في خطوة وُصفت بالتحول التاريخي على صعيد السمك الصناعي بآسفي، شهد ميناء الصيد البحري بالمدينة اليوم الجمعة انطلاق العمل الرسمي بنظام المزايدة الرقمية داخل مكتب الفرز، كأول تجربة من نوعها على المستوى الجهوي، ضمن مشروع وطني طموح يروم رقمنة مساطر تسويق المنتوجات البحرية وتعزيز النزاهة وتكافؤ الفرص بين كافة الفاعلين في القطاع.
ويأتي هذا الورش الرقمي في سياق استراتيجية وطنية تشرف عليها كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري ، وتهدف إلى عصرنة سلسلة التسويق البحري بالموانئ، عبر تحديث أدوات التدبير، وتقليص هامش التدخلات اليدوية، وضمان شفافية المعاملات التجارية المرتبطة ببيع المنتوجات البحرية في مرحلتها الأولى.
ويعتمد النظام الجديد على شاشات رقمية متصلة بقاعدة بيانات محينة، تتيح للمشترين والمهنيين التقدم بعروضهم بشكل فوري وشفاف، مع تسجيل كل عملية بيع بشكل لحظي وآلي. إذ سيسهم هذا التوجه في تحسين تدبير الوقت، وضبط سير عمليات المزايدة، ويوفر أرضية متكافئة لجميع المتدخلين، بعيداً عن التأثيرات الشخصية أو التدخلات التي كانت تُطرح في السابق.
ورحب فاعلون مهنيون بهذه المبادرة، مؤكدين أنها ستعزز مناخ الثقة داخل السوق، وستُساهم في تثمين المنتوجات البحرية وتحقيق أسعار عادلة، ما ينعكس إيجاباً على مداخيل البحارة، خاصة وأن النظام يضمن توثيق كل المعاملات بدقة وشفافية، وهو ما كان يفتقده السوق التقليدي في كثير من الأحيان.
وفي تعليق لأحد الفاعلين في قطاع الصيد البحري، وصف النظام الرقمي بأنه “ثورة هادئة في قطاع التسويق”، معتبراً أن المزايدة الرقمية تشكل نموذجاً أكثر ديمقراطية، لكونها تُقصي الاحتكار وتمنح فرصاً متساوية للتجار الصغار والمتوسطين، الذين كانوا يواجهون صعوبات في ولوج دائرة المنافسة بسبب هيمنة بعض الشبكات التقليدية.
كما أن الرقمنة تُسهم في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة داخل مكاتب الفرز، وتُعيد رسم صورة أكثر مهنية لميناء آسفي، الذي يُعد من أبرز موانئ الصيد الساحلي بالمملكة، خصوصاً في ما يتعلق بصيد السردين والأسماك السطحية الصغيرة.
ويعول الفاعلون المهنيون على هذه الخطوة في رفع المردودية الاقتصادية للموانئ، وضمان الشفافية في سلاسل القيمة، وتعزيز المراقبة الفورية للعمليات التجارية، مما يحد من التلاعبات ويُعيد الثقة للمهنيين والمستهلكين على حد سواء.