قدمت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي مداخلة قوية ومطولة ضمن اجتماع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب الذي إنعقد أمس الثلاثاء 09 ماي 2023 بحضور وزير النقل واللوجستيك ، وذلك لدراسة مواضيع مرتبطة بقطاع النقل البحري. إذ تطرقت النائبة البرلماني في مداخلة مطولة لعدد من المحاور المرتبطة بالنقل البحري و الشحن والموانئ وكذا التعاون في هذا المجال الإسترتيجي.
ولفتت النائبة البرلمانية عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية في بداية المداخلة إنتباه الوزير الوصي للغة التشوير، مؤكدة أنه لابأس من وجود لغات أجنبية لان هذه مناطق عبور إلا أنه من غير المقبول ان تغيب اللغة العربية، والامازيغية خاصة بعد القرار التاريخي لجلالة الملك محمد السادس ،حفظه الله، باقرار( ايض ايناير )فاتح السنة الامازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدى عنها لكل المغاربة.
فعلى مستوى الملاحة التجارية أكدت النائبة البرلمانية أن بلادنا تبوأت مكانة متقدمة في الخارطة البحرية الدولية باحتلالها المركز العشرين عالميا حسب مؤشر الربط البحري، وذلك بفضل السياسة المينائية التي نهجتها بلادنا منذ الحكومات السابقة، لاسيما مشروع طنجة المتوسط، وكذا بفضل التسهيلات المرتبطة بالتجارة الخارجية. وهو ما جعل النقل البحري يؤمن 95% من المبادلات التجارية بالنسبة لبلادنا، فيما بلغ نمو الرواج التجاري البحري بالموانئ المغربية سنة نسبة 11.6% حيث بلغت الحمولة المنقولة ما يعادل 192 مليون طن. الا أن أسعار الشحن البحري تطورت بشكل كبير أدى الى ارتفاع أسعار المواد على المستوى الداخلي وأثر بشكل سلبي على المعيشة اليومية للمواطنين.
وسجلت الفتحاوي بنوع من الأسف، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لم تمكن من التقليل من انعكاس ارتفاع أسعار الشحن على السلع المستوردة الا بنسبة تقدر ب 4%. حيث دعت في سياق متصل إلى مواصلة الجهود للرفع من القدرة التنافسية لقطاع النقل البحري على الصعيد الوطني، وذلك عبر تعزيز المكانة المتقدمة التي تحتلها بلادنا على مستوى الربط المينائي، والانتقال الرقمي لكافة المتدخلين في سلاسل التوزيع والإنتاج وعقلنة وتبسيط المساطر ورقمنتها.
وعلى مستوى تطوير التعاون في مجال النقل البحري ثمنت النائبة في مداخلتها، اتفاقيات التعاون في ميدان الملاحة التجارية بين البلدان التي تهدف إلى تنظيم وتطوير العلاقات البحرية بين المملكة المغربية والبلدان ذات السواحل البحرية الى تطوير التعاون في قطاع النقل البحري، بالإضافة إلى المساهمة بصفة عامة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وكذا تطوير الملاحة البحرية بين موانئ البلدين، وتشجيع الشركات البحرية على اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير خدمات بحرية فعالة، بما يخدم المصالح المشتركة للشركات البحرية والشاحنين بالبلدين وعقد شراكات لضمان المساهمة الفعلية لأسطولي المغرب والبلدان الشريكة في المبادلات البحرية بين البلدين.
وبخصوص عملية عبور الجالية المغربية المقيمة بالخارج”مرحبا 2023″، ذكرت النائبة البرلمانية ببالمؤشرات الرقيمة المحققة في عملية “مرحبا 2022” التي عرفت دخول أزيد من مليون و117 ألف شخص، وأزيد من 270 ألف عربة عبر الخطوط البحرية. وبخصوص عمليات الخروج، فقد غادر أكثر من 880.000 شخصا، و197.000 عربة المغرب عبر الخطوط البحرية، حيث سجلت النائبة بنوع من الإرتياح تطور عمليات الدخول عبر موانئ المملكة (طنجة المتوسط، طنجة المدينة، الناظور، والحسيمة) مشيرة في ذات السياق إلى أن الأرقام المنتظرة خلال السنة الجارية يجب ألا تقل عن أرقام السنة الماضية، مع ضرورة توفير السفن الكافية، ومراقبة ارتفاع سعر التذاكر التي يعاني منها مغاربة العالم .
وشددت نعيمة الفتحاوي على تقييم ودراسة والتفاعل مع شكايات الجالية بخصوص الموضوع خاصة وان جاليتنا تضخ اموالا طائلة في ميزانية الدولة، داعية الوزير الوصي إلى تفعيل التوصيات الصادرة عن اللجنة البرلمانية للمهمة الاستطلاعية المؤقتة “مرحبا 2022” ،وتنزيلها في جزءها الموكول إلى ذات الوزارة حتى يكون لهذه التقارير جدوى ووقع في حياة المواطن .
وتناولت النائبة الربلماني وبشكل مطول ضمن ذات المداخلة تلوث البحار عبر إلقاء النفايات من السفن والطائرات والمنصات، مشددة على ضرورة تفعيل اتفاقية لندن لعام 1972 وبروتوكول اتفاقية لندن لعام 1996، والمتعلقين بمكافحة تلوث البحار عبر إلقاء النفايات والمواد الأخرى من السفن والطائرات والمنصات. حيث أشارت المتدخلة أن كميات هائلة تقدف سنويا في البحر من النفايات والمواد الأخرى من السفن والطائرات والمنصات تؤثر سلبا على السلامة البيئية للبحر وللأحياء البحرية ، ما يتطلب ضرورة تحديد مواقع إلقاء النفايات والمواد الأخرى في البحر ووضع مخططات تدبير ومراقبة هذه المواقع؛ وكذا التخلص من النفايات والمواد الأخرى الناتجة عن التعدين في البيئة البحرية، بما في ذلك استخراج الموارد المعدنية البحرية؛ مع ضرورة تقييم الآثار البيئية للنفايات الناتجة عن إغراق الذخائر الكيميائية في البحر.
وأشارت الفتحاوي أن دراسة بيئية أن حذرت من معدات الصيد المفقودة في السواحل ، والتي تتسبب في أضرار اجتماعية واقتصادية وبيئية جسيمة، تشير الدراسة إلى أن مئات الآلاف من الحيوانات تموت كل عام من الصيد العشوائي في شباك الصيد، كما يمكن أن تستمر الشباك المهجورة في الصيد العشوائي لعقود في البحر. وتوصل البحث إلى أن كمية الشباك التي يتم التخلص منها في البحر كل عام تشمل 740 ألف كيلوميتر من الخطوط الطويلة، وما يقرب 3 آلاف كيلومتر مربع من الشباك الخيشومية و218 كيلومتر مربع من شباك الجر و75 ألف من شباك المحوطة، إضافة إلى أكثر من 25 مليون وعاء ومصيدة وحوالي 14 مليار خطاف طويل كل عام. وأن ما يقرب من 700 نوع من الكائنات البحرية تتفاعل مع الحطام البحري، وكثير منها مهدد بالانقراض، حيث توصل بحث أسترالي وأمريكي الى أن معدات الصيد تشكل أكبر تهديد للحيوانات البحرية مثل السلاحف البحرية والثدييات البحرية والطيور البحرية والحيتان، التي تتشابك أطرافها وأجسامها مع النفايات البلاستيكية بما فيها نفايات الصيد.
ولفتت النائبة في ذات المداخلة عناية الوزير إلى الإسراع باتخاذ الإجراءات الضرورية ،لتوعية الصيادين بمخاطر تلويث البحر بخيوط شباك الصيد التي يتم التخلص منها ومعدات الصيد المفقودة والنفايات البلاستيكية. فيما اشارت أيضا إلى أن دراسة حديثة قامت بها مؤسسة “بيغ ثينك” للاستطلاعات، نبهت إلى أن 2% من جميع معدات الصيد المستخدمة في جميع أنحاء العالم تؤدي إلى تلويث المحيطات والبحار، حيث أن حجم خيوط شباك الصيد التي يتم التخلص منها في المياه المالحة يمكن تدور حول الأرض أكثر من 18 مرة
ويخصوص التكوين في مجال الدراسات البحرية، أكدت الفتحاوي على ضورة السهر على الإدماج الجيد في سوق الشغل لخريجي المعهد العالي للدراسات البحرية؛ من أجل مساعدتهم على تطبيق المعارف المكتسبة طيلة مسارهم الدراسي تطبيقا لاستراتيجية المعهد في تنويع مسالك التكوين، حيث تخرجت أول دفعة من خريجي سلك الماستر في إدارة الشؤون البحرية وأول فوج للسنة الأولى من دبلوم مهندس الدولة في صناعة وصيانة السفن.فالمعهد تضيف النائبة البرلمانية له قدرة على التأطير، و ينبغي تطويرها لتلبية الحاجة من الأطر والدراسات البحرية على المستويين الوطني والقاري؛ إضافة الى التكوين المستمر بالمعهد الذي يوفر تكوينات مبرمجة أو تكوينات حسب الطلب وفقا لمعايير الاتفاقيات الدولية (IALA STCW) لتلبية احتياجات قطاع النقل البحري والموانئ. خصوصا بعد اعتراف وزارة التعليم العالي وكونها مطابقة لتوصيات اتفاقية المنظمة البحرية العالمية (IMO). مع التأكيد على أهمية وضرورة التداريب التطبيقية على مثن السفن وتعزيز مهارات طلاب الملاحة التجارية من أجل إكمال الدورة التدريبة لهم، وبالتالي الحصول على شهادات الكفاءة، وفقًا لقواعد ومعايير اتفاقيةSTCW.
ولاحظت النائبة البرلمانية ضمن ذات المداخلة ، أن الأسطول البحري المغربي لنقل المسافرين اختفى تماما من الخدمة، منذ إفلاس الشركة المغربية للملاحة البحرية كومناف (Comanav)، وبعدما كان المغرب يملك في السابق أكثر من باخرة، علما أن بلادنا لا تعاني من إشكالية الموانئ وقد فسح المجال لشركات أوروبية للملاحة لملء الفراغ. ما المانع من خلق شركة وطنية للخطوط البحرية. فهناك تقول الفتحاوي رغبة لتنشيط السياحة بين جزر كناريا وأكادير وكذلك طرفاية ؛ سواء لنقل المسافرين أو السياح (Les croisières). فلماذا لم يتم الترخيص لحد الآن لشركات الملاحة السياحية الراغبة في ذلك؟ علما بأن من شان هذه الخطوة خلق جاذبية أكبر على الساحلين.
ودعت الفتحاوي في محور آخر يتعلق النجاعة الطاقية بقطاع النقل البحري، أنه و من أجل ضمان الحكامة والنجاعة في هذا القطاع التنموي المهم ، لا بد من اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة قصد تطوير النجاعة الطاقية بقطاع النقل البحري لما لذلك من وقع على الصعيد الاقتصادي والتنموي ومن أجل السعي نحو تحقيق الاستدامة في هذا القطاع الحيوي .
ولأنها منتخبة عن الدائرة الجهوية سوس ماسة، فقد تطرقت النائبة البرلمانية إلى أشغال التوسعة القائمة بميناء أكادير، معتبرة إياها غير كافية لأن المطلوب توسعة أكبر والموقع لا يسمح. فالمطلوب اذن هو إنجاز ميناء تجاري يليق بمدينة أكادير وبجهة سوس ماسة التي تعتبر قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في وسط المملكة ، وايضا بعد اطلاق اوراش كبيرة في اطار اتفاقية برنامج التنمية الحضرية لاكادير 2020/2024 الموقعة امام جلالة الملك، حفظه الله، والتي ستغير ملامح المدينة وترفع من جاذبية الجهة، علما بأن الميناء موجود في SRAT (المخطط الجهوي لإعداد التراب)، لا بد اذن من الاسراع باقراره.
وذكرت النائبة بأنها سبق وأن لفتت الانتباه لذلك أمام وزير التجهيز والماء في مداخلة سابقة و يتضمن هذا الورش: إنجاز ورش بناء إصلاح السفن بأكادير شمال الميناء الحالي بمنطقة أنزا، حيث تتواصل الدراسات التقنية بخصوص هذا المشروع، ومشروع تهيئة حوض جديد لمحطة استقبال البواخر السياحية، وكذا توسيع المساحات المخصصة للأنشطة التجارية؛ عبر خلق أراض مسطحة في مكان الورش البحري الحالي، مع إنجاز محطة جديدة لمعالجة البواخر البترولية.