حالة من الترقب والإنتظار تطبع الساحة المهنية على مستوى قطاع الرخويات، في ظل التطورات التي يعرفها ملف الإتهامات المتبادلة بخصوص ما اصبح يعرف بصراع الكبار، الذي وصلت تفاصيله للقضاء ، الذي يواصل تحقيقاته في هذا الملف المتشعب، في أعقاب الإعترافات التلقائية الصادرة عن بعض الفاعلين بخصوص معاملات بالملايير، قيل أنها تعود في عمومها للأخطبوط المهرّب طيلة سنوات مضت.
فواقع الحال يقول اننا في مغرب الجدية التي تتطلب إقران المسؤولية بالمحاسبة ، خصوصا وأن الرأي العام المغربي تابع عن كثب التطورات التي عرفها ملف تذاكر المونديال، والتي عرفت تطورات في غاية الحساسية بعد إدانة مسير رياضي، هو في ذات الآن نائب برلماني وتاجر متخصص في منتوجات الصيد البحري ، إلى جانب صحفي على مستوى إحدى الإداعات الخاصة المهتمة بالرياضة بالحبس النافذ، في إنتظار سقوط رؤوس جديدة في ذات الملف.
هذه التطورات القضائية جعلت فاعلين مهنيين في قطاع الصيد يتساءلون عن قضية الأخطبوط، التي حضيت بنقاش واسع على مستوى الداخلة ، خصوصا وأننا أمام إعترافات تلقائية ، حتى وإن كانت هناك رائحة تصفية الحسابات تزكم الأنوف من هذه الإتهامات، تستهدف جهات بعينها في دائرة الإستثمار والمال والأعمال، التي لا تعد وليدة اليوم، وإنما تعود جدورها لسنوات تماشيا مع حرب المصالح. لكننا أمام قضية من شأن الخوض في تفاصيلها وإمتداداتها بالجدية اللازمة، الإطاحة بمجموعة من الرؤوس في إتجاه إنصاف مصيدة الأخطبوط، التي عانت طيلة عقد من الزمن من الفوضوية ، حيث تراجعت هذه المصيدة حد الإندثار رغم الإصلاحات الكبرى والتضحيات الجسام، التي قدمها الفاعلون المهنيون مند سنة 2004.
أحد المهنيين المتتبعين لهذا الملف قال للبحرنيوز، أن الإعترافات التي يقدمها فاعلون ومتنتسبون على الرغم من خطورتها يجب وضعها في سياقها العام والخاص، وعدم الوقوف عند حدود ظاهر الأشياء، وإنما وجب تتبع خيوطها لأننا في بلد الحق والقانون، معلقا على الأمر بمثل ساخر “إتفقوا عندما كانوا يسرقون وتخاصموا عندما أرادو أن يقتسمون”، مبرزا في ذات السياق أن قضية تهريب الأخطبوط كانت غامضة في كثير من أسرارها، لكن اليوم المهربون هم من يفضحون هذه الأسرار، في ظل الحرب الباردة القائمة بين الرؤوس الكبيرة الفاعلة في قطاع الرخويات، بالنظر لقيمة المعاملات المحاصرة بالملايير .. حيث بات لزاما تكليف الفرقة الوطنية بهذا الملف الضخم. ومن دون شك المتورطون ليس من نشاهدهم حتما في واجهة الأحداث، وإنما الأمر يتعلق بفاعلين كبار في مواقع متشعبة من المسؤولية على المستوى الجهوي والوطني .
إلى ذلك كشفت جهات عليمة أن الجهات المختصة تتابع الوضع عن كتب في إنتظار ما ستفرزه التحقيقات ، لأن ما يتداول اليوم يبقى مجرد فرقعات يروج لها البعض لحاجة في نفس يعقوب تماشيا مع الصراعات المفتوحة بين المتدخلين، ما لم تقضي المحكمة بإدانة هذا الطرف وذاك، مبرزا أن وثائق المعاملات المالية، هي اليوم في مرحلة الخبرة والتحقيقات جارية في الملف ، حيث أن إدانة الأضناء، وحدها هي من تدفع الجهات المتدخلة والمهتمة بتنصيب نفسها مطالبة بالحق المدني، فيما يطالب الفاعلون الوزارة الوصية على قطاع الصيد بإيفاذ لجنة تفتيشية، للتدقيق الإستباقي في ما يتم تداوله على المستوى المحلي ، والخروج عن صمتها ، لاسيما وان الإتهامات هي تمتد لمصالح هذه الوزارة، وهو المعطى الذي كان على الأقل يتطلب الخروج ببلاغ توضيحي في الموضوع.
ذات الجهات أكدت للبحرنيوز أن قبل سنة من الآن تم إحصاء قرابة 1200 قارب صيد تقليدي غير قانوني ظلت تنشط بالمنطة لسنوات “على عينك يا بن عدي”، يحركها مجهزون وفاعلون ومسؤولون وتجار .. وهي قوارب ظلت تنشط خارج إطار قطاع الصيد ، تستبيح المصايد بشكل غير قانوني وبغطاء محلي على مستوى الرعاية والتحكّم. ورغم التحقيقات التي تم فتحها في الموضوع، لم يعرف الرأي العام الوطني مآل هذه التحقيقات المنجزة في هذا الملف أو الإطاحة بالرؤوس المدبرة في دائرة المسؤولية على مستوى التحقيق ، بل إختارت الجهات المختصة التعامل مع الملف بصمت مريب ، خصوصا وان هذه القوارب شكلت تهديدا حقيقيا للمصايد المحلية، تحت مسميات مختفية وراء حساسية المنطقة.
أن السؤال العريض تفيد ذات الجهات ، كيف كانت تدبّر مصطادات هذه القوارب التي كانت تتدفق بالأطنان بشكل يومي، وكيف تصبح بقدرة قادر مؤهلة للتداول والتصدير دون سند قانوني. فهذه الوضعية الشادة كان لا بد أن تنتج عنها مصطادات غير قانونية ، وبالتالي فالتعاطي معها وشراءها من طرف وحدات التجميد، كان يتم تحت ضمانات معينة، خصوصا وأن أحد أرباب الوحدات أكد “بالعلالي” أن شراء أخطبوط التهريب هو أمر قائم، يتم يتوجيهات نافذة متعددة المشارب حفاظا على إستقرار المنطقة، فكيف نحصر الظاهرة اليوم في التجارة غير القانونية للأخطبوط ككبش فداء، في وقت ظلت مئات القوارب تمخر المياه بشكل غير قانوني وتبيع مصطاداتها “عاين بابين” بالكوشطات، وتنقل مصطاداتها جنوبا وشمالا متجاوزة مختلف حواجز المراقبة .. وهي الليونة التي حفزت ثلة من البحارة والمجهزين في التخلي عن قواربهم القانونية لصالح الإشتغال والإستثمار في قوارب غير قانونية.
ذات المصادر أكدت للبحرنيوز أننا اليوم أمام وضعية في غاية التعقيد ، لأننا أمام ملف متشعب، ظل يتداخل فيه الإقتصادي والإجتماعي والسياسي طيلة المرحلة الماضية، لكن لن يقبل أحد اليوم بأن يتم الترويج لحساسية المنطقة كمصطلح ظل يمثل شماعة لتبرير الريع وقضاء المصالح الشخصية للأفراد ، وهو سلوك قد قطع معه جلالة الملك خلال الخطاب الذي وجهه إلى الأمة، بمناسبة الذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء، حينما أكد جلالته على أن وقت ازدواجية المواقف قد انتهى فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي.
وقال جلالة الملك محمد السادس إنه “وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة، فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن”. وأضاف الملك أن الوقت قد حان حيث “يتعين على كافة السلطات العمومية مضاعفة جهود اليقظة والتعبئة للتصدي بقوة القانون لكل مساس بسيادة الوطن والحزم في صيانة الأمن والاستقرار والنظام العام; الضمان الحقيقي لممارسة الحريات”.