يشهد ميناء أكادير مند عدة أشهر إشكالية كبيرة تجسدت في تقطيع سفن الصيد في اعالي البحار الغير صالحة للملاحة ودلك بالرصيف المينائي على مقربة من ورش إصلاح السفن، وهو ما يطرح الكثير من علامات الإستفهام في علاقة بجانب السلامة والبيئة، وقد عاينت “البحرنيوز” اشغال التقطيع التي تتم، وسط تطاير للأدخنة والإنبعاثاث، فيما وعلى مقربة من ذات السفينة “الخردة”، تواصل قوارب الصيد التقليدي من نوع “السويلكات” تفريغ مصطاداتها وسط صمت رهيب.
وتابعت البحرنيوز كيف أن بحارة الصيد التقليدي يلجؤون إلى إستعمال مياه الحوض بمحاداة السفينة، في المساعدة على طفو الأسماك لتسهيل ملإ السلل ورفعها إلى الرصيف، وكل ذلك يتم على بعد سنتمترات من السفينة التي تخضع للتقطيع، حتى ان الرياح الغربية كانت تدفع في إتجاه إختلاط الأدخنة المنبعثة من عملية التفكيك، بالأسماك الموجهة نحو سوق الإستهلاك في مشهد يثير الإشمئزاز. فيما أكدت مصادر، أن عملية التقطيع في الرصيف الشمالي لمربع الصيد أضحت أمرا عاديا، بعد أن كانت عملية التفكيك قد طالت سفينة خردة في وقت سابق.
فعمليات التقطيع هاته وحسب القوانين المنظمة لأستغلال الموانئ يجب أن تصاحبها مجموعة من الترتيبات المرتبطة بالسلامة، وبعيدا عن القطع البحرية المختلفة، وهو ما يبدو مغيبا، بعد أن عاينت “البحرنيوز” غياب أدنى شروط السلامة من قبيل الأسيجة والحواجز وطفايات الحريق، خاصة وأن تفكيك الخردة يتم عن طريق عملية القطع باللهب (Flame Cutting). ناهيك عن كون مرتادي الرصيف يمرون بمحاداة السفينة وسط حديث عن غياب مسافة الآمان التي من الواجب ان تسيج الأشغال. لأن الرصيف يعرف حركة دؤوبة، لا تكاد تتوقف في أوساط المارة، من مهنيي الصيد وتجار وفاعليين مينائيين. حيث يتساءل المهنيون عن دور الوكالة الوطنية للموانئ في تفعيل الرقابة من خلال معاينة “الورش” ومدى مطابقته وإستجابته لشروط الترخيص؟ وهو ما لم يكتب له التفعيل على أرض الواقع لأسباب غير مفهومة لحد الآن.
كما تساءل المهنيون عن ماهية الضمانات المقدمة من طرف شركة الصلب التي تشرف على عمليات التفكيك فيما يخص احتياطات الإستعمال ذات العلاقة بالسلامة وحماية البيئة، ووسائل التدخل المتاحة عند نشوب حريق أو وقوع حوادث شغل في عين المكان؟ خاصة إدا علمنا أن نظام إستغلال ميناء أكادير، لم يتحدث عن تقطيع وتفكيك السفن المنتهية الصلاحية بالرصيف المينائي أو بالأحواض المينائية التي تعرف تركز أنشطة الصيد، وهو ما يطرح الكثير من علامات الإستفهام حول قانونية هذا النوع من العمليات بالحوض المينائي، لما لدلك من تأتير على الإضرار بمنشآت الميناء، أمن الأشخاص والممتلكات، والبيئة البحرية للميناء.
ومن المتعارف عليه أن تفكيك السفن يتم عقب انتهاء عمر السفينة الافتراضي، حيث يتم تخريدها وبيعها لشركات الحديد والصلب وهي تجارة رابحة حسب المتتبعين، إذ يتم استخراج النحاس والحديد والألمينيوم وغيرها من الأشياء. لكن هذا النوع من الخدمات يجب أن يتم بعيدا عن الحوض المينائي الذي يستقبل مفرغات الصيد. لاسيما وان الميناء يتوفر على أوراش قابلة ومؤهلة لإحتضان هذا النوع من الخدمات، التي تكتسي طابعا خاصا، وتحتاج للكثير من التدابير العقلانية، لما لدلك من تأثير على السلامة و البيئة البحرية.
ويرى كثيرون أن إجراء عمليات التقطيع بالحوض لسفن أصبحت خارج الخدمة، وفي إتصال مع مياه البحر، هو أمر مرفوض وغير مقبول بتاتا، والتساهل معه يجب أن تقدم بشأنه مجموعة من الضمانات البيئية، لكون هذا النوع من العمليات يهدد البيئة المينائية، من خلال عمليات تكسير وتقطيع السفن داخل المياه، وهو ما يؤدي إلى تسرب مواد ضارة وسامة بالبيئة، كما انه وعند التقطيع قد يصادف الأفراد الذين يمارسون هذه المهام بعض المواد الملوثة، الناجمة عن قِدَم السفينة، ويتم التعامل معها بشكل عشوائي، مما يتسبب في إحداث أضرار بالبيئة البحرية.
وتتجه الأنظار إلى دخول مشروع قانون 71.18 الذي يتعلق بشرطة الموانيء حيز التنفيذ، والذي يواصل تسلق مراحل التشريع، للدفع نحو وضع حد لمثل هده التجاوزات المرتبطة بتقطيع الخردات البحرية بالأحواض المينائية، التي تخل بالنظام المينائي، لاسيما وان مشروع القانون، يرمي إلى إحداث شرطة عاملة بالموانئ المغربية، ستكون من بين المهام المنوطة بأعوانها، اتخاذ كافة التدابير التي تكفل الحفاظ وحماية الموانئ والأرصفة، والمنشآت التابعة لها، وكذا صيانة الأمن والسلامة في مجموع الموانئ المغربية.
وتعد عملية تفكيك السفن أو هدم السفن (Démolition) واحدة من الطرق الرامية للتخلص من السفن المنتهية الصلاحية عبر تفكيكها وتحويلها لأجزاء، بحيث يمكن بيعها لإعادة استخدامها كقطع غيار، أو لاستخراج المواد الخام. هذا في وقت بدأ البعض يتجه إلى الإنتصار لإغراق السفن المنتهية الصلاحية في مياه البحر العميقة، لإنشاء شعاب اصطناعية بعد الإزالة القانونية للمواد الخطرة.
لنا متابعة في الموضوع…