البحر قبلتنا والبحر غصتنا .. من لا بحر له لا بر له ..!

1
Jorgesys Html test

بقلم عبد اللطيف السعدوني *

البحر قبلتنا والبحر غصتنا ومن لا بحر له لا بر له،  قد يتساءل الكثير ما علاقتنا نحن كمهنيين بهذا المثن الشعري للشاعر المرحوم محمود درويش،  فهو قبلة من حيث حضانته لكل مناحي الحياة البيولوجية والبيئية الطبيعية والإقتصادية والإجتماعية .. وبحرنا بإمتداد شطآنه كفيل بدينه الثقيل علينا أن يحاسبنا ماذا أعطيناه كي يعطينا.

فهو صانع الحياة، بل أكثر من ذلك يتحكم في مصادر الحياة والإستثمار.  فهو ليس فسحة الإستجمام أو فرصة عابرة للسياحة، بقدر ما صنع الحياة بهوائها ورملها وصخرها وموجها وغدائها .. وانطلاقا من هذا الحس الشاعري الوجداني، ينبغي أن نتأمل ونتساءل ونفتحص كل أساليبنا المعمولة ضده استنزافا لكل مظاهر الحياة فيه، فباستأصال ربيعه ونباته ومرجانه، نكون قد قتلنا أكسجين الطبيعة وبيوت السمك، وبإقتلاع رماله وصخره جردناه من طبيعتيه الحقيقية، ليتهالك ويصبح بحرا ميتا .. هي اسئلة تتناسل لتلد آخرى، وكلها ولادة مشروعة لفتح النقاش بصدق، بعيدا عن كل التأويلات والمناوشات والإيديولوجيات، هكذا نفتح ونفضح المسكوت عنه والمدفون في جنازة صامتة كي لا يصبح طابوها.

فلا يغنينا السؤال ولن يطرينا الجواب، مادام بحرنا متوسطا وأطلسيا يخضع لكل اشكال النهب، بل يموت في احتضار ليقتل كل مناحي الحياة . ولعل صوت الموج الصاخب ونظرة البحار الثاقب، ورجاء البسطاء وتفاعل النساء العاملات بالمعامل، ودخان مشاوي السردين وآهات الكادحين.. كلها توجه السؤال تلو السؤال لأصحاب القرار .

بعدها لن نجد عذرا أو ملتمسا للساكتين والمنزوين، والذين يغردون خارج السرب، وكـأن الحال متروك لأهل الحال والأزمة تقطر بالشهد والعسل، غير أنه كل أجراس الخطر تدق والهجرة من الجنوب إلى الشمال بدأت ، تجمع همومها وأحزانها، ونحن مانزال نذكر البحر بحاله القديم، دون افتحاص جروحه وألامه والأيادي الخفية والظاهرة التي جنت في حقه..  أي بحر هذا الذي مازلتم تعولون على خيراته،  وكل مظاهر اللاكترات تحفه فكل السفن بعفنها وجرم وسائل صيدها تجوبه طولا وعرضا إستنزافا، وتسمي ذلك صيدا،  حتى العجلات المطاطية وقوارب السياحة تساهم في الجريمة ونسميه انتعاشا او سياحة!

أما حان الوقت للسؤال كيف نخلق الثروة دون الإجهاد والإجهاض، ودون اللغط والسخط بعيدا عن لغة الإقصاء والتغول، وتسمية الأمور بغير مسمياتها، لنجهر مرة بالصوت والسوط على الإدارة او التعليمة او الغرف او ممثلي المهن، الكل يتكلم ويغرد، ولكن بعيدا عن الحقيقة. وفي هذه القصة الغصة يرقد مضمون، إسمه كفانا إستهتارا بالنعم وتغيبا لقيمة كيفية صناعة الثروة، وتدبيرها وصناعة فرص الشغل، والحياة والإستثمار.. بعيدا عن الإستنزاف والإقصاء، وتقتيل كل مناحي الحياة في البحر، من سمك ورمل وصخر وعشب.. إنها الآفة الخطيرة، التي ستأتي على الاخضر واليابس.

قد يقول البعض أننا نغالي في التوصيف، لكن حرقة الأمل والإنتظار تحمّل الجميع مسؤولية الفراغ والغياب، لنقولها جهرا، البحر قد يهيج بموجه ويثور بصخره، ولكننا لا نسمع انينه .. فليكن هذا اليوم وبعده قصتنا وقبلتنا، لنغير سلوكنا وعلاقتنا المهنية والطبيعية معه .

*عبد اللطيف السعدوني فاعل كنفدرالي في تجارة السمك 

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

تعليق 1

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا