لازال مشروع القانون الجديد المتعلق بتنظيم الصيد البحري، يفرز المزيد من ردود الأفعال في أوساط أزيد من 4000 غطاس يصنف ضمن الصيد الرياضي والترفيهي ، حيث أعلن كثير منهم اعتراضهم على بعض تفاصيل المشروع الجديد، داعين وزارة الصيد ومعها الحكومة إلى مراجعة وتعديل بعض البنود من المشروع، الذي يحمل تغيرات كثيرة للقانون المنظم لقطاع الصيد البحري في المغرب. في هذا الحوار سنقف على بعض أوجه الرفض للمشروع الجديد، وكدا ردود الأفعال التي صاحبت نشر المشروع بموقع الأمانة العامة للحكومة ، حيث يستضيف الزميل سعيد المنصوري في حوار مطول، يونس البغديدي رئيس جمعية أبطال الفنيدق للصيد الرياضي تحت الماء وحماية البيئة التي تضم 60 عضوا مسجلا وأزيد من 500 منخرطا من الغطاسين، المهتمين بالصيد الرياضي او الصيد تحت الماء الذي صنفه المشروع الجديد تحت لواء الصيد الترفيهي.
مرحبا يونس ، قد خلفت مسودة القانون الجديد ردود افعال قوية في صفوف الغطاسين لماذا؟
أولا شكرا لكم على هذه الفسحة التواصلية ، التي نؤكد من خلالها تثميننا لمبادرة الوزارة بتقنين هذا النشاط وإعطائه بعدا قانونيا. وإنتقادنا لبعض ما جاء في المسودة هو من أجل تقوية المشروع ، لا وضع العصا في الرويضة. لدا فقد كان إحتجاجنا يجد تبريره أولا في عدم إشراك هيئات الصيد الترفيهي، سواء تعلق الأمر بالغطس او بالصيد بالقصبة، التي كان إشراكها سيشكل إضافة للمشروع. فقد كان لنا إتصال مع عصب الصيد بالقصبة وجميع الجمعيات التي تمثل الصيد بالغطس، إتضح ان بعض البنود في مسودة القانون غير واضحة ، إلى جانب وجود عقوبات جزرية إكتست مبالغة كبيرة. كما لاحظنا أن هذا المسودة تحتاج للكثير من البنود التنظيمية والتنفيح، لتجنب المشاكل بين الصيد التقليدي والغطاسين، الذين يقتربون من موانئ الصيد وموانئ الترفيه، حيث إقترحنا مجموعة من المقترحات لإغناء هذا القانون. قالغطاس لديه ملاحظات على المشروع و وزارة الصيد مدعوة الى مراجعة وتحيين مجموعة من البنود .
يونس أود أن أطرح سؤال مباشرا يحتاج لجواب مباشر ، ماهي البنود التي شكلت محط خلافكم مع واضعي مشروع القانون الجديد؟
ليس هناك خلاف، بقدر ما هناك بنود إفتقدت للواقعية، خصوصا على مستوى العقوبات، فهذا صيد ترفيهي لايمكن الحديث فيه عن عقوبات بالشكل التي وردت في المشروع الجديد . فوصول العقوبة ل 100 مليون سنتيم وكذا الحبس ، فيه نوع من المبالغة. وهي عقوبة تهدد هذا النوع من النشاط، الذي سيصبح الإقبال عليه بمثابة مجازفة. فقد كان من المفروض أن يتم سلك طريقة أخرى من العقوبات، مع إعمال مبدأ التدرج، كأن يتم سحب الرخصة لمدة شهر تم مدة سنة .. وفي حالة العود تكون هناك عقوبة أكبر.
وإلى جانب العقوبات هناك إشكالية التصريح، التي لم يتم التفرقة فيها بين السفينة والغطاس او القصاب ، فإذا كان الأمر قد يستقر بالنسبة للسفينة الترفيهية، فهو يبقى صعبا بالنسبة للغطاس، الذي عادة ما يقطع مسافات طويلة، تكون بعيدة عن الإدارات المختصة. لدى طالبنا أو إقترحنا الإعتماد على عملية “وسم” الأسماك، ومراقبتها إن إقتضى الحال من طرف حراس السواحل. والوسم كأن يتم قطع جزءا من ديل السمكة، لمنع بيعها. لأن هذا صيد ترفيهي وتمنع فيه المتاجرة في المصطادات. ونحن نراهن على تشجيع هذه الرياضة وتسهيل ممارستها بإعتبارها تشجع إقتصاد المنطقة والنشاط السياحي بها.
ما هي المقترحات التي تقدمتم بها بخصوص المشروع ، وبأي صيغة؟
كما اشرنا في بداية اللقاء فالفاعلون يثمنون خطوة الوزارة في تنظيم هذا القطاع ، لكن قراءتنا للبنود التي تظمنها المشروع هي لا تتماشى مع رياضة الغطس أو الصيد الترفيهي، لدا بادرنا إلى تقديم مذكرة للوزارة الوصية والديوان الملكي والأمانة العامة للحكومة، أكدنا من خلالها أن الصيد الترفيهي يساهم في الترويج الإقتصادي والسياحي بسواحل المملكة. كما يساهم بدرجة كبيرة في حماية البيئة البحرية والثروة السمكية . لدى قدمنا إشارات بضرورة تحديد عدد الأسماك المسموح بصيدها، كما هو الشأن لسمك الميرو. حيث طالبنا بتحديد سمكة واحدة فقط للغطاس ، لايقل حجمها عن 35 سنتمرا، مع إضافة شهر آخر للراحة البيلوجية، وذلك بناء على الدراسة التي قامت بها جمعية أبطال الفنيدق ، والتي خلصت إلى كون الراحة البيلوجية المتداولة حاليا غير كافية . كما إقترحنا تضمين شهادة التكوين في الصيد الترفيهي، وشهادة التكوين في حفظ النفس ، ضمن الشروط المطلوبة في تحصيل رخصة ممارسة الغطس . حتى يتم إغلاق الباب امام المتطفلين ، وكذا جعل الممارسة لرياضة الغطس، تتسم بالوعي والمسؤولية . ونبهنا في ذات السياق إلى ضرورة إبتعاد الغطاسين عن المناطق المحمية، خصوصا في إطار تربية الأحياء البحرية والمزارب المائية والموانئ العسكرية والترفيهية ، إلى جانب عدم التشويش على نشاط الصيد التقليدي والساحلي .
قبل أن أغلق النقاش في هذا الملف دعنا نتحدث عن المنتظر من الفاعلين في مجال الصيد تحت الماء و الغطس البحري في ظل القانون الجديد؟
الكل يعلم أن الصيد تحت الماء هو مكمل للصيد التجاري او الصيد الترفيهي. كما أن الصيد تحت الماء يمكن الإستفادة منه في تنظيف البحر من الأطنان من النفايات، حيث يقوم الغطاسون بإزالتها. ولنا المثال في الكثير من المبادرات التي قادتها الجمعية بمعية شركائها على مستوى السواحل المتوسطية. وهذه مبادرات تنعكس إيجابا على السواحل المحلية. وهنا نفتح القوس لنؤكد انفتاحنا على الفاعلين المهنيين، وكذا الوزارة الوصية في هذا السياق. فواقع الحال يتطلب التعاون وليس التنافر وفتح صراعات مجانية . فإنفتاح الوزارة الوصية على الغطاس وكذا إطارته الجمعوية كجهاز معترف به، سيحقق الكثير لفائدة المجال القطاعي، وكذا التواصل وإستدامة المصايد.
ربما كثيرون يؤكدون على إشكالية الإختصاص في في تحديد المسار المرفعاتي للجمعية وإنتمائها بين قطاع الصيد وقطاع الرياضة وربما حتى البيئة، كيف تتعاطون مع هذه الإشكالية ؟
نعم هي إشكالية مطروحة فوزارة الشباب والرياضة ترفض الإعتراف بنا في ظل ممارستنا لنشاط الصيد حسب تعبيرهم، ونحن صيد رياضي وهذا تدخلهلوزارة الصيد تحت غطاء الترفيه. لكن ما نقوم به هو يدخل في سياق الحفاظ على النفس، وهو امر يدخل في سياق الرياضة، وما يرافقها من برتكول وإستعددات . كما أننا نقوم بالصيد وهو صيد ترفيهي وليس تجاري. والجمعية تؤطر وتواكب الكثير من الأنشطة المهتمة بالبيئة البحرية. وهي كلها معطيات تجعل من الجمعية كثيرة الروافد والمشارب في سياق تنوع الممارسة والأهداف. لدى نحن نطالب الوزارات الوصية، بفتح شق يرتبط بالغطس والصيد تحت الماء كرياضة بحرية، لفسح المجال امام الممارسين لتمثيل المغرب في المحافل الدولية. كما ندعو في ذات السياق إلى توفير قانون يستجيب لتطلعات الممارسين.
الغطاس يعرف ما يجول في أعمال السواحل وبناء عليه ومن زاوية نظركم ماهي الأسباب الكامنة وراء التراجع المقلق للمصايد المتوسطية؟
أول شيئ هناك الصيد الجائر، فبمنطقتنا هناك شباك الترسان، التي يتم وضعها بأمكنة قريبة من الشاطئ أو الكوشطا التي تعد أماكن لتوالد كثير من الأنواع السمكية، لكنها لللأسف تقع في هذه الشباك الخطيرة. وإلى جانب الترسان تبرز إشكالية الثلوث الذي يلعب دورا كبيرا في إنخفاظ الثروة السمكية وتراجع المصايد. فبين مصايد طنجة والحسيمة، تم رصد اكثر من 300 شبكة عالقة في البحر. وهنا نطرح إشكالية الصيد الشبحي. لأن الأسماك تعلق في هذه الشباك فتموت . وهذه جرائم في حق الثروة السمكية ، وهي سلوكيات نحن وثقناها كجمعية. ما يجعلنا نقول بكل مسؤولية، أن الأعماق التي كان من المفروض ان تكون ملاذا أمنا للأسماك، تحولت بالمنطقة إلى مقبرة للأحياء البحرية. إشكالية أخرى لا يمكن القفز عليها، تتمثل في عدم إحترام الراحة البيولوجية للأسماك. نحن نرى الصيد التقليدي يقترب من الموجة. كما رصدنا صيد أسماك ممنوعة مثل الميرو في عز الراحة البيولوجية من طرف صيادين، لاسيما في ظل محدودية الأليات المستعملة في المراقبة. وحتى أصدقك القول فالصيد بالغطس له خروقات. لكنها لن تكون بتلك الدرجة المخيفة المرتكبة من طرف أساطيل الصيد. فالغطاس لن يتجاوز 5 أسماك على اقصى تقدير. لكن مقارنة مع الصيد الساحلي والصيد التقليدي فإن هذين الأسطولين يستهدفان الأطنان من الأسماك، التي تكون محمية بموجب راحة بيولوجية. وعادة ما يتحجج الصيادون بحجة الصيد العرضي والصيد الخطأ. من هنا تبرز مطالبنا الملحة، الداعية إلى تعزيز وتقوية اليات المراقبة.
لكن الغطاس بدوره يتورط في الصيد الممنوع بإستعمال أدوات ممنوعة ؟
دعني أقول لك بأن أهداف الجمعية هي تركز على حماية البيئة البحرية، التي التي تعتبر الموجه الأساسي للأنشطة كالتأطير والتوعية، لأن العديد من الناس يمارسون هذه الهواية بمدن الشمال. والتأطير يشمل الجانب القانوني وكذا الممارسة، والأسماك المستهدفة إلى جانب الراحة البيولوجية. وهي أهداف تراهن على تعزيز الوعي والتحسيس بأهمية إستدامة الأصناف البحريبة . وهنا أفتح القوس لأقول بان قبول عضو منخرط جيد يكون مشروط بعدم مخالفة فلسفة الجمعية ، وتوجيهاتها، وتوقيع تصريح بالشرف يلتزم فيه الغطاس بعدم إرتكاب أي مخالفات في حق البيئة البحرية وكذا المصايد . وقد قمنا مؤخرا بالتشطيب على عضو منخرط بعد ثبوت مخالفته لتوجهات الجمعية بإستعماله ادوت ممنوعة في الغطس والصيد بالسواحل البحرية المحلية . فنحن جمعية مواطنة وواعون بالتحديات التي تواجه السواحل البحرية للبلاد، فالجمعية تهتم أيضا برصد الكائنات البحرية الغريبة وقنادل البحر، كما تتبع الظواهر البحرية وكذالك حالة نفوق الأسماك، التي تتم بتنسيق مع معهد البحث العلمي للبحث في الصيد البحري.
يونس، قبل ان نختم هذا الحوار الذي نشكر لك تفاعلك مع أسئلته، نترك لك المجال في مساحة حرة ، إن كانت هناك من إضافة؟
شكرا من جديد ، فمن حيث الثروة السمكية هناك نداء للوزارة الوصية والوكالة الوطنية لتربية الحياء البحرية، لتسهيل مشاريع تربية الأحياء البحرية. فنحن نلاحظ حاليا ان التنوع والتغيرات المناخية، التي تجتاح المنطقة، وما لها من إنعكاسات على المصايد المحلية وتراجع الأحياء البحرية، يجعل الحاجة ملحة لتنويع المصايد، وصيانتها. لهذا نحن مطالبين اليوم بتبسيط المساطر والتشجيع على الإستثمار في تربية الأحياء البحرية، كبدائل من شأنها التخفيف على المصايد ، وتنويع مصادر الإنتاج. كما نطالب بالتوجه نحو تشجيع الفاعلين المهنيين في قطاع الصيد ، على الإستثمار في السياحة الساحلية، من خلال إعتماد أنشطة بديلة ، تستحضر التحديات التي تواجه المصايد المحلية ، لاسيما في فترات الراحة البيولوجية للأنواع السمكية. كان يتم السماح للبحارة بإخراج السياح في رحلات ترافيهية بأبعاد إيكولوجية على متن قوارب الصيد التقليدي، لمنعهم من الصيد الممنوع. ونحن كغطاسون مستعدون للإنخراط في هذه المشاريع وتقيدم توجيهات في ذات السياق.