تستعد مدينة الدار البيضاء لاحتضان ورشة عمل دولية ما بين 29 شتنبر و1 أكتوبر 2025، لعرض ومناقشة مشروع بحثي طموح يحمل اسم “SENTINEL”، ويعنى بدراسة وفحص التنوع والتوزيع البحري في شمال وغرب إفريقيا في ظل التغير المناخي والاستغلال المفرط. ويأتي تنظيم هذا اللقاء بمبادرة من المؤتمر الوزاري للتعاون في مجال الصيد البحري بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي عبر شبكة “RAFISMER” ، وبمشاركة خبراء وباحثين من المنطقة وشركاء دوليين محتملين في التمويل.
المشروع، الذي طوره بشكل مشترك الدكتور جان دومينيك دوران، الباحث بالمعهد الفرنسي للبحث والتنمية (IRD)، والدكتورة كنزة مختار جماعي، رئيسة مختبر علم الوراثة بالمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالمغرب (INRH)، يهدف إلى إرساء قاعدة معرفية متقدمة حول التنوع البيولوجي البحري في إفريقيا، من خلال اعتماد تقنيات حديثة مثل الباركود الجيني (DNA barcoding) والميتاباركود للحمض النووي البيئي (eDNA metabarcoding).
ويكتسي المشروع أهمية خاصة بالنظر إلى التحديات التي تواجهها النظم البيئية البحرية في المنطقة، حيث يزداد الضغط بفعل التغير المناخي، الصيد الجائر، الأنواع الغازية والتلوث. وتشير معطيات حديثة إلى أن 3.3 مليار شخص عبر العالم يعتمدون على المحيطات لتوفير 20% على الأقل من البروتين الحيواني في غذائهم، فيما يعيش ما يقارب 40% من سكان العالم في مناطق ساحلية. أما في المغرب، فيمثل قطاع الصيد البحري حوالي 2.3% من الناتج الداخلي الخام، ويوفر ما يقارب 500 ألف فرصة عمل، مع إنتاج سنوي يتجاوز مليون طن وقيمة تصدير تبلغ 7% من الإجمالي الوطني.
ورغم هذه الأهمية، يبقى رصيد المعرفة بالأنواع البحرية محدوداً، إذ لم يتم إلى اليوم سوى التعرف على نحو 242 ألف نوع بحري، بينما يُرجح أن يتراوح العدد الحقيقي بين مليون ومليوني نوع. كما أن الاعتماد على الطرق التقليدية في تحديد الأنواع، خصوصاً بالاعتماد على التشريح والمورفولوجيا، لا يكفي، ما يجعل من إدماج التقنيات الجزيئية الحديثة ضرورة ملحّة.
وستناقش الورشة المرتقبة عدة محاور، أبرزها: عرض أهداف ونتائج المشروع، تبادل التجارب حول تقنيات الباركود الجيني في بلدان غرب إفريقيا، استعراض احتياجات البحث والتكوين في مجالات التصنيف والوراثة، وتحديد الإمكانيات المتاحة من مختبرات وتجهيزات وسفن بحث علمي. كما ستشكل فرصة للتشاور مع شركاء محتملين قصد توفير التمويل وضمان استمرارية المشروع.
ويُنتظر أن تساهم هذه المبادرة في تعزيز التعاون العلمي الإفريقي، ودعم قدرات الباحثين في مجال علم الوراثة البحرية، فضلاً عن رفع مستوى الوعي بأهمية التنوع البيولوجي البحري كرافعة للتنمية المستدامة وأمن الغذاء. كما تراهن على إرساء بنك مرجعي إفريقي للباركود الجيني، يتيح تتبع تطور الأنواع البحرية على المدى الطويل، وضمان مصداقية وسلامة المنتجات البحرية الموجهة للاستهلاك المحلي والدولي.