احتضنت قاعة الدروس بالسجن المحلي ريصاني بالعرائش صباح اليوم الثلاثاء 10 شتنبر 2024، فقرات صبحية تحسيسية حول موضوع المواطنة الفاعلة نظمها لصالحهم معهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش. حيث تدخل الدورة التحسيسية في اطار الانشطة الموازية التي اعتمدها وداوم على تنظيمها معهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش، لفائدة البحارة السجناء، و ذلك لإبراز مفهوم المواطنة الفاعلة، في ظل مساهمة هذا الموضوع في تقوية قدرات البحارة السجناء، وزيادة شعورهم بالانتماء، بالإضافة الى حثهم على مجموعة من السلوكيات الرشيدة، في حياتهم الأسرية والإجتماعية والمهنية ما بعد السجن.
وأكد التهامي مشتي إطار تربوي بمعهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش في تصريح لجريدة البحرنيوز، على أهمية هذه الدورات التحسيسية في المسار التكويني والمهني للبحارة السجناء . كما أفاد أن المؤسسة البحرية بالعرائش دائمة الانفتاح و الاقبال على مجموعة من الانشطة، التي تهدف الى اكتساب مهارات مهنية و اجتماعية، ستساعد النزلاء المستفيدين من التكوين البحري، والبالغ عددهم 28 بحارا سجينا، على الإندماج في الحياة المهنية والعملية و الاجتماعية بقدرات متفوقة. وكذا تمكين البحارة السجناء من السلوكيات الإيجابية لتحسين علاقتهم بمحيطهم الخارجي .
و في ذات الموضوع، اشار التهامي ، ان موضوع المواطنة الفاعلة، قد أتاح للبحارة السجناء الفرصة، للتعرف على أهمية المواطنة في تقدم الأمم. كما كان فرصة لإبراز أمثلة لبعض تجارب الشعوب في التشبث بالمواطنة، ومفهوم الانتماء للوطن . هذا ناهيك عن إمدادهم خلال مجريات الدورة التحسيسية، بمجموعة من المبادئ النبيلة، والعمل على اصلاح كل السلوكيات نحو الافضل خدمة للوطن والمجتمع.
ويعد معهد تكنولوجيا الصيد بالعرائش من انشط المعاهد إنفتاحا على المؤسسات السجنية ، لاسيما وأن قطاع الصيد يعتبر من القطاعات، التي فتحت دراعيها لهذه الشريحة المجتمعية، من أجل المصالحة مع الذات والشروع في الإندماج المجتمعي، حيث يبرز معهد الصيد البحري بالعرائش، كتجربة رائدة في تقديم تكوينات بحرية لنزلاء السجن المحلي بالعرائش، قصد تمكينهم من المؤهلات وتنمية مهاراتهم لتدبير حياتهم اليومية، ومساعدتهم على الإندماج في سوق الشغل بقطاع الصيد بعد الإفراج عنهم.
ويتم تكوين المستفيدين حسب تصريحات سابقة لجهات أشرفت على تنفيذ المشروع لجريدة البحرنيوز، إعتمادا على مقرر تعليمي معتمد من طرف مختصين، في مجال البيداغوجية باليونسكو والوزارة الوصية على قطاع الصيد البحري. حيث يتم تأطير البحارة السجناء على مدى مرحلتين مترابطتين، يرومان تقوية قدرات المستفيدين من الجانب اللغوي والمعرفي المهني، بشقيها النظري والتطبيقي. ليتم تتويج البحارة السجناء بشهادة القرائية في أخر السنة الدراسية، التي تسمح لهم بالاستمرار باستكمال برنامج التكوين في المبادئ الأولية للسلامة الصحية، التي تخول للبحارة السجناء، العمل على متن مراكب الصيد البحري. و بالتالي إدماج هده الفئة وسط المجتمع ، بشكل يكفل لهم تحديد مسارهم المهني المستقبلي ما بعد مرحلة السجن.
وحظيت هذه التجربة بتقدير محلي و دولي، حيث واكب معهد الصيد البحري بالعرائش تكوين وتدريس نزلاء المؤسسة البحرية، في المواسم الآخيرة، نال على إثرها العشرات من النزلاء المستفيدين شواهدا معترف بها، من طرف مديرية التكوين التابعة لوزارة الصيد البحري. فيما تتجاوز نسبة إدماج المستفيدين من هذه الشريحة بسوق الشغل، في قطاع الصيد نسب جد مشجعة مند بداية المبادرة بمدينة العرائش، وفق أرقام يقدمها القائمون على المشروع. وهو ما دفع المهتمين إلى المطالبة بتعميم التجربة بباقي سجون المملكة.
ويعج قطاع الصيد بالكثير من القصص الناجحة لسجناء إمتهنوا الصيد، ونجحوا في كسب إحترام محيطهم المهني، حيث يبقى البحر فضاء رحبا لإعادة الإندماج في سوق الشغل، لاسيما وان العمل به ينبني على نوع من العزلة التي تفرضها رحلات الصيد، والتي تقدم للسجين فرصة الإنتقال التدريجي نحو الإنصهار في القطاع. ومنه الإندماج في المجتمع، رغم أن هذا الأخير يبقى زاوية صعبة من حيث المساعدة على مصالحة السجين مع ذاته في علاقتها بالمحيط، رغم التغيير الذي أجرته العقوبة السالبة للحرية على نمط التفكير والنظرة للأشياء بين الأمس واليوم تشير المصادر المهتمة. فيما يتطلع الفاعلون إلى إعادة النظر في السجل العدلي كوثيقة لازال تشكل عائقا أمام الإدماج.