يضطلع التكوين والبحث العلمي بدور محوري في الارتقاء بقطاع الصيد البحري ، لكونهما دعامتين أساسيتين للنهوض بهذا القطاع ، خاصة بالنسبة لبلد كالمغرب المطل على واجهتين بحريتين مترامية الأطراف تمتد على مسافة 3500 كلم .
من هنا تأتي مساهمة كل من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالدار البيضاء ومراكز التأهيل المهني البحري ، بمختلف ربوع المملكة في النهوض بأنشطة وخدمات أسطول الصيد الوطني وذلك حتى يستجيب إلى أرقى المعايير ، سواء تعلق الأمر بمجال الصيد في أعالي البحار أو الصيد الساحلي أوالصيد التقليدي.
فبفضل الجهود المتضافرة بين هذه العناصر المتكاملة بمعية باقي الشركاء يمكن تحقيق التدبير المعقلن والمستدام للقطاع بشكل يضمن المحافظة على البيئة والثروة السمكية ونمائها ويجنب مخزونها خطر زيادة الضغط والاستغلال المفرط خاصة لبعض الأنواع المهددة بالانقراض أو ذات القيمة التجارية العالية، والتي يمكنها أن تدر على البلاد نصيب أوفر من العملة الصعبة .
وفيما يخص الشق المتعلق بالتكوين يرى السيد محمد بغري مدير مركز التأهيل المهني البحري بالدارالبيضاء ، أن مراكز التكوين تسعى إلى مواكبة التطورات التي يشهدها القطاع من خلال بلورتها للاستراتيجية المعتمدة من طرف الوزارة الوصية ، وذلك إسهاما في دعم قاطرة تنمية الاقتصاد الوطني.
وأوضح في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء ، أن ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال الأطر العليا وفرق العمل البيداغوجي التي تتوفر عليها هذه المراكز مقدمة تكوينات متطورة ذات مضامين عصرية تتلاءم مع سوق الشغل في قطاع الصيد البحري، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي.
وذكر السيد بغري، في هذا الصدد، أن هذه المراكز يرجع لها الفضل في تزويد القطاع باليد العاملة المؤهلة بكفاءات ضرورية لقيادة وصيانة سفن الصيد البحري على الصعيد الوطني، فضلا عن تكوينها لأطر عليا متخصصة أساسا في معالجة وتثمين مختلف موارد الصيد البحري .
وأضاف أن من مهام هذه المراكز، فضلا عن التكوين، تقديم حصص الإرشاد والتحسيس لفائدة البحارة الصيادين في مجالات عدة بما فيها الإغاثة والإنقاذ البحري وتوفير شروط السلامة والنجاة بالبحر وكذا مكافحة الحرائق، وسبل تقديم خدمات الوقاية و الإسعافات الأولية.
ولضمان استمرارية القطاع تقوم مراكز التأهيل المهني البحري أيضا بإعداد المزيد من الطاقات الشابة في تخصصات متنوعة تستجيب لآخر ما استجد في عالم البحر والمهام المتصلة به، وذلك لتمكينهم من اقتحام سوق الشغل بسهولة.
وفي ما يخص الشق المتعلق بالبحث العلمي، فالمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، انطلاقا من دوره المحوري في إنتاج المعرفة العلمية والابتكار، أعد خطة برسم سنة 2022 يراد من ورائها مضاعفة الرحلات البحرية العلمية، معبئا في هذا المنحى نحو 138 مليون درهم لتمويل مشاريع في البحث العلمي واستثمارات جديدة.
وتشمل هذه خطة، على ضوء ما تداولته أشغال المجلس الإداري للمعهد ، العديد من مشاريع البحث والتطوير الرامية إلى تنويع العرض المغربي المتعلق بتربية الأحياء المائية وبتحويل وتثمين المنتجات البحرية .
كما يراهن من خلال برمجته العلمية والتقنية لهذه السنة على تعزيز أنظمة الملاحظة والإنذار أخذا بعين الاعتبار المخاطر التي تهدد التنمية المستدامة للقطاع ، والمرتبطة بتأثيرات تغير المناخ على المحيطات والموارد السمكية، إلى جانب الآثار التراكمية للضغط البشري المتعددة الأشكال على المجالات البحرية والساحلية الوطنية.
وفي هذا السياق، فإن خطة العمل العلمية والتقنية للمعهد ترتكز على برامج التتبع و الرصد للصيد البحري، للبيئة، للصحة ، وللصحة الحيوانية، بالإضافة إلى مجموعة من مشاريع البحث العلمي التي تهدف إلى الإجابة على القضايا العلمية المتعلقة بسير عمل النظم الإيكولوجية البحرية، وكذا عوامل تغير الموارد البحرية على المدى القصير والطويل.
هذه البرامج ستؤدي إلى مضاعفة الرحلات البحرية العلمية من أجل دراسة ومراقبة المزيد من الأنواع والمناطق مع رفع وثيرة التتبع والرصد.
تعتمد خطة العمل ايضا على التطوير الفعلي للبنى التحتية للبحث للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، التي تم إنجازها خلال السنوات الأخيرة بما في ذلك سفينة الأبحاث الأوسيانوغرافية الجديدة، ( océanographique )، والقارب الأوسيانوغرافي، والمحطتين التجربتين لتربية الأحياء المائية وكذا المنصات التحليلية في علم الجينات والكيمياء والتكنولوجيا الحيوية المرتقب اقتناءها لاحقا من طرف المعهد.
وشكل اللقاء أيضا فرصة سانحة لعرض الإجراءات المستقبلية المزمع اتخاذها مثل تنزيل النموذج الجديد لتدبير أسطول البحث، ومواصلة نظام الاعتماد لجميع المختبرات العلمية والتقنية، وتوطيد سياسته المتعلقة بتنظيم وإدارة الموارد البشرية .
كما أبرز المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري حالة تقدم إنجاز العديد من المشاريع المبتكرة التي لا تهدف فقط تحسين وتعزيز التفاعلات وتبادل المعلومات مع الفاعلين والصيادين، بل أيضا تثمين الإنتاج العلمي وتنويع الموارد المالية بهدف تخفيف الضغط على ميزانية الدولة وذلك تماشيا مع التوجهات المالية العمومية واقتراحات الوزارة الوصية.
البحرنيوز : و.م.ع ( إعداد رشيد العمري )