التاريخ مليء بقصص نساء كسرن القاعدة وانتصرن على المجتمع الذكوري، ووقفن في وجه متاعب الدنيا وانتصرن عليها. نساء دخلن غمار مهنة الصيد البحري بملحمية، وفرضن منافسة قوية على الرجال. في هذه الحوار نستقبل حليمة العوام، شابة مقاولة “مجهزة” في قطاع الصيد البحري بأكادير، اختارت البحر موردا لرزقها متبعة في دلك خطى والدها . حريصة جدا ان تستمر بهده المهنة، وأن تخوض مضمار التنافس.
في هدا الحوار ستقربنا الزميلة فاطمة الزهراء الواحدي من تجربة حليمة العوام كفاعلة مهنية في قطاع الصيد البحري
من هي حليمة العوام؟
شكرا لجريدة البحر نيوز على الاستضافة، حليمة ابنة بحار قبل ان يمتلك سفينته الخاصة بالصيد، لدلك احرص ان اعرف نفسي دائما بهده الصفة.
حليمة انت ورثت عن والدك التواجد بالحنطة كامرأة مجهزة في قطاع الصيد. أين تكمن مهمتك ؟
اشتغل مقابلة بتعاون مع أخي، مهمتي تكتسي طابعا إداريا محظا، فأنا من يتكفل بإصلاحات السفن وتسديد الشيكات والكمبيالات، يعني كل ما يتعلق بالوثائق و الإدارة .
هل يمكننا القول ان اشتغالك بقطاع الصيد مجرد صدفة؟
لن أقول ان اشتغالي بهدا المجال مجرد صدفة، طبعا كما سبق وذكرت أنا ابنة بحار. توفى والدي وترك لنا بعض المراكب، لدلك أتممت مسيرة الوالد رحمة الله عليه رفقة إخوتي. فعلاقتي بالبحر، بدأت و أنا طفلة، كنت أرافق أبي في جل خطواته بالبحر. وبفضله عشقت البحر. بل أكثر من ذلك فأبي من دفعني الى الإيمان اكثر ثم اكثر بقدراتي في هدا المجال البحري.
كيف ذلك؟
فوالدي كان يشاركني برامجه ومشاكله وإكراهات هدا القطاع، التي مازلنا وللأسف نعيشها لحد الآن. ولكن بفضل تشبتنا وإيماننا، سنحاول أن نخرج منها منتصرين، خصوصا أن هناك اطر عليا مشرفة، تسهر على تشجيع الإستمرارية كالسيدة الدريوش، الانسانة التي أعطت الشيء الكثير في مجال البحر. غير أنه وللاسف بعد ظهور وباء كورونا، أصبح الإشتغال صعب، ولا نجد تشجيعا لكي نستمر. وأنا أجزم أن ما دام البحار لم يأخد حقه، لن تمر هده الأزمة كما نتمنى.
كيف هي علاقتك بالبحر؟
وجدت نفسي منذ نعومة اظافري وسط عائلة، تهتم وتشتغل بالبحر، ليس أبي فقطأ بل حتى أمي كانت تساعده في خياطة شباك البحر. وكنت أجدها مكانا للعب والنوم. وأنا عمري لا يتعدى الست سنوات انذاك.
ممكن أن تصفي لنا ظروف اشتغال المرأة في قطاع الصيد؟
أول مرة أدخل الميناء أصبت بصدمة، لأن هده المهنة بقدر بساطتها بقدر مشاكلها وإكراهاتها. فأول صعوبة إصطدمت بها، هي أن الذكورية الغالبة على هدا المجال. لا يمكن أن أعمم طبعا، ولكن هناك فئة تحاول إقبار مجهودات لنساء على درجة عالية من الكفاءة، يشتغلن بحماس. للأسف هناك من لا يؤمن بالدور الريادي للمراة بقطاع البحر، خصوصا في كل ما هو إداري. هدا ما يجعل حضور المراة باهث بهدا القطاع، الذي لا يمكن ان أحصره في الرجل فقط، بل للمراة مكان أيضا. فالقطاع اليوم يحتاج للكفاءة أينما توفرت، سواء في الرجل أو في المرأة . بعيدا عن المزايدات الضيقة، التي تشبعث بأحكام مسبقة، غارقة في الأنانية والفردانية .
من خلال تحربتك، ما هو سبب الحضور الباهت للمراة المجهزة في قطاع الصيد البحري، فهي تغيب عن مؤسسات دستورية وكذا التكتلات المهنية، رغم حضورها القوي على مستوى مركزية القرار الإداري؟
نعم هناك تناقض صريح بين حضور المرأة على مستوى مركز القرار، حيث أبدعت وتسلقت المراتب والمراكز، لكن بالمقابل لم تبرز بالشكل المطلوب على المستوى المهني. أظن أن الأمر يتعلق بالتقاليد والعادات. فأغلب المجهزين خصوصا بالجنوب، ينحذرون من مجتمع سوسي، مشبع بالثقافة المحافظة. فالرجل السوسي، لا يتقبل أن تشتغل زوجته أو ابنته أو أخته و لا شريكته بهذا القطاع. وهي فكرة أساءت للمرأة المحلية. لدى فنحن في سنة 2020 . وقد حان الوقت ان نغير من هده النظرة للمرأة السوسية أو المغربية بصفة عامة. لأنه يمكن للنساء أن تقمن بمثل ما يفعله الرجال، على أن الفرق يبقى كامنا في وجهات النظر، التي يجب عليها أن تتغير.
رسالتك للمراة التي تشتغل بالبحر؟
ساتكلم بصفتي “أرماتور” وكذا “مقابلة”، يجب على المرأة أن تناضل من أجل الحقوق. لا ننسى أن كل امرأة تتوفر على موهبة أو قدرة أو فرصة، تنتظر صقلها اأ تطويرها أو استغلالها. فعن تجربتي كامراة تناضل من أجل حقوق البحار، كنت من الرافضات لخروج البحار للاشتغال في هده الظرفية . لأن ظروف الاشتغال داخل السفن، غير ملائمة لاحترام تدابير السلامة الصحية، بالنظر لصغر المساحة داخل المراكب، التي تكاد لا تتحمل تواجد أكثر من 6 بحارة. فأتمنى أن تكون هناك رقابة صارمة، خصوصا في هده الظرفية التي نعيشها، لضمان سلامة البحار.
أرى من خلال نبرتك أن هناك تدمر على المستوى الترافعي للمراة المهنية في قطاع الصيد ؟
هو تدمر سيكون حاصلا لدى مختلف الفاعلات المهنيات في قطاع الصيد، فالمرأة بمجالنا يجب أن تكون لها بصمة خاصة بها. وهنا أطرح معك ذات السؤال حول سبب غياب تمثيلية المرأة المجهزة لمراكب الصيد، داخل غرف الصيد البحري. فمن العيب والعبث والعار، أن نرى غرف الصيد الأربعة وجامعتها تضم في تركيباتها مجتمعة، امرأة واحدة لا غير تنشط في تربية الأحياء البحرية. ونحن اليوم نتحدث عن حضور المرأة، لدى أطلب اليوم أن تكون هناك لوائح نسوية، تضمن كوطا معينة لحضور المراة داخل غرف الصيد. وأوجه عناية النساء البحريات، من خلال منبر البحرنيوز، للخروج من مخابئهن، فهن كثيرات وأنا أعرفهن وألتقيهن بإستمرار. فهن مطالبات اليوم بالظهور أكثر لضمان حقوقهن و حقوق البحارة بصفة عامة.
حليمة لو طلبت منك سيدتنين تعتبرين نجاحهما مصدر إلهام لشخصك في قطاع الصيد والبحر ؟
على مستوى الجانب المهني أنا من المعجبات بالسيدة بيجوان، فهي امراة أعمال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهناك السيدة الدريوش الكاتبة العامة بالوزارة، التي نفتخر بها وبطريقة تسييرها. ولكن كيف ومن سيوصل لها مشاكلنا اليومية، التي نعيشها كمجهزين صغار رفقة بحارتنا، في ظل التمدد الذي تعرفه الجائحة الحالية. لاسيما في ظل تواجد جهات، تسهر على عدم إيصال مشاكل البحار الصغير للمسؤولين، مع العلم أن البحار لا يطلب الا حقوقه البسيطة. فحققوا له حقوقه وستتفاجئون بالنتيجة.
امرأة تتكلم عن قطاع الصيد البحري بنبرة فيها المرارة لكن ما أثار انتباهي في اللقاء كون السيدة المجهزة المقابلة تتكلم على حقوق البحار في حين أن السيد المجهز الذكري يبيع 75 على الرصيف وعندما تساله عن البحار وحقوق في غياب التغطية الصحية والاجتماعية يقول هو شريك في الإنتاج عن اي انتاج يتكلم هذا المجهز المقابل في غياب التصريح ليلا ونهارا ،فعلا الدهر سيكون كشاف لهم في الدنيا قبل الآخرة ……