أمام أجهزة المحاكاة، تقف فتيات يرتدين بافتخار البدل المدرسية الزرقاء الرائعة، وكلهن حماس للإبحار في مناطق ملاحية ضيقة وضحلة، في ظل ظروف مناخية عادية.
يتعلق الأمر هنا بالتلميذات -ضباط المدرسة الملكية البحرية بالدار البيضاء، اللواتي لا يشتت تركيزهن أي عنصر خارجي، ويراودهن طموح واحد يتمثل في إكمال مهمة رسو السفينة بنجاح، مع احترام قواعد القطر.
وهكذا، ولى زمن كانت فيه وظائف النساء تقتصر على الأعمال المكتبية (الإدارية والطبية والاجتماعية) في صفوف البحرية الملكية. فاليوم ، أضحت بصمة النساء تمس جميع القدرات التقنية والتشغيلية على متن الوحدات القتالية .
وقد تحقق هذا المنعرج الهام مع افتتاح أبواب المدرسة البحرية الملكية لتوظيف أول ضابطات سنة 2014، واختيار مركز تكوين البحرية الملكية ، للعنصر النسوي في سلك ضباط البحرية سنة 2015.
فخورة ، على غرار بقية رفيقاتها ، بالخدمة تحت راية البحرية للقوات المسلحة الملكية ، قالت سلمى رضوان التلميذة الضابطة ، في السنة الرابعة ( الاجازة ) ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء ” من خلال تكويننا في المدرسة الملكية البحرية ،اعتدنا على المجال البحري مع تعزيز معارفنا ” . فجميعهن يدركن أنهن يواجهن “تحديا كبيرا” ، لكنهن مصرات على رفعه ، وذلك بفضل التكوين الصارم والجيد الذي يتلقونه في هذه المدرسة المرجعية.
وينقسم الجزء النظري من التكوين إلى عدة مواد من قبيل الملاحة والملاحة الفلكية والمناورات والحساب البحري ، بينما يشمل الجزء التطبيقي ، على وجه الخصوص ، الخرجات البحرية ، والأعمال التطبيقية للمعدات العملية و دروس المحاكاة ، والتي تسمح لهن بالتدريب في القيادة البحرية عبر تمارين تطبيقية .
كما أنهن خضعن للتكوين في مجال أنظمة الاتصالات و المعلوميات وأنظمة الرادار و الرصد والأنظمة الطاقية والكهربائية و الحرارية. فبين الدروس ودورات التعاطي مع الأسلحة ، يُطلب من التلاميذ الضباط يوميا قضاء ساعتين في القاعة الرياضية من أجل الاستعداد البدني.
وأشار الكولونيل ماجور سعيد زباخ ، مدير المدرسة الملكية البحرية إلى أنه منذ إطلاق تكوين التلميذات الضباط ، تخرج فوجين من الإناث عامي 2018 و 2019 “، موضحا أنهن يخضعن لتكوين مماثل لنظرائهن الذكور على المستويات العسكرية والأكاديمية والمهنية.
وقال “نحن سعداء حاليا بجودة وأداء هؤلاء الضابطات من حيث الانضباط العسكري وكذلك في قدرتهن على التكيف مع المواقف المختلفة”.
والملاحظ أن النتائج المحصل عليها من قبل التلميذات الضابطات مشرفة للغاية ، لكونها غالبا ما تضاهي تصنيف جميع الأفواج ،وبالتالي ، يتم إرسال الأكثر استحقاقا بانتظام إلى الخارج للمشاركة في المعابر الدولية في العديد من البلدان.
وأعربت فاطمة العبادي ، أستاذة التواصل في المدرسة الملكية البحرية ، عن ارتياحها “لتجربتها المهنية المثمرة كأستاذة مدنية للتواصل داخل مؤسسة عسكرية”. وأبرزت في هذا السياق ، تنوع التكوين الذي تقترحه المدرسة، سواء على المستوى الجامعي، العسكري أو المهني.
ويعكس تواجد الضباط الإناث على متن سفن تدريب أجنبية مرموقة مثل الإيطالية “Amérigo Vespucci” أو “Sagres” البرتغالية ، الدور المتزايد للمرأة المغربية في صفوف القوات المسلحة الملكية عموما، وفي صفوف البحرية الملكية، على وجه الخصوص.
فعلى مدار كل سنة ، يتم تكوين حوالي 50 عنصرا نسويا في مراكز التكوين و التدريب التابعة للبحرية الملكية ، بما في ذلك حوالي عشرين ضابطًا وحوالي ثلاثين ضابطً صف بحري.
حاليا ، يتم إلحاق الضباط الإناث الأوليات ، اللواتي تمت ترقيتهم الى رتبة ملازم ثاني سنة 2018 ، وبعد الحصول على شهادة مهندس دولة في عام 2019 ، على متن السفينة ويمارسن مهنة ضابط مهندس بحري كرئيس قسم على متن مختلف الفرقاطات ، على غرار نظرائهم الذكور.
البحرنيوز: و.م.ع