تواصل وزارة الصيد البحري سياستها التشاورية بإطلاق سلسلة من اللقاءات التواصلية، مع التمثيلية المهنية، لتعميق النقاش حول أصناف الصيد، في أفق تجميع الخلاصات التي سيتم إستثمارها في إعداد إسترتيجة أليوتيس 2. حيث عمدت الوزارة الوصية إلى توزيع الأصناف على ورشات، بمعدل ورشة في اليوم، لمنح الفرصة للتمثيلية المهنية للتعبير عن مشاغلها وإنتظاراتها، بخصوص مستقبل السياسة القطاعية في العشرية الحالية في أفق 2030.
ودشنت هده اللقاءات في مرحلتها الجديدة، بورشة مع مهني ومصنعي وتجار الأسماك السطحية الصغيرة إحتضنها مقر المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2020 بمشاركة مجموعة من الفاعلين، سواء بمكان الورشة، أو عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد . وهو اللقاء الذي عمل فيه المتدخلون على تقديم مجموعة من الخلاصات والأراء بخصوص تقييمهم للنسخة الأولى من أليوتيس، وكذا الحث على معالجة التحديات التي أفرزتها المرحلة الماضية في أي تخطيط للمستقبل.
وقال عبد الرحيم الهبزة فاعل مهني ومستثمر في قطاع الأسماك السطحية الصغيرة في حديث مطول للبحرنيوز، أن هذه اللقاءات تبقى إيجابية في ظل إنفتاح الإدارة الوصية على الفاعلين المهنيين، والإستماع لهم من أجل إشراكهم في وضع تصور لمستقبل القطاع ، مبرزا في ذات السياق أن قطاع الأسماك السطحية الصغيرة يعد من أبرز القطاعات، من حيث اليد العاملة والأسطول والإنتاج، بما يرافقه من وحدات صناعية وصادرات مهمة وعملة صعبة تضخ في خزينة البلاد .
وأضاف عبد الرحيم الهبزة أن التوجه العام لمداخلات المهنيين، قد صبت في إتجاه ضمان إستدامة المصايد، بتعزيز المراقبة وإرفاقها بالمزيد من القوانين الزجرية لزجر المخالفين، بما يضمن إحترام الكتلة الحية، وتجاوز الممارسات التي ظلت تشكل هاجسا للإصلاح خلال المرحلة الماضية، هذه الآخيرة التي أسست لعهد جديد في قطاع الصيد، بتقوية الجانب القانوني وإعتماد مخططات إستطاعت اليوم أن ترفع قيمة القطاع وتحفز الإستثمار داخله .
وسجل نائب رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى أن إشكالية التسويق لازالت تطرح الكثير من التحديات، ما يحتاج لصياغة إسترتيجية تسويقية تواكب التطور الذي عرفه الإنتاج ، من حيث الجودة. فقد بدل الفاعلون المهنيون مجهودات كبيرة على مستوى الإستثمار، وكذا سلسلة الإنتاج، إنطلاقا من الصيد وصولا للتسويق، من إعتماد صناديق بلاستيكة ، والإستعانة بمادة الثلج، وتحسين فضاء الإشتغال. غير أن هذه المجهودات لم تواكبها سياسة تسويقة، تضمن تحفيز المكونات المهنية، على تطوير أدائهم وتحسين مدخول المكون البشري، خصوصا البحارة. هؤلاء الذي أصبحوا اليوم يبدلون مجهودات مضاعفة، لكن مدخولهم لايزال محدودا، ولا يرقى إلى تطلعاتهم الإجتماعية.
ولم يخفي المصدر المهني تدمره من البنيات التحتية المينائية، إذ أكد في ذات السياق، أنه من غير المعقول أن يبدل الفاعلون المهنيون مجهودات خرافية، من أجل تحسين جودة الإنتاج ، وإستقطاب أسماك على درجة عالية من الجودة، ليصطدم المركب بغياب بنيات تحتية مينائية، تمكنه من الولوج لتفريغ مصطاداته في وقت قياسي. حيث يجد نفسه مضطرا بميناء كالعيون، لانتظار فترة من الزمن قد تمتد لساعات طويلة. وهو ما يحيل الأسماك التي كانت ستجد وجهتها نحو التصبير، على معامل دقيق السمك .
إنها بالفعل يقول المدير العام لمجموعة الهبزة القابضة المتخصصة في النقل والصيد البحري، خسارة لمختلف المكونات المهنية . فواقع الحال أصبح في حاجة لموانئ تراعي خصوصيات الصيد، وتفسح المجال للإبداع والجودة، بما يعنيه ذلك من سياسة تسويقية تضمن تثمين المنتوج من جهة، والتشجيع على الإستدامة من جهة ثاني. فالبيع بأثمنة جيدة سيكون له الأثر الإيجابي على أطقم الصيد، ومعه التفكير في إستدامة المصايد، من خلال رفع شعار “نصطاد أقل ونبيع بأثمنة أكبر” .
ونبه الفاعل المهني في تصريحه لجريدة البحرنيوز، إلى أن الأوراش المغربية المتخصصة في صيانة إصلاح مراكب الصيد، بدورها تبقى في حاجة لتطوير أدائها وتعزيز وظائفها بتقنيات جديدة، ورافعات من المستوى المطلوب، تضمن صيانة المراكب والحفاظ على سلامتها، وكذا سلامة أطقمها. لأن عصرنة أسطول مراكب الصيد الساحلي صنف السردين، تحتاج لنوع من المواكبة تدفع في إتجاه إطالة عمر هذه المراكب وتحسين أدائها.
فالإسترتيجية الجديدة يشير الهبزة، يجب أن تلتفت لأوراش الإصلاح والصيانة، وقبلها صناعة السفن بإمتداداتها المختلف، لكون هذا القطب يحتاج لتوجه جديد على مستوى الإستثمار، فواقع الحال بالمغرب يؤكد حاجة البلاد لأوراش لصناعة وإصلاح السفن من الجيل الجديد، يعزز تنافسية المغرب كبلاد إختار التوجه الصناعي برا وجوا. فهل يأتي الدور على صناعة السفن، لتظفر بحظها ضمن الأجندة الصناعية للبلاد التي تراهن على الإقتصاد الأزرق ؟