صدر عن منشورات مركز موكادور للدراسات والأبحاث كتاب جديد للباحث في تاريخ المغرب، مصطفى وبالسان، بعنوان “القرصنة البحرية وتداعياتها بسوس: دراسة في تاريخ الأسرى بين سوس وأوروبا من القرن 16م إلى القرن 18م”، في مساهمة علمية نوعية تسلط الضوء على تاريخ شبه منسيّ لسواحل سوس، وما شهدته من صراعات بحرية وتجاذبات دولية.
يتناول الكتاب واقع الأسرى السوسيين الذين وقعوا ضحايا للقرصنة الأوروبية، وتم اقتيادهم إلى بلدان مثل فرنسا والبرتغال وجزر الكناري، كما يرصد في المقابل أسر الأوروبيين الذين احتُجزوا على يد القراصنة المغاربة بسواحل سوس. وتنبني الدراسة على ثلاثة محاور، أبرزها الانعكاسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة، في ارتباطها بمؤسسة “المخزن” وشبكات الفداء. كما يسعى هذا العمل إلى تصحيح التوازن في الكتابة التاريخية المغربية، عبر استعادة صوت الجنوب السوسي، وإبراز حضوره في تاريخ القرصنة والعبودية العابرة للمتوسط.
ويؤكد الكاتب أن الساحل السوسي، الذي عرف نشاطًا مكثفًا بين القرنين 16 و18، كان مسرحًا لعمليات قرصنة متبادلة، واحتجاز للأسرى، في سياق إقليمي ودولي مطبوع بصراعات الإمبراطوريات وتوسع التجارة. ويرتكز الكتاب في مقاربته على شهادات ومذكرات بعض البروتستانت الذين عاشوا مع الأسرى السوسيين نفس المحنة في أوروبا.
ويبيّن المؤلف أن القرصنة لم تكن فعلاً لصوصيًا صرفًا، كما صورتها بعض الكتابات الأوروبية، بل ظاهرة مركّبة شهدت تفاعلات بين المقاومة والهيمنة، والتجارة والحرب، والدين والسياسة. كما يبرز غياب دراسات مغربية معمقة تناولت الأسرى السوسيين، في مقابل تركيز أغلب الأبحاث على مراكز كبرى مثل سلا والرباط وتطوان، متجاهلة الأهمية الاستراتيجية لساحل سوس.