في خضم استعدادات المملكة المغربية لاحتضان تظاهرات كبرى خلال هذا العقد، ومنها كأس العالم 2030، تَجدد النقاش حول فكرة “التاكسي البحري” كحل مبتكر ومستدام لتعزيز الربط بين المدن الساحلية وتخفيف الضغط على شبكات النقل الطرقي، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة السياحية العالية.
ويأتي هذا النقاش حول المشروع، بعد تناول تقارير بكون المغرب يفكر في الانضمام إلى صفوف الدول المصنعة للطائرات المروحية الكهربائية “التاكسي الطائر”، وذلك من خلال شراكة جديدة بين شركة “Vertical Aerospace” البريطانية، ومجموعة “Aciturri Aerostructures” الإسبانية، التي تمتلك نشاطًا صناعيًا في المملكة.ا حيث استحودت “أسيتوري” في سبتمبر 2023 على شركة “GOAM Industrie”، المتخصصة في تصنيع مكونات محركات الطائرات بالقرب من الدار البيضاء، مما يعزز من مكانة المغرب كمحور صناعي أساسي في هذا المشروع.
وأعلنت شركة “Vertical Aerospace” بداية الأسبوع الجاري عن توقيع اتفاقية استراتيجية طويلة الأمد مع “أسيتوري” الإسبانية لتصنيع هيكل الطائرة الكهربائية “VX4″، وهي طائرة هجينة للإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL)، صُممت لنقل أربعة ركاب بالإضافة إلى الطيار، بمدى يصل إلى 160 كم وسرعة طيران تصل إلى 240 كم/ساعة.
إلى ذلك ظل مقترح الإستعانة بالطاكسي البحري لتخفيف الضغط على الطرق الساحلية ، لسنوات حبيس رفوف المقترحات، ليعود اليوم ليُطرح بقوة في أوساط المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره جزءًا من دينامية الانتقال نحو اقتصاد أزرق شامل، يُعيد الاعتبار للسواحل المغربية ويدمجها في منظومة النقل الوطني. على الرغم من المخاوف التي يثيرها هذا المشروع لايبما على مستوى السلامة البحرية .
وتعود أولى المبادرات العملية لطرح هذا المشروع إلى جمعية “آفاق الحسيمة”، التي قدّمت سنة 2016 مقترحًا أمام مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة لإطلاق خدمة “تاكسي بحري”، تهدف إلى تعزيز التنمية السياحية وخلق فرص شغل محلية، مستفيدة من البنية التحتية المتوفرة بالموانئ. غير أن غياب القرار السياسي والتفاعل المؤسساتي حال دون تحقيقه، رغم كلفته المنخفضة نسبيًا وإمكانيات تمويله من طرف مستثمرين خواص مهتمين بالمجال.
ويرى الداعمون لهذا التوجه أن سواحل المغرب، خاصة الواجهة المتوسطية، مؤهلة لاحتضان هذا النوع من النقل البحري، على غرار تجارب دولية ناجحة مثل “الحافلات البحرية” و”التاكسي البحري” في مدن متوسطية بأوروبا وآسيا. المشروع لن يحقق فقط هدف النقل، بل سيمنح الركاب تجربة سياحية مميزة، مما يُعزز جاذبية المدن الساحلية.
في ظل تراجع أنشطة الصيد التقليدي، يمثل هذا النوع من المشاريع فرصة لتنويع الاقتصاد المحلي، وإدماج مهنيي البحر في دورة اقتصادية جديدة. كما أن اعتماد وسائل نقل بحرية صديقة للبيئة ينسجم مع التوجهات الوطنية لمكافحة تغير المناخ وتخفيف انبعاثات الكربون. حيث يراى مناصرو المشروع أن عودة النقاش حول “التاكسي البحري” اليوم، هو يتطلب جرأة مؤسساتية، ورؤية استراتيجية تربط بين متطلبات المستقبل وحاجيات التنمية المحلية، في إطار مغرب متجدد يُعيد اكتشاف سواحله كرافعة اقتصادية وتنموية.