الذكتور محمد ناجي : قانون 14.08لا يحرج المهنيين وحدهم، ولكن يضع تحديات أمام الإدارات المسؤولة
القانون جاء غير مكتمل، ويتضمن عددا من المقتضيات التي تبقى في حاجة إلى التطوير والتحسين
بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية تنظم وزارة الصيد البحري و المكتب الوطني للصيد البحري عددا من الأيام التكوينية لفائدة تجار السمك بالجملة بغرض تقريب التجار من مضامين قانون 14.08 في أفق تحديث مهنة تجارة السمك الجملة. وبغرض تسليط الضوء على هذه الأيام التكوينية إلتقينا الذكتور محمد ناجي أستاد بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة وأحد المؤطرين لهذه الأيام التكوينية وأجرينا معه الحوار التالي:
الذكتور محمد ناجي مرحبا بكم
شكرا لكم.
أكيد أنكم تأطرون سلسلة من الدورات التكوينية بمختلف جهات المملكة حول القانون الجديد لتجارة السمك بالجملة، فوفق أي مقاربة تشتغلون؟
من خلال قراءتنا لمواد القانون 14.08 نلاحظ على أنه يتضمن مجموعة من المفاهيم الجديدة، من هنا جاءت فكرة تنظيم ايام تكوينية مدخلها هو قانون 14.08 لكنها تعرج على مجموعة من المواضيع تعنى بشكل مباشر أو غير مباشر مهنة تجارة السمك بالجملة. وبرنامج التكوين ينطلق بعرض أهم مضامين القانون خصوصا أن السواد الأعظم من التجار ليس لهم إطلاع عليه، وإنما يتعاملون معه فقط عبر المستلزمات والشروط التي تضعها الوزارة لمنح التراخيص والحصول على بطاقة السمك بالجملة. بعد ذلك نتحدت عن كل نصوص الترسانة القانونية التي يجهلها التجار، والتي تعنيهم في تعاملهم اليومي خصوصا القانون المتعلق بالسلامة الصحية. هذا الآخير الذي نجد به مستلزمات التعامل مع المنتجات الغدائية والتي هي عرضة للتلف، ومن شأنها تعريض صحة المستهلك للخطر ومعه التاجر للمساءلة القانونية.
ربما نتفق على ان القانون جاء بمستجدات جديدة من قبيل التثمين والتسويق.. وهو ما يعني القطع مع العشوائية التي إعتاد التجار الإشتغال بها، فماهي أهم المفاهيم التي تعملون على تقريبها التجار؟
فتجار السمك عادة ما يشتغلون بطرق عشوائية أو وفق ما يدخل في إطار التعود، ونحن اليوم نفتح أعين التجار على طرق أخرى في الإإشتغال من قبيل التثمين و التسويق والتوزيع وإستبدال المقاولة الفردية بشركة التي تعطي إمتيازات النمو وتعبئة رؤوس الأموال.
والحديث عن تثمين المنتجات نحن من طبيعة الحال لا نتحدت عن التصنيع والمعالجة وإنما نتحدث في حدود إمكانيات تاجر السمك بالجملة بمعنى ماهية الثقنيات وطرق الإشتغال التي من شأنها إظافة قيمة مضافة دون أن تتحول المهنة إلى مهنة التصنيع ،وهناك عدة وسائل متوفرة للوصول إلى هذا الغرض.
كما نتحدت أيضا عن التصدير وماهية المقدمات الأساسية التي يحتاجها تاجر من اجل التصدير. نتحدت أيضا عن التراخيص والإدارات المعنية والشروط التي يجب استيفاؤها من أجل الحصول على الإعتماد. كما نتحدت عن ملف الصيد الجائر بإعتباره يرتبط أيضا بموضوع تجارة السمك بالجملة بالإإضافة إلى موضوع عبور الأسماك الذي أتار ما أتاره من رفض في صفوف التجار.
من خلال تتبعنا لتنزيل قانون تجارة الأسماك بالجملة، فالبداية كانت صعبة خصوصا في ظل الرفض الذي قابل به التجار القانون الجديد، اليوم هناك لقاءات تكوينية كيف تلمسون تجاوب التجار مع مقتضيات القانون الجديد
الرسالة التي نعمل على إيصالها للتجار هي أننا بصدد دورة تدريبية مبنية على تنزيل القانون 14.08 هذا في الوقت الذي ليس هذا وحده هو الهدف وإنما هناك أهداف آخرى وهي كيفية الإرتقاء بوضعية التاجر ووتحسين طرق إشتغاله، فالقانون فقط مدخل إطار الذي يشكل شرارة الإنطلاق لكن الأن الدينامية بدأت تتجسد من خلال التكتلات المهنية التي بدأت تبرز للسطح من قبيل جمعيات وفدراليات…التي أصبحت تشكل مخاطبا رئيسا للإدارة .
اليوم أكاد أجزم أن ميدان تجارة السمك بالجملة إنتقلت إلى ولادة جديدة وإصدار قانون مؤطر الذي وضع تحديات كبرى للتجار، وأيضا للإدارة. وهي تحديات تقتضي تضافر الجهود والتعاون بين مختلف الأطراف عوض النزاع .
وحينما نحاول تمرير هذه الصورة فوجهة النظر لدى تاجر السمك بالجملة تتغير بمجرد فهمه بأن القانون هو جاء لصالحه، وذلك ما نلمسه من إرتياح وسط المهنيين عبر مطالبتهم إيانا بتكرير وتكتيف مثل هذه الدورات التكوينية. فالتجاوب جد جد إيجابي، ورسالتنا للوزارة الوصية هو الإستمرارية في هذا النهج وإستثمار الدينامية الموجودة حاليا داخل القطاع.
اليوم ربما الحديت قد تطور وربما تجاوزنا حدود الخلافات بعد التوافقات التي رسمها الحوار بين الإدارة والمهنين، لكن هذا لا يغطي عمق التحديات التي يرسمها القانون الجديد، خصوصا على مستوى البنيات التحتية أليس كذلك؟
هذا ما قصدته بعبارتي القانون وضع تحديات، قول لينا ودوي علينا يقول ضاحكا، فالقانون جاء غير مكتمل، كما أن المهنيين والفدراليتين كانت لهم نقاشات طويلة مع الإإدارة، والإخيرة كان لها السبق في وضعها لقانون يتضمن عددا من المقتضيات التي تبقى في حاجة إلى التطوير والتحسين.
ومن خلال تبادل الأراء والتواصل مع المهنيين يمكن تدارك مجموعة من الهفوات والتي من بينها أن القانون يقف عند عملية البيع الثاني، لكن القانون لايغطي مسألة البيع الثالث ومافوق، والوزارة منكبة بكل جدية من اجل تدارك مثل هذا النقص. فهناك إمكانيات كبيرة من أجل تداركها لتغطية هذا المجال.
كما قلت في البداية، فكما هو مطلوب من المهنيين بدل مجهود على مستوى المناولة والجودة والتثمين والنقل، بقدر ما الإدارة هي الآخرى مطالبة بتنزيل القانون ولعب دورها كاملا على مستوى إنجاز البنيات التحتية الضرورية. فأغلب تجار الأسماك بالجملة لا يملكون محلات جاهزة للإشتغال فكيف سنطالبهم بالإمتثال لعدد من القوانين وشروط الجودة و…. ففاقد الشيء لا يعطيه. نفس الشيء لا يمكننا ضمان منتجات سليمة في ظل إفتقار شبكات التوزيع للحدود الدنيا للتبريد والأسواق المنظمة والمجهزة…
فقانون 14.08لا يحرج المهنيين وحدهم، ولكن يضع مجموعة من التحديات أمام الإدارات المسؤولة. ليس بالضروري وزارة الفلاحة والصيد البحري لوحدها، وإنما مختلف الوزارات والإدارات المتدخلة، كما هو الشأن لوزارة الداخلية ووزارة التجارة بإعتبارهما يتدخلان في تجارة وتوزيع الأسماك على الصعيد الوطني، هذا بالإضافة إلى مختلف الإدارات المتدخلة، فالكل يجب أن يتحمل مسؤوليته كاملة.
الدكتور محمد ناجي نتمنى لكم التوفيق، وشكر على سعة صدركم.