الرباط .. مصيدة السردين “تحرج” صناعة القرار بعد سنوات من الإصلاح وتفتح نقاشا قويا حول نجاعة التخطيط المجالي

عمق إجتماع الرباط حول مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة من صدمة الفاعلين المهنيين، خصوصا وأن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أكد أمام العموم تراجع هذه المصيدة التي أصبحت محاصرة بمجموعة من التحديات الحقيقة، حتى ان مهنيين في بعض الموانئ أصبحو يبحثون عن السردين لإلتقاط الصور التدكارية حسب بعض المشاركين في اللقاء.

جهات تحدثث للبحرنيوز في أعقاب اللقاء الذي إكتسى بعدا تشاوريا، قالت للبحرنيوز أن المعهد رصد تراجعا قويا على مستوى هذه المصيدة، بسبب مجموعة من المعطيات الذاثية والموضوعية ، وأخرى بفعل البشر ، لاسيما الصيد غير القانوني و تنامي التهريب فإنسجاما مع المعطيات فإن صيد الأسماك السطحية الذي يتم بشكل غير القانوني يشكل أزيد من 30% إضافية على مجموع الكوطا المسموح بصيدها سنويا عبر السواحل المغربية، لتكون بذلك المحصلة  تزيد عن 130%، وهو عبئ كبير ينعكس بشكل مباشر على مخزون الأسماك السطحية على المدى القريب والمدى المتوسط بنسبة استنزاف تصل إلى 15% كل سنة، بما يعني أنه، وإذا ما إستمر الوضع على ما هو عليه، ففي العقد القادم  قد تختفي الأسماك السطحية من سواحلنا.  

وأكد  المعهد  تراجع مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة خلال هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية التي عرفت إنتعاشا ملحوظا في المفرغات، وهو ما فسره المعهد بتأثير الإستغلال المفرط السنة الماضية على الإستغلال هذه السنة،  كما عدد المعهد أسباب هذا التراجع بين الضغط الممارس على المصيدة إلى جانب التأثير المناخي الذي يعرفه العالم على العموم، ناهيك عن ظاهرة النينو التي جعلت المياه في درجة حرارة غير إعتيادية بشكل لا يتناسب مع الفترة الزمنية ، حولت الوسط البحري إلى محيط غريب على مجموعة من الأنواع البحرية، وهو ما يؤكد غياب السردين، وظهور انواع أخرى هي اليوم تتنامى بشكل متزايد.

وإستنتج المهنيون من خلال العرض الذي قدمه مدير المعهد، التوجه نحو المزيد من الإصلاحا برسم الموسم القادم، إذ هناك من إعتبر تقرير المعهد تلميحا للمزيد من التضييق على النشاط المهني بالمصايد، حيث بدأ النقاش في مواقع التواصل الإجتماعي حول مجموعة من التخمينات من طرف فاعلين جعلت البعض يؤكد ان لادخان بلا نار، حيث تحدث البعض عن رفع مسافات الصيد، وهناك من ذهب في إتجاه التخمين بمراجعة الكوطا السنوية للمصطادات، فيما يرى آخرون أن الراحة البيولوجية قد تعرف بدورها مراجعة نحو الرفع من ايام الراحة، مع تعزيز سياسة الإغلاقات، هذا في وقت تعرف فيه مجموعة من الدوائر البحري إستعدادات مكثفة لإنشاء محميات جديدة والتي هي اليوم قيد البحث العلني.  دون إغفال أن المعهد هو ماض في إقتراح تنزيل المزيد من التدابير بالمصيدة تماشيا مع الجهود المبدولة مند سنوات لضمان إستدامة المصيدة.

كمال صبري المستشار البرلماني عن قطاع الصيد ورئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية، قال في تصريح للبحرنيوز أن أزمة المصيدة، تفتح نقاشا قويا بخصوص نجاعة الإصلاحات الكبرى التي تم تنزيلها على مستوى المصايد، من خلال مخططات التهيئة المرتبطة بالأسماك السطحية الصغيرة، فالكل عاين السلاسة التي تم عبرها تنزيل مجموعة من الإصلاحات الكبرى بما رافقها من تضحيات جسام للفاعلين المهنين في السنوات الماضية، حيث أظهر المهنيون صبرهم على السياسة الإصلاحية، لكن للأسف فالمهنيين اليوم في قمة التدمر نظير الصعوبات التي تواجه المصيدة، ويشعرون بخيبة أمل كبيرة بعد أن أصبح كثير منهم مهدد بالإفلاس، لأن لقاء اليوم  هو يؤكذ “فشل هذه الإصلاحات في بعدها الإنتاجي”. 

من جانبه أكد عبد الرحيم الهبزة الفاعل المهني في الأسماك السطحية الصغيرة ونائب رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، أكد بدوره الإنزعاج الحاصل على مستوى الساحة المهنية جراء تراجع المصيدة، محملا المسؤولية للمتدخلين في صناعة القرار، حيث أكد أن من غير المعقول أن تعيش هذه المصيدة حالة التخبط وعدم اليقين، لأن التضحيات التي قابل بها المهنيون الإصلاحات الكبرى، كان يجب أن تتوج بنتائج مبهرة وتشجيعية، فالكل يتدكر كيف سمح المهنيون مند أواسط العقد الماضي على مستوى الوسط في أيام الصيد الصيفية بالمصيدة الشرقية لطانطان، كما يتدكر الكل كيف إبتعدات المراكب بثلاثة أميال عن الشاطئ، إلى جانب تسقيف حجم المصطادات السنوية .. دون إغفال الإغلاق الذي طال بعض المضلعات الإسترتيجية، فكلما كان هناك إصلاح باركه المهنيون برحابة الصدر. لكن أين هي النتائج اليوم؟

إلى ذلك نبه فاعلون مهنيون في الصيد الساحلي إلى أن إشكالية المصيدة هي بنيوية بالدرجة الأولى ، بالنظر لحجم الإستغلال بين المهيكل وغير المهيكل، بين الصيد الصناعي والصيد الساحلي والصيد التقليدي، ولكل أسطول تأثيره البيني الذي يتحمل فيه العنصر البشري الكثير من المسؤولية حتى “لا نغطي الشمس بالغربال”، حيث تمت الدعوة إلى خلق عدالة على مستوى الإستغلال بين مراكب السردين وسفن RSW، التي وجهت إليها مجموعة من الإتهامات بكونها أحد الأسباب الكامنة وراء ازمة المصيدة الجنوبية ، بإعتبارها سفن تعتمد في عمومها على الصيد بالجر مع تسجيل إستثناءات محدودة.

وتعالت الأصوات التي تدعوا إلى تغيير نمط الصيد الذي تعتمد هذه السفن الجرارة، هذا في وقت تطرق اللقاء أيضاء إلى إشكالية المرجوعات المتخلى عنها من طرف هذا الأسطول في البحر، والتي تشكل بدورها أحد المشاكل التي تهدد البيئة البحرية على مستوى المصيدة الجنوبية، فيما أثار آخرون إشكالية الأسماك السطحية المتأثية من الصيد التقليدي او ما يعرف بالسويلكة وسط دعوات جادة إلى ضرورة تسريع الحسم في مستقبل ولوج هذا الأسطول لمصيدة الأسماك السطحية الصغيرة بمجموعة من الدوائر البحرية.

هذا وطالب آخرون بتشديد المراقبة على مراكب الصيد الساحلي صنف السردين، على مستوى التصريح بالمصطادات وتحميل الربابنة المسؤولية الكاملة ، في غتجاه القطع مع مجموعة من التلاعبات التي تنهجها هذه المراكب في تدبير الكوطا السنوية، التي تتحول في بعض الأحيان إلى الضعف بفعل نشاط التهريب المترثب عن التصريح المغلوط .. ، فيما دعا مهنيو الصيد الساحلي المعهد الوطني للبحث في الصيد إلى وضع في الحسبان، التوقفات الكثيرة التي أصبحت تحكم نشاط هذا الأسطول  في السنة، خصوصا وأن مراكب السردين الساحلية أصبحت مجبرة على التوقف لنحو 3 اشهر في السنة، إذا ما تم إحتساب عطل الأعياد، وكذا التوقفات الإضطرارية التي تفرضها الظروف المناخية الصعبة لاسيما بالسواحل الجنوبية. 

ونوهت مصادر مهنية مسؤولة بأهمية العطلة الإختيارية التي نفذها مهنيو العيون بعد مصادفتهم لصغار الأسماك رغم أزمتهم الإنتاجية، فقد تم التوقف 10 أيام خلال صيف هذه السنة وتم تمديدها خدمة للبيئة البحرية بشعار الإستدامة، وهو توجه يؤكد حرص الفاعلين المهنين على التضحية لصالح المحافظة على المصايد، إذ تمت الدعوة في ذات السياق إلى التفكير بجدية في هذه التطورات، مبرزين في ذات السياق أن الصيد الساحلي صنف السردين هو صيد منظم بقوة الطبيعة وكذا ظروف واليات الصيد. التي تراهن على استدامة الموارد كهدف إسترتيجي لضمان الإستغلال المسؤول للموارد، بطريقة مستدامة لصالح الأجيال القادمة.

وتعد مصطادات الأسماك السطحية الصغيرة عصب الإنتاج الوطني، يرتفع حجم المفرغات بسخائها ويتراجع بتهاويها كما تؤكد ذلك المؤشرات الرقمية التي تصدر بشكل دروي عن المكتب الوطني للصيد، كما ان أسماكها تعد عصب التصنيع من تصبير ودقيق وتجميد وكذا السوق المحلي، فهي المزود الأساسي لمائدة الإستهلاك. وهي كلها معطيات اليوم تجعل من أزمة السردين أزمة رأي عام وطني وتخرجها من جلبابها المهني الضيق.