مخاطرة ممكنة، فالمركب الذي لا يعود إلى الميناء بسلام، لن تنفعه الحصة ولا الجودة”. وبالتالي فتفادي الاصطدامات البحرية يبدأ من الميناء، عبر التخطيط والحذر، ويُترجم في عرض البحر من خلال التطبيق الصارم لقواعد السلامة البحرية. ووسط تحديات متزايدة في القطاع، تبرز مثل هذه التوجيهات كعلامة نضج ووعي في صفوف المهنيين المغاربة.