تعيش قرية الصيد تمرابط، الواقعة بالنفوذ الترابي لمندوبية الصيد البحري بالمضيق، ركوداً مهنياً يثير قلق الفاعلين البحريين، بفعل تداخل جملة من التحديات الطبيعية والبنيوية، التي ألقت بظلالها على نشاط أسطول الصيد التقليدي بالمنطقة، وأربكت سير الدينامية الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالمجال البحري المحلي.
وفي هذا السياق، عبّر عدد من المهنيين، في تصريحات متطابقة، عن الحاجة الملحة إلى النهوض بواقع القطاع، من خلال تحويل قرية تمرابط إلى نقطة تفريغ مجهزة، تستجيب للمعايير الحديثة وتتوفر على مختلف البنيات الأساسية والخدماتية، كالسوق الأولي لبيع السمك، محطة وقود مدعمة، معمل لصنع الثلج، ومستودعات للبحارة، فضلاً عن الحاجز الوقائي الضروري لحماية الميناء الصغير.
ورغم قدم المنطقة كموقع تاريخي لنشاط الصيد التقليدي، إلا أن بنيتها الحالية لا تواكب التحولات التي يعرفها القطاع وطنياً. وتبقى الوسائل المستعملة في الإبحار والنقل بدائية، ما ينعكس سلباً على مردودية البحارة ويؤثر على جودة المنتوج، خاصة بالنسبة لأنواع بحرية ذات قيمة تسويقية عالية، مثل الأخطبوط.
ويُضطر المهنيون، في ظل غياب بنية تحتية محلية، إلى التوجه نحو أقرب نقطة تفريغ مجهزة في واد لاو، التي تبعد حوالي 25 كيلومتراً، لتحصيل الخدمات الأساسية، كاقتناء الثلج والمحروقات أو بيع المنتوجات البحرية، ما يراكم التكاليف على المهنيين ويقلص من هامش الربح، في ظل محدودية المداخيل.
ويُجمع الفاعلون المحليون، على أن إحداث نقطة تفريغ مجهزة بقرية تمرابط لم يعد ترفاً تنموياً، بل ضرورة آنية تفرضها الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية، لضمان استمرار النشاط البحري كمصدر عيش لعدد من الأسر، وكرافعة للتنمية المحلية المندمجة.
ويؤكد المهنيون أن المشروع سيمكن من تنظيم القطاع، وتحسين ظروف الاشتغال، والحد من الممارسات العشوائية، إضافة إلى خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وتحقيق جاذبية اقتصادية للمنطقة، التي تظل مؤهلة بفضل موقعها ومواردها البحرية.
وفي ظل هذه الوضعية، يُطالب الفاعلون البحريون السلطات المختصة، محلياً ومركزياً، بالتعاطي الجاد مع ملف تأهيل قرية تمرابط، عبر إدراج مشروع نقطة التفريغ المجهزة ضمن أولويات برامج تنمية الصيد التقليدي. كما يدعون إلى فتح حوار تشاركي يفضي إلى بلورة رؤية واضحة، قابلة للتنفيذ، تستجيب لتطلعات المهنيين، وتنسجم مع استراتيجية تنمية الصيد البحري بالمملكة.
