يشهد قطاع تسويق السمك الصناعي بآسفي اختلالاتٍ عدة، تُعكّر انسيابية العمل بالميناء، حيث تظهر العشوائية في مختلف مراحل التسويق، وتخلق حالة من الفوضى الشاملة، خصوصًا عندما ترتفع وتيرة تفريغ الأسماك وتصبح الكميات كبيرة. هذه الفوضى تعود في أساسها إلى عدة عوامل، أبرزها تدفق الشاحنات التي تحوّل الميناء إلى مستودع مؤقت للنقل، مما يفاقم من الاختناقات المرورية ويعيق حركة العاملين.
ويُعتبر تواجد الشاحنات داخل الميناء لفترات طويلة أحد أكبر أسباب الإزدحام. فبعد تحميل الأسماك، يتوجب عليها المغادرة مباشرة باتجاه الأسواق، إلا أن الكثير من الشاحنات تظل في الميناء، مما يُعيق حركة العاملين ويؤدي إلى شلل جزئي في سير العمل. هذا الوضع يعكس نقصًا واضحًا في التنظيم والتوجيه داخل الميناء ويعزز الفوضى في أوقات الذروة.
من أبرز الظواهر التي تُفاقم مشكلة العشوائية في التواجد الكبير للشاحنات ، هي “البيع الثاني” داخل الميناء، حيث يُعاد بيع السمك مباشرة بعد البيع الأولي، ما يُعد خرقًا صريحًا للقوانين المعمول بها. فبدل مغادرة الشاحنات فورًا نحو الأسواق، يتم إعادة تداول الأسماك داخل الميناء، ما يؤدي إلى استغلال مساحة غير مخصصة للتسويق، وتتحول إلى سوق محلي غير رسمي. إذ يعكس هذا الوضع غياب الرقابة الفعّالة في تطبيق القانون ويؤثر على شفافية المعاملات التجارية. كما غياب سوق للبيع الثاني بحاضرة المحيط يكرس هذا الوضع العشوائي الذي يؤثر على سمعة الميناء، ما يهددالاستثمارات ويحاصر نشاط التجار والمستثمرين المحليين.
وبالنظر إلى أهمية القطاع السمكي بآسفي كونه أحد القطاعات الحيوية بالمدينة، فإن الفشل في معالجته يُؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي وعلى معيشة العديد من الأسر التي تعتمد عليه. لدى ومن أجل تحسين أوضاع تسويق السمك بآسفي، يجب تعزيز الرقابة داخل الميناء لتطبيق القوانين بصرامة، بما في ذلك حظر “البيع الثاني” وضبط أوقات دخول وخروج الشاحنات.
لذلك فإعتماد سياسة إصلاحية يمر عبر تحديث البنية التحتية لتسهيل الحركة وتنظيم الشاحنات في أماكن مخصصة بعيدًا عن مرافق العاملين. وإطلاق حملة توعوية لتحسيس التجار والسائقين بأهمية التنظيم وانعكاساته على استمرارية القطاع واستقراره. مع ضمان مشاركة الفاعلين المحليين في وضع استراتيجية شاملة لتطوير القطاع وضمان الاستدامة.
ويبقى تسويق السمك الصناعي بآسفي مجالاً يتطلب التزامًا جماعيًا، من كافة الفاعلين لإصلاح الوضع وتطوير القطاع. إذ من الضروري العمل على استراتيجياتٍ واضحة وطويلة الأمد، تحترم القوانين وتضمن شفافية المعاملات التجارية، مما يُسهم في خلق بيئة اقتصادية مستقرة ومزدهرة تعود بالنفع على مختلف المتدخلين الذي وجب أن يبلغ صداه سكان المدينة.