أطلق المكتب الوطني للصيد البحري في الأيام الآخيرة مشاورات موسعة مع الفاعلين المهنيين من مجهزين وتجار بموانئ الجنوب، من أجل دراسة التخلص من التعاقدات القائمة، التي تكبل تجارة السردين لصالح البيع بالمزاد على مستوى مراكز الفرز .
أثمنة السردين تتطلع للتحرر وسط قناعات مهنية وإدارية
أكد مسؤول بالإدارة المركزية للمكتب الوطني للصيد في تصريح للبحرنيوز أن الجهود القائمة هي لتكريس روح القانون ، خصوصا وأن هذا الآخير ينتصر لتحفيز المنافسة، بإعتبارها هي الأساس في المعاملة التجارية ، وهو المعطى الأساسي الذي وجب إستحضاره ، بما يكرس فسح المجال أمام المزاد لتثمين السردين ، مع إمكانية التأكيد على أثمنة مرجعية تكون هي منطلق الدلالة.
وأوضح ذات المصدر أن واقع الحال يفرض تحرير أثمنة السردين ، بالنظر للوضعية المتذبذبة للمصيدة ، وإرتفاع تكاليف الرحلات البحرية، خصوصا وأن هناك إرادة قوية من طرف الفاعلين المهنيين لرفع كل القيود المفروضة على تجارة السردين ، حيث مكنت اللقاءات التي إحتضنتها موانئ الجنوب من الوقوف على مختلف التحديات التي تواجه هذا الخيار الإسترتيجي.
وسجل المصدر المسؤول أن الرأي المهني يبقى أساس هذا التوجه ، مشيرا في ذات السياق أن قناعة المجهز والتاجر تبقى مؤثرة في هذا السياق ، فيما قلل المصدر من إمكانية معارضة المصنعين ، على إعتبار أن هذا الطرف وفق ذات المسؤول أصبح يشكل أقلية في علاقته التجارية بالمكتب الوطني للصيد على مستوى البيع الآول ، حيث لا يمثل سوى 30 في المائة من زبناء المكتب بمراكز الفرز ، فيما يمثل تجار السمك نصيب الأسدا على مستوى الفاعلين في المعاملات التجارية في البيع الأول للسردين الصناعي . إلى ذلك أشار المصدر أن الدلالة تعد اليوم خيارا إسترتيجيا ، خصوصا وأن هناك معاملات تتم بمنطق تحت الطبلة، والتالي بات من المفروض محاصرة الوضعية القائمة بما يخدم مصلحة الفرقاء المهنيين من المتعاملين مع المكتب الوطني للصيد .
الثمن المرجعي والدلالة .. الصدام المنتظر بين المهنيين والمصنعين
عاينت البحرنيوز على هامش الأسبوع الإفريقي للمحيطات بطنجة جلسة ودية شبه مغلقة بين تمثيليات مهنية في قطاع الصيد الساحلي صنف السمك الصناعي وأحد رؤساء إحدى التمثليات البارزة للمصنعين من محولي الأسماك، حيث تسربت بعض الأصداء التي تؤكد رفض هذه الهيئة البارزة للمصنعين لإعتماد الدلالة ، بعد أن تمسك رئيسها الذي يعد من قدماء الفاعلين القطاعيين بالأثمنة المرجعية كجوهر للمعاملات البينية ، فيما أكد المهنيون أن الوقت قد حان لتحرير الأثمنة وإخراجها من دائرة التحكم ، في حين عبر ذات الفاعلين المهنيين أن الإحتفاظ بالثمن المرجعي يفرض رفع الأثمنة إلى 5 دراهم على الأقل للكيلوغرام بما يخدم مصلحة المتدخلين في الإنتاج .
ويؤكد الفاعلون المهنيون أن الظروف القائمة التي تعاني منها المصايد ، وكذا إرتفاع كلفة الإستثمار في رحلات الصيد ، إنسجاما مع المفهوم الشامل لصيانة الجودة الكلية الذي يطلبه المصنعون ، كلها إعتبارات وجب اليوم إستحضارها من طرف المصنعين بصدر رحب، والإبتعاد عن منطق “العصا في الرويضة” ، لصالح التنمية القطاعية وتثمين المنتوج البحري. فيما يؤكد الفاعلون المهنيون على ضرورة تحمل المكتب الوطني للصيد البحري مسؤوليته المرحلية ، وتوفير الظروف اللازمة لضمان تكافئ الفرص بين مختلف المتدخلين، إنسجاما مع الإقتطاعات المالية المهمة التي يحققها المكتب ، وعدم التورط في خدمة الأجندات المغلقة.
ولم يفوت المهنيون الفرصة دون التأكيد على الأدوار التي أصبح يلعبها تجار السمك في البيع الأول بعد تراجع دور المصنعين ، فيما شدد الفاعلون المهنيون على التفكير في الحلول الممكنة التي تتيح تفعيل ورش الدلالة ، خصوصا وأن المكتب الوطني للصيد عازم بعد الإنتهاء من رقمنة مزادات سوق السمك، على الإنخراط بشكل فعلي في رقمنة مزادات مراكز الفرز على المستوى الوطني. فيما تؤكد ذات الأصداء أن الإنطلاق نحو هذه الخطوة وإعتماد الدلالة للسردين ، يفرض اليوم مواكبة واقعية على مستوى ورش الصناديق البلاستيكية ، والتفكير الجاد في الأنظمة المعتمدة في تدبير الكوطا السنوية للأساطيل المختلفة، والإجتهاد في تسريع إخراج قوانين تجارة السمك التي تنظم مختلف سلاسل القيمة .
قنوات التشريع .. ظغط متنامي تغذيه الإنتظارات المهنية والإجتماعية
وذكر بلاغ سابق للمجلس أن المادة 6 من القانون رقم 12-104 السالف ذكره،« تحظر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما، ولا سيما عندما تهدف إلى: 1- الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى؛ 2- عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها ….»
وظل مهنيو الصيد الساحلي يطالبون برفع الثمن المرجعي للسردين ، في ظل الجهد الذي أصبح يبدله البحارة في المصايد ، وكذا الصيد الإنتقائي الذي صار يتحكم في العقلية البشرية ، حيث أصبحت أطقم الصيد، حريصة على إستقطاب أسماك السردين التي تستجيب لتطلعات التصنيع . فيما لم تستطع الأثمنة مواكبة الظروف الصعبة التي تمر بها مصايد السردين، وكذا إرتفاع تكلفة الإنتاج والتجهيز، ولا حتى مسايرة المجهودات المبدولة من طرف كل من المجهزين وأطقم الصيد.