يواصل الدرك الملكي البحري تحقيقاته في الحادث المأساوي الذي كان سببا في وفاة إبراهيم الرزمة أحد أشهر الغطاسين بميناء الداخلة يوم الإثنين 23 غشت 2021، متأثرا بالإصابات الخطيرة الناجمة عن تدوير أو تشغيل مروحية أحد المراكب، والتي باغتت الضحية وهو منهمك في إزالة بعض الشباك من مروحية مركب الإدريسي. حيث منع الدرك البحري صباح اليوم مركب الصيد الساحلي “يحيا”، من الإنطلاق في رحلة صيد، بعد أن تزود بمختلف حاجيات الرحلة ، وذلك بحجة طلب الإستماع لبعض أفراد الطاقم على خلفية الحادث المذكور.
مصادر محلية شديدة الإطلاع كشفت للبحرنيوز، أن الضحية ومعه مجهز المركب المعني بالإصلاحات، يتحملان جانبا من المسؤولية في الحادث، في ظل عدم إخطار السلطات المينائية بالإصلاحات تحت المائية التي سيباشرها الغطاس في أسفل المركب، وبالتالي الحصول على ترخيص بهذه الإصلاحات يحدد فيها نوعية الأشغال، والمكان والتوقيت، حيث تقوم السلطات المينائية بإخطار مختلف الربابنة بوجود غطاس يقوم بإصلاحات على مستوى المركب المعني، وذلك على القناة ” VHF 16″ لتفادي أي مناورة في مكان الإصلاح .
ذات المصادر أكدت أنه من المفروض أن يكون هناك مرافقا مساعدا للغطاس، يؤمن محيط الأشغال على السطح ، كما يتواصل مع الغطاس عبر ما يعرف ب “حبل الحياة”، الذي يشكل ألية للتواصل من خلال تحريك الحبل ، “جرا وطلقا” ، كلما تعلق الأمر بمسألة الرفع، أو الإخبار بما يقع على مستوى الأشغال، وذلك بشكل يفهمه الطرفان كأداة تقليدية في غياب الأليات المتطورة المخصصة لهذا الغرض . وهي خاصية لم يتم إعتمادها في الواقعة ، ما يؤكد وجود أخطاء جسيمة قد أرتكبت ، شكلت في العمق أرضية لوقوع الحادث.
وأبرزت ذات المصادر أن المراكب لم تأخذ خبرا بوجود غطاس ينهمك في صيانة أحد المراكب الراسية بالميناء ، بالإضافة إلى غياب الحراسة وأليات التواصل ، وهي كلها أسباب يجب إستحضارها اليوم بكثير من الأهمية، حيث تتحمل الشرطة المينائية جانبا من المسؤولية المرتبطة باليقظة ، لأنه من المفروض فيها التصدي لمثل هذه العمليات السرية. كما يتحمل الغطاس الفقيد جانب من المسؤولية في عدم إخطار السلطات المختصة وإعتماد حارس يرافقه في مهمته، فيما تقع المسؤلية على مسيري المركب المعني بأخذ الإذن لممارسة أشغال الصيانة والتفريط في حماية محيط المركب .
إلى ذلك وفي إلتفاثة إجتماعية تستحضر ما راكمه الضحية من علاقات طيبة مع مختلف الفاعلين المهنيين من مجهزين وأطقم بحرية ، وسلطات مينائية ، تم إطلاق مبادرة تروم جمع تبرعات من أجل إقتناء منزل لأسرة الضحية ، بما يضمن التخفيف من معاناتهم النفسية وصدمتهم القوية، بعد فقدان رب الأسرة ومعيلها الأساسي. وذلك في إنتظار ما ستحسمه التحقيقات التي تباشرها السلطات المختصة، لتقصي خيوط هذه النازلة المزعجة، التي فتحت ملف السلامة البحرية لغطاسي الموانئ، ووضعتها في واجهة الأحداث كمكون أساسي يحضى بأهمية كبيرة في صيانة مراكب وسفن الصيد في الأحواض المينائية .
يذكر أن إبراهيم الرزمة قد فارق الحياة وهو في الطريق إلى مستشفى الحسن الثاني على متن سيارة إسعاف متأثرا بالإصاباته المتفاوثة التي لحقته من إحدى المروحيات، التي باغتته وهو منهمك في أداء مهامه تحت الماء، والتي لم تمهله كثيرا، تاركا وراءه حزنا عميقا في أوساط الميناء ، فلا أحد كان يتوقع ان تكون نهاية غطاس، خبر الأعماق منذ تسعينيات القرن الماضي بذلك الشكل المآساوي. حيث أفلح الراحل في إنقاذ الكثير من البحارة ، كما إستطاع التعرف على أسرار الأعماق بالسواحل المحلية، دون إغفال خدماته السخية، التي ظل يقدمها للربابنة والمجهزين في حالة مواجهة صعوبات تقنية تحتاج للمعالجة تحت الماء.