أثارت التصريحات الأخيرة لممثلي تجار السمك عقب الاجتماع الذي انعقد يوم الأربعاء الماضي بمدينة الدار البيضاء، حول أزمة الصناديق البلاستيكية، ردود فعل قوية في أوساط المهنيين، وفتحت باب الخلاف مجدداً بين المكونات المهنية للتجار والمجهزين، خصوصاً بعد امتناع كنفدراليتين عن التوقيع على محضر الاجتماع رغم مشاركتهما الفعلية في صياغة توصياته.
ورغم وصف الاجتماع بـ”الاستراتيجي والهام” بالنظر إلى الأزمة المتفاقمة التي يعيشها قطاع الصيد البحري على مستوى تدبير الصناديق، إلا أن الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة، والكنفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة، امتنعتا عن التوقيع على المحضر الرسمي، وذلك لأسباب تراوحت بين المطالبة بتوسيع دائرة التشاور، والاعتراض على بعض مضامين التوصيات.
وفي هذا السياق، وصف كمال صبري، رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية ، هذا الموقف بـ”غير المسؤول”، مشيراً إلى أن الهيئتين المشاركتين ساهمتا بشكل فعّال في صياغة التوصيات المدرجة بالمحضر. وقال صبري: “لا يمكننا تعطيل ورش إصلاحي حيوي بسبب تحفظات ضيقة، في وقت يستدعي الظرف اتخاذ قرارات جريئة لمعالجة أزمة خانقة تهدد استمرارية نشاط الصيد”.
وأضاف صبري أن تسع هيئات مهنية وقعت على المحضر من أصل 11 هيئة شاركت في اللقاء، مبرزاً أن القطاع لا يمكن أن يبقى رهيناً لحسابات أقلية، خصوصاً في ظل تأزم الوضع، حيث تعاني العديد من الموانئ من نقص حاد في الصناديق البلاستيكية، مما يضطر مراكب الصيد إلى التوقف الاضطراري ويفوّت عليها فرص الخروج في رحلات بحرية.
وأكد المتحدث أن الاجتماع جاء لتصحيح العديد من الاختلالات التي تشوب منظومة تداول الصناديق، وتم الاتفاق مبدئياً على أن يتحمل كل من المجهزين والتجار مسؤولية اقتناء حصص خاصة من الصناديق، إلى جانب مساهمة المكتب الوطني للصيد، بهدف توسيع العرض وتفادي الأزمات المتكررة.
وهي توصية يؤكد الفاعل الكنفدرالي ، فرضها غياب أي مؤشر أو نية من طرف الجهات المانحة لتمويل إقتناء صناديق جديدة ، ما يعقد الوضع ، ويؤكد أن أي تأخر هو مجرد مضيعة للوقت. وبالتالي فانخراط المجهزين والتجار في إقتناء و إمتلاك صناديقهم الهاصة هو توجه يكتسي طابع الإلحاح. ولضمان استمرارية المنظومة الجديدة، تم التوافق على اعتماد ضمانة مالية تتراوح بين 30 و60 درهماً عن كل صندوق، تُستخلص في حال فقدان أو تلف الصناديق، وذلك لتأمين عملية التداول وضمان تعويض الخسائر.
وشدد صبري على ضرورة انخراط كافة المتدخلين في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة، التي ستعود بالنفع على المهنيين، مطالباً بتجاوز الحسابات الضيقة والعمل على استمرارية النشاط المهني، لا سيما وأن القطاع مقبل على ورش إصلاحي كبير يرتكز على تفعيل نظام المزايدة (الدلالة) في تسويق الأسماك السطحية، انطلاقاً من شتنبر 2025.
وحسب معطيات اطلعت عليها “البحرنيوز”، فقد تم في المحضر الإشادة بالمجهودات المبذولة وبالنتائج المحققة، مع تسجيل غياب ميزانية لاقتناء صناديق موحدة إضافية، ما يستدعي التنسيق بين مختلف الأطراف لإيجاد حلول فورية لمشكلة الخصاص. واتُفقت أغلبية الهيئات المشاركة في الإجتماع على ضرورة تسقيف عدد الصناديق حسب نشاط كل مهني، مع إلزام كل مجهز وتاجر باقتناء حصته مرة واحدة، بشكل يتناسب مع حجم نشاطه، وذلك لضمان الاستقرار في نظام التداول.
أما بالنسبة لبواخر الصيد بالخيط والجر، فسيتم تعزيز مخزون الصناديق الموحدة عبر مساهمات مباشرة من المجهزين والتجار، مع فرض ضمانة مالية (30 درهماً للصناديق الصغيرة، و60 درهماً للكبيرة) تُستخلص بعد 15 يوماً من تسلّم الصناديق دون إرجاعها، مع إلغاء المحاضر القديمة التي كانت تنظّم هذه العملية. كما تم اقتراح مراجعة رسوم خدمة تنظيف الصناديق، وضبط آجال الإرجاع.
وفيما يخص بواخر صيد الأسماك السطحية، تم الاتفاق على الاستمرار في استعمال الصناديق الحالية (حسب كل جهة)، على أن يتكفل مجهزو المراكب بتوفيرها. كما جرى التأكيد على ضرورة تعميم البيع بنظام المزايدة بداية من شتنبر 2025، مع إلزام التجار بتوفير الضمانات المالية الكافية لضمان الأداء وتسوية المستحقات.
كما تم التأكيد على إخضاع الصناديق البلاستيكية لنظام تسقيف الكميات حسب الأصناف، وإدماجها في المنظومة المفتوحة بعد عملية البيع، مع الدعوة لفتح نقاش وطني من أجل تحديد نموذج موحد لبواخر الأسماك السطحية في أجل لا يتجاوز ثمانية أشهر.