بقلم : عمار الحيحي*
أسدل الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط شمال بوجدور منذ ثلاثة أسابيع ستاره، حيث أن الكوطا التي حددها القرار الوزاري إكتملت في عموم الدوائر البحرية بل منها من إكتمل قبل نهاية الموسم بأسابيع.
بعد نهاية الموسم هرع المجهزون والأطقم إلى مكاتب المحاسبين، لتقييم الحصيلة، لكن المفاجئة التي شخصيا لا أراها مفاجئة بل تحصيل حاصل حيث أنها كانت هزيلة بل كارثية بكل المقاييس، بسبب قيمة فاتورة الكازوال التي فاقت كل التوقعات. وإلتهمت القسط الأوفر من مبيعات المراكب فقط 8 في المائة من المراكب تقريبا من كانت حصيلتها متوسطة. وهذا إستثناء والإستثناء لا يقاس عليه كما يقال.
إن المتأمل للوضع الإستثنائي الذي يعيشه أسطول الصيد بالجر في الساحل الوطني، يصاب بالإحباط والتقزز عندما يرى كيف وضع من تسيدوا غصبا التمثلية المهنية، مسألة إنتزاع قرار إستئناف الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط شمال بوجدور، وجعلوا منها مسألة حياة أو موت، وأعتبروها فتحا مبينا، سيحل المعضلة الإجتماعية لآلاف البحارة، وسيخفف من وطأة إلتزامات المجهزين، لكن للأسف الشديد لا شىء حصل من ذلك إلا النزر القليل..
فمنذ أسبوعين أصدرت مديرية الصيد وثيقة تتضمن مقترحات لتفعيل مبدأ الزونينك، وإن كنت شخصيا أوافق على الزونينك من حيث المبدأ، لكنني أتحفظ تماما على التفاصيل المحددة في هذه الوثيقة، التي تحمل صفة الإقتراحية من سبيل، صغر الرقع الجغرافية للوحدات المقترحة، وتحديد 6 عقد بحرية فما فوق من اليابسة كمجال لنشاط الصيد بالجر.. لكن السؤال الذي يطرحه الجسم المهني، سواءا من يوافق على تنزيل الزونينك أو من يعارضه، هل قام صناع القرار والهيئات المهنية التي تستشار في هكذا قضايا، على توفير الآليات والميكانيزمات لتنزيل هذا الورش النموذجي، الذي يرونه كحل سحري لمعيقات وتطور الأسطول الوطني للصيد بالجر أم لا..؟
من وجهة نظري المتواضعة، فإن قرار إستئناف الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط شمال بوجدور يومه 15 يوليوز لمدة شهرين، في ظل التكاليف الفاحشة لرحلات الصيد، كان قرارا خاطئا بالمرة و يتحمل مسؤوليته من جيّشَ المهنيين لهذا المطلب، وكأن عمر المراكب وآلاف البحارة شهرين فقط..! فالإدارة الوصية كانت تدرك تمام الإدراك منذ سنتين، أنها عازمة على تنزيل َورش الزونينك رغم ترددها في ذلك، فكيف أغفلت تحسيس المهنيين بهذا الورش الهام، الذي لن يكتب له النجاح إلا بالتضحيات الجسام للمهنيين مجهزين و بحارة و مرتفقين..
إن المعضلة الإجتماعية تحصيل حاصل في ظل الغلاء الفاحش، الذي يرخي بظلاله على نشاط الصيد بالجر سواء أ مارس الأسطول الوطني نشاطه سواءا توقف… ألم يكن حريا و صوابا بمن تسيدوا التمثيلية المهنية، مطالبة دوائر القرار براحة بيولوجية طويلة الأمد، إسوة بنظرائهم في الصيد بأعالي البحار من شهر أبريل الماضي حتى شهر دجنبر القادم، ومن ثم تنزيل مبدأ الزونينك، وتقليص مجهود الصيد بسلاسة مطلقة، حيث بكل تأكيد ستتعافى جميع المصايد بالساحل الوطني..؟
فكيف سنقنع من يمارس نشاطه في المياه الشمالية للمملكة بالزونينك، ومعظم المصايد بهذه المناطق أصابها الدمار و الخراب؟ فالإستثمار في بناء مركب ليس إستثمارا ظرفيا لمدة شهرين بل إستثمارا لعشرات السنين. أليس فيكم رجل رشيد ؟
*عمار الحيحي ربان صيد في الصيد الساحلي بالجر ومدون وناشط مدني في قطاع الصيد