علّق عبد اللطيف السعدوني رئيس الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة بالمغرب، على الأصداء التي تضاربت محلّقة بأثمنة صندوق السردين إلى أزيد من 2000 درهم و 100 درهم للكيلوغرام في مواقع التواصل الإجتماعي . حيث أكد السعدوني أن التحريات التي قامت به الكنفدرالية، قادتها للوقوف على حقيقة الأمر، في كون العملية تتعلق بستة صناديق من أسماك السردين ، وهي الصناديق التي عرفت مزايدة مغلفة بالعناد خارج القنوات الرسمية، بين شخصين يملكان مطعمان متخصصان في شواية السردين، ووقع ما وقع على مستوى جهة الشرق، حتى وإن كانت الأثمنة الحقيقية التي تم أداؤها لصاحب الأسماك هي اقل بكثير في حدود 1200 درهم للصندوق.
وأوضح عبد اللطيف السعدوني في حديث مع البحرنيوز، أن المتعارف عليه بالمغرب، بخصوص إرتفاعات أثمنة أسماك السردين هي تتراواح في اقصى سقفها بين 500 إلى 550 درهما. مبرزا في ذات السياق أن هذه السنة لها خصوصياتها الإنتاجية المتسمة بقلة الإنتاج وإرتفاع الطلب، خصوصا في هذه الفترة الصيفية، حيث يحبد الكثير من المواطنين والزوار تدوق شواية السردين، في المناطق الساحلية الوسطى و الشمالية، لأن الثقافة الغدائية مبنية على مادة السردين. وهي في العمق تعد سلة المواطن البسيط والمتوسط. فالوضع المعاش يقول رئيس الكنفدرالية، يعرف ضعفا في المنتوج، خصوصا بموانئ الجنوب التي تمثل أزيد من 80 في المائة من المادة الخام من السردين، سواء في تموين أسواق لأستهلاك المحلي أو وحدات ومعامل التصبير والتجميد.
وأكد السعدوني أن أثمنة سمك السردين في هذه المرحلة مرتفعة، حتى وإن كان البعض يصرح بأن هناك أثمنة مرجعية في حدود 3 دراهم، ففي حقيقية الأمور هناك ما يعرف ب”النوار ” أو تحت الطبلة الذي يصل ل1.20 درهما، تضاف للأثمنة المرجعية في موانئ الجنوب التي تعتمد هذا النظام من التسويق المرتبط بإتفاق مهني حول ثمن معين ، وفي موانئ الدلالة فأثمنة البيع الأول، تتراوح بين 4 و 7 دراهم، وحتى إذا بيع السردين ب 3 دراهم فهو ثمن يتم بتنازلات عند حصول إتفاق بين التجار تحت شعار “خلي ليا نخلي ليك” ، فالسمك يتم بيعه فوق الكال بنحو 320 إلى 340 درهما للصندوق.
الحقيقة المرة التي لا بد من ذكرها يفيد رئيس الكنفدرالية، أن عدد كبير من تجار السمك بالجملة الذين يمونون اسواق البيع الثاني، قد جمدوا أنشطتهم في الفترة الآخيرة في ظل موجة الغلاء، ولم يصلو إلى الأسوق في الفترة الاخيرة، لأن السمك يباع ب340 درهما للصندوق في أرصفة الموانئ الوسطى، وبالتالي لا يستطيع التاجر توجيه هذه الأسماك للسوق، لأن السردين سيصل لسوق البيع الثاني بسوق الهراويين على سبيل المثال، وثمنه يساوي أو يفوق 440 درهما، وهي قيمة لن يحصل عليها التاجر في السوق، لأن هذا الآخير يعتمد على الدلالة، وليس منطق المضاربات التي تحدث في السوق السوداء .وهو واقع مر يفرض الكثير من التمحيص والنقاش بين مختلف المتدخلين لاسيما على مستوى سلطات القرار.
وحسب رئيس الكنفدرالية فالأشهر الآخيرة عرفت شبه إنتعاشة بسيطة ببعض الموانئ ، جعلت بعض المراكب تمارس نشاط الصيد، ولكن غالبيتها هي تواجه تحديات حقيقية لاسيما محدودية المصطادات وإرتفاع تكاليف الإنتاج. غير أن هذا النشاط يريد المجهزون تسييره بطرقهم الخاصة ، كالتصريح بالمنتوج وبيعه بنفسهم في الرصيف، بشكل تطور مع البيع الثاني بالميناء . وهو خيار خاطئ، لأن البيع الثاني يجب أن لا يتم على مستوى الموانئ، وإنما موقعه داخل الأسواق المنجزة لهذا الغرض . وطالب رئيس الكنفدرالية المكتب الوطني للصيد البحري بالتدخل، وتوفير شروط تثمين المنتوج داخل وخارج الموانئ، مع إعمال أليات التتبع والمراقبة. فلو كان هناك تتبع حقيقي، لتم تتبع السردين الذي تم بيعه بالأثمنة المعلومة بجهة الشرق، كما تتم معرفة مصدره ومساره ومدى قانونيته ، والوقوف على مختلف التفاصيل المرتيطة به بشكل دقيق، هل تم بيعه في أسوق منظمة للبيع الثاني أم في أسواق السوق السوداء.
وبناء على ما تم الخوض فيه يبرز المصدر المهني، فمن الصعب بالمكان أن نجزم في الوقت الحالي بكون الأثمنة مرتفعة في مفهومها الشامل، في غياب جرد حقيقي، صادر عن المكتب الوطني للصيد، بحصوص الكميات المسوّقة المصرح بها لدى الموانئ ، وكم من المنتوجات البحرية الي تم تسويقها في الأسواق التابعة له وماهو متوسط الأثمنة. وهنا لا يمكننا حتى الجزم بخصوص مدى قانونية الأسماك المسوقة، ومدى خضوعها للشروط الصحية اللازمة وكذا المنافسة المنظمة، ومدى مرورها من المنظومة الحقيقية خصوصا شروط القانون 12-15 و القانون 08-14 . أو أن المنتوج تم بيعه من طرف المراكب والقوارب فوق الأرصفة.
لدى فالتتبع الدقيق يؤكد عبد اللطيف السعدوني في تصريحه للبحرنيوز، سيمكننا من رؤى واضحة سواء لسقف الشراء وكذا سقف البيع وسقف تسقيط المنتوج . لأن بمجرد التركيز على هذه العملية من حيث التحليل والتفكيك، يظهر ان هناك فراغ شاسع ، في غياب قانون البيع الثاني ، كما أن هناك تقصير من طرف الجهاز الوصي في تطهير الموانئ من البيع الثاني على الأرصفة ، وهي ضربة موجعة لقانون التجارة ومعه خصوصيات التاجر . كما أن واقع تاثيره على المستهلك المحلي، المتطلع لوصول السردين بالثمن الذي يناسب جيبه يزيد حدة يوما بعد يوم .
لدى فالمكتب الوطني للصيد مطالب اليوم يشير رئيس الكنفدرالية، بطرح الأسئلة حول مدى إحترام تجار السردين للشروط الواجبة، أم أن الواقع يفرض خلق شروط أخرى، ووضع قانون البيع الثاني، وتنزيل خطة تتبع حقيقية واسعة وشاملة على مستوى الأسواق. هذا مع الإعتماد على المراقبة الفعلية القبلية والبعدية، لمواجهة التهريب والسوق السوداء، بإعتباره الآفة الخطيرة للبيع، مع القضاء على النقط السوداء وضمان مراور الأسماك المفرغة بالموانئ عبر القنوات الرسمية، الممثلة في أسواق البيع الأول والجملة. كما أن مصالح المكتب الوطني للصيد أصبحت مطالبة بتسليم فاتورة البيع لأي أسماك تخرج من عندها، لتمكين مصالح المراقبة من القيام بأدوراها في التعاطي مع الأسماك المنقولة في االطرقات أو المعروضة في أسواق الإستهلاك .