الحسيمة .. رصد نوع بحري غير مألوف في السواحل المحلية يثير قلق الباحثين

0
Jorgesys Html test

أعلنت جمعية “ميرو” للغوص والبيئة والرياضات المائية مؤخرا عن رصد غير مسبوق بسواحل الحسيمة لسمكة بالون من نوع “Canthigaster capistrata”، فيما وصف المشهد بأول ظهور موثق لهذا النوع الغازي بالبحر الأبيض المتوسط. فالسمكة التي تستوطن عادة مياه الكاريبي والمحيط الأطلسي الشرقي، لم يسبق أن سُجّل حضورها بهذه المنطقة وفق ذات الجمعية ، ما جعل الواقعة تستنفر الباحثين والمهتمين بالشأن البيئي والبحري.

وبحسب تقرير الجمعية، فقد جرى توثيق السمكة خلال عمليتي غوص متتاليتين في 16 و19 غشت المنصرم، حيث تمت معاينة عينات حية والتأكد من هويتها في إطار متابعة الجمعية للأنواع الغازية. وأكد التقرير أن جامعيين وباحثين متخصصين في التنوع البيولوجي البحري قاموا بالتحقق من المعطيات، واعتبروا الاكتشاف خطوة نوعية في تتبع الكائنات الغازية التي أخذت في التوسع بمياه المتوسط. كما شددت “ميرو” على أن نجاح عملية الرصد جاء بفضل التعاون مع عدد من الشركاء، في ما يعكس أهمية المقاربة التشاركية في حماية التنوع البيولوجي البحري.

وتُعرف سمكة البالون بامتلاكها مادة “تترودوتوكسين” السامة، التي تخزنها في جلدها وأعضائها الداخلية، وهي مادة تكتسي طابع الخطورة. ويُرجع الخبراء هذه السمية إلى بكتيريا تكافلية داخل جسم السمكة، وهي خاصية تُسجّل كذلك في كائنات أخرى مثل الأخطبوط ذي الحلقات الزرقاء وبعض الرخويات والبرمائيات السامة.

ويأتي هذا الاكتشاف في سياق تنامي النقاش العلمي حول الأنواع الغازية التي تهدد السواحل المغربية، إذ ما فتئت نداءات ترتفع في السنوات الأخيرة مطالبة بتعزيز البحث وتطوير آليات المراقبة واتخاذ التدابير الوقائية للحفاظ على ثراء النظم البيئية البحرية. فقد خلصت دراسة حديثة أنجزها فريق من العلماء المغاربة والدوليين، ونشرت في مجلة متخصصة في علوم البحر الأبيض المتوسط، إلى أن المياه المغربية تستضيف ما لا يقل عن 46 نوعاً وافداً و15 نوعاً مرشحاً للتوسع، فيما تم تسجيل 12 نوعاً مؤكداً من الكائنات الغازية.

وبحسب الدراسة نفسها، فإن الغالبية الساحقة من هذه الكائنات (35 نوعاً) توجد في البحر الأبيض المتوسط، مقابل 16 نوعاً في المحيط الأطلسي. كما بينت أن المتوسط المغربي يُعتبر موطناً لنسبة 77% من المقيمين الدائمين مقارنة بـ69% في الأطلسي، وهو ما يفند السجلات غير الرسمية التي كانت تحصر النسب في 25% بالأطلسي و20% بالمتوسط.

أما من حيث الأصناف، فقد تصدرت الكائنات النباتية القائمة بـ19 نوعاً، تلتها الرخويات والمحاريات (8 أنواع)، ثم القشريات (7 أنواع)، فاللواسع الشبيهة بقناديل البحر (5 أنواع)، والأسماك (3 أنواع)، إلى جانب التونيكاتا (نوعان)، فيما تم تسجيل نوع واحد فقط لكل من النيماتودا والحلقيات (Annelida). ومن أبرز الاكتشافات الحديثة التي أوردتها الدراسة نوع “Phyllorhiza punctata”، وهو قنديل بحر منقط أبيض ظل حضوره مرتبطاً بالمياه الدافئة الاستوائية للمحيط الهادئ الغربي.

وعن أسباب هذه الهجرة البيولوجية، ترجح الدراسة أن العديد من الأصناف وصلت إلى السواحل المغربية عبر أبدان السفن أو من خلال مياه الصابورة التي تفرغها الناقلات العملاقة. ففي ظل هذا “النقل الخفي”، يمكن للكائنات الصغيرة أن تُسحب مع المياه في خزانات السفن، لتجد نفسها في بيئة جديدة عند تفريغ تلك الخزانات، فتستقر وتتكيف، وقد تتحول لاحقاً إلى أنواع غازية تهدد التوازن البيئي البحري.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا