الدلفين الأسود .. هل تعيد إتفاقية “الشباك” مراكب السردين إلى معاقلها بالمتوسط ؟

0
Jorgesys Html test

الحسيمة : خالد الزيتوني 

أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، مؤخرا بطنجة عن التوقيع على اتفاقية شراكة جديدة بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ومجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري والمكتب الوطني للصيد البحري، من أجل مساعدة الصيادين على مواجهة ندرة الموارد والأضرار التي تسببها الدلافين.

ونظرا لما تواجهه عملية صيد الأسماك السطحية الصغيرة باستخدام الشباك الدوارة، والتي تقوم بها مراكب الصيد على مستوى السواحل المتوسطية، نتيجة لهجوم الدلفين الكبير المسمى محليا بالنيغرو؛ حيث يتسبب هذا الأخير في إتلاف شباك الصيد وخسارة كميات كبيرة من الاسماك المصطادة، الأمر الذي ينعكس سلبا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبحارة وأصحاب المراكب المشتغلة بالسواحل المتوسطية المغربية.

واعتبارا بأن الدلفين الكبير يعد نوعا محميا من طرف مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحماية الثدييات البحرية، أبرزها اتفاق حفظ حوثيات البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط والمناطق الأطلسية المتاخمة « Accobams ، والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 13 ماي 1999. ووعيا بضرورة التوصل إلى حل ملائم من شأنه تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية، لهذه الظاهرة قرر أطراف هذه الاتفاقية اعتماد مقاربة تضامنية باقتناء شباك دوارة لفائدة مراكب صيد الأسماك السطحية الصغيرة مقاومة لهجمات الدلفين الكبير وذلك للتقليص من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية للمتضررين وكذا حماية الوسط البحري عامة والدلفين الكبير خاصة.

وتروم اتفاقية الشراكة هذه لتقديم الدعم المالي العمومي، من أجل اقتناء شباك صيد دائرية جديدة من طرف أرباب مراكب الصيد الساحلية الناشطة بالسواحل المتوسطية (ما عدا ميناء طنجة) والمتضررة من هجمات الدلفين الكبير الموقعة بتاريخ 14 أبريل 2017، لاسيما المادة الأولى والمادة 8 منها.

وبمقتضى هذه الاتفاقية سيتم تحديد شروط دعم اقتناء شباك دوارة مقاومة لهجمات الدلفين الكبير، المستعملة من طرف مراكب صيد الأسماك السطحية الصغيرة، والتي تنشط بالسواحل المتوسطية (ما عدا ميناء طنجة )، وذلك من أجل التخفيف من حدة الآثار الاقتصادية و الإجتماعية التي تسببها هجمات الدلفين الكبير (Tursiops trunactus).

كما تحدد هذه الاتفاقية التزامات الأطراف المتعاقدة من أجل دعم مراكب الصيد ضحايا هجمات الدلفين الكبير، عن طريق اقتناء شباك صيد جديدة مقاومة لهجمات الدلفين الكبير، والحفاظ على نشاط الصيد البحري وكذا على مناصب الشغل المرتبطة به، وتأمين تزويد المناطق المتضررة من هجمات الدلفين الكبير بالمنتوجات السمكية. حيث وضعت الإتفاقية شروطا للإستفادة من الدعم موضوع هذه الاتفاقية، لجميع مراكب صيد الأسماك السطحية الصغيرة بالشباك الدائرية الساحلية الناشطة بالسواحل المتوسطية (ما عدا ميناء طنجة )، والمتضررة من هجمات الدلفين الأسود، بحيث يجب أن تتوفر هذه المراكب على شهادة العمل بموانئ البحر الأبيض المتوسط (ما عدا الميناء المذكور) مسلمة من طرف مندوبيات الصيد البحري المتواجدة بالسواحل المتوسطية. كما لا يمكن للسفن المستوفية لشروط هذه الاتفاقية، الاستفادة أكتر من مرة من هذا الدعم خلال مدة صلاحية هذه الإتفاقية.

وحسب المادة 4 من الاتفاقية فتبلغ المساهمة الإجمالية لجميع أطراف هذه الاتفاقية ما مجموعه 90 مليون درهم على سنتين، ويلتزم الشركاء بإنجاز المشروع في حدود المبالغ المحددة  (90) مليون درهم وبدون تغييره، وتحويل هذه الاعتمادات المالية لحساب المكتب الوطني للصيد. فيما تلتزم أطراف الاتفاقية من أجل إنجاز المشروع، بتتبع ومواكبة إنجاز الاتفاقية، فيما ستسهر وزارة الإقتصاد والمالية على تحويل مساهمات الشركاء وتتبع ومواكبة إنجاز الاتفاقية، بتنسيق مع باقي الأطراف، للتأكد من حسن سير الإنجازات ومطابقتها للأهداف المتوخاة.

وسيعمل المكتب الوطني للصيد البحري على فتح حساب خاص بالمشروع لدى الخزينة العامة للمملكة، وتخصيص الاعتمادات المحولة لفائدتها من قبل الأطراف لإنجاز المشروع موضوع الاتفاقية، وتتبع ومواكبة إنجازها بتنسيق مع باقي الأطراف، والقيام بجميع الإجراءات الضرورية لاقتناء شباك الصيد الدائرية المزمع توزيعها على المراكب، وفق المعايير والمواصفات التقنية التي سيحددها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.

وعقب الانتهاء من إنجاز الاتفاقية، سيتم رفع تقرير مفصل للشركاء حول سيرها العام والذي يبين الأهداف المحققة، كما سيعمل المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بتحديد المواصفات التقنية لشباك الصيد الدائرية بشراكة مع المهنيين، لغاية طلب العروض والمشاركة مع المكتب في جميع مراحل عملية اقتناء واستلام شباك الصيد الدائرية.

 وعانت موانئ الشمال وعلى طول السنوات الماضية من هجوم الدلفين الكبير المعروف لدي البحارة ب ” النغرو “، حيث يهجم على شباك الصيد ويفرغها من الأسماك، ويكبد المجهزين خسائر بالجملة دفعت معظمهم إلى بيع مراكبهم أو الهجرة باتجاه موانئ أطلسية، ورغم الآمال التي يعلقها المجهزون والبحارة على الشباك الدوارة الداعمة والمقاومة، لتجاوز محنة ” النغرو “، فإن البعض يشكك في نجاعة هذه الخطوة في مواجهة ظاهرة النيكرو ، خاصة أن معظم مراكب صيد الأسماك السطحية بميناء الحسيمة على سبيل المثال، تم بيعها وغادرت باتجاه موانئ أطلسية أو جنوبية، ولم يتبقى منها سوى مركبين ظلا يقومان ويكابدان هذه المحنة أمام صمت الجميع.

إلى ذلك إستبعد البعض عودة المراكب من مهجرها لتجريب شباك أخرى داعمة ومتينة، قد تفلح أو قد لا تفلح في مقاومة هجوم النيكرو، فيما قال أخرون أنه كان حريا على أطراف الاتفاقية، الإسراع بداية في تجريب بعض نماذج هذه الشباك المنتقاة على بعض مراكب صيد الأسماك السطحية لاختبار فعاليتها، قبل تعميمها على كل مراكب صيد الأسماك السطحية.. وغيرها من الأسئلة والإنتظارات التي تضع المعهد الوطني للبحث في الصيد  على المحك، نظير إستنتاجات المعهد بخصوص تجريب شباك داعمة، كانت إحدى الشركات الفرنسية قد طرحتها للتجريب ببعض موانئ الشمال بينها الحسيمة، حيث لم يتبقى من هذه الشباك سوى أجزاء صغيرة في الوقت الذي مزق معظمها حوت ” النغرو “. وبالتالي فصلابة وصمود الشباك وحدهما القادران على بعث الإطمئنان في الوسط المهني.

إلى ذلك يشدد الفاعلون المحليون على ضرورة دراسة حلول تعيد للمتوسط رواجه المفقود، خصوصا وأن تكاثر حيوانات بحرية من قبيل النيكرو والتونة وغير بعيد الأوركا ، هي كلها اليوم ظواهر بحرية تفرض فتح نقاش جاد حول مجموعة من الأنواع المحمية، بحضور المؤسسات الدولية الراعية ، لأنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون حماية الأنواع على حساب الدخل اليومي للصيادين، وقبلهم الإقتصاد المعاشي المبني على رواج الصيد بكثير من المناطق المتوسطية.  

يذكر أن الدورة 46 للهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط ​​(CGPM) التي إحتضنتها كرواتيا في نونبر من السنة الماضية، كانت قد إعتمدت توصية اقترحها المغرب، تتعلق بالتخفيف من آثار الأضرار الناجمة عن هجمات النيكروس في مصايد الأسماك السطحية الصغيرة في بحر البوران (المنطقة الفرعية 3)، وذلك من خلال تنفيذ برنامج بحثي بشأن الدلفين الأسود، من أجل تحسين المعرفة العلمية، وتحديد التدابير اللازمة للتخفيف من أثار الهجمات بهذه المصايد في الواجهة المتوسطية ​​للمغرب.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا