مع صدور التقرير الدولي الجديد حول “المرأة في القطاع البحري” لسنة 2025، الصادر عن المنظمة البحرية الدولية (IMO) والجمعية الدولية للنساء في الشحن والتجارة (WISTA)، عادت الأضواء لتُسلط من جديد على مشاركة النساء في هذا المجال الحيوي، ومن ضمنهن النساء المغربيات.
التقرير الذي يعدّ المرجع الثاني من نوعه منذ 2021، أظهر أن النساء لا يشكلن سوى 1% من البحارة و19% من القوى العاملة في الإدارات البحرية الوطنية للدول الأعضاء. فيما كشفت نتائج الإستطلاع، ضعف نسبة النساء من مجموع العاملين بالقطاع البحري بالمغرب، مُفيدة بأن نسبة المغربيات الموظفات والعاملات في الموانئ لا تتجاوز 14 في المائة. كما سجلت الأرقام أن نسبة المغربيات العاملات في الجمارك لا تتعدى كذلك 14 في المائة؛ بينما تهوي نسبة العاملات في مهام البحث والإغاثة إلى 2 في المائة فقط.
وأفادت النتائج ذاتها، بعدم وجود نساء ضمن التمثيلية المغربية داخل المنظمة البحرية الدولية. في حين أن نسبة المغربيات اللواتي يتولين مناصب تدبيرية متوسطة في القطاع البحري تبلغ 25 في المائة، مُقابل شغلهن 6 في المائة من مجموع المناصب المتعلقة بأدوار عملياتية وتقنية. أما في ما يتعلّق بالمهام الخاصة بالإسناد والدعم، فإن نسبة النساء من مجموع العاملين المغاربة الذين يتولون هذه المهام تبلغ 31 في المائة، وفق المصدر نفسه. في حين سجل التقرير أن عدد النساء خريجات الأكاديميات البحرية بالمغرب لا يتعدى 93 من أصل 1478 خريجا، أي أن نسبتهن لا تتخطى 6 في المائة من المجموع
وتعد هذه الوثيقة بما حملته من معطيات ومؤشرات، فرصة استراتيجية أمام المغرب لإعادة صياغة سياساته وتصوراته حول مشاركة النساء في القطاع البحري الماضية في التطور. لاسيما وان التقرير يفتح الباب أمام تحفيز الأداء في مستويات متعددة، على مستوى حضور النوع، ما يدفع المؤسسات الوطنية للاهتمام أكثر بقضايا الإدماج والمساواة في القطاع البحري. كما يشكل التقرير دعوة لتطوير أدوات رصد إحصائية، لمشاركة المرأة في هذا القطاع، وهو ما من شأنه أن يدفع الجهات المسؤولة على القطاع البحري بتمدداته المختلفة من ملاحة وصيد .. إلى اعتماد مقاربات إلتقائية أكثر حساسية لتجميع المؤشرات الرقمية للنوع الاجتماعي، في تمدداته المختلفة وتشعباته المهنية، في البرامج البحرية والتأطيرية.
فالتقرير يدعو ضمنيًا إلى مزيد من الدعم للمبادرات النسائية الفاعلة في المجال البحري، خاصة من طرف الشركاء الدوليين الذين يسعون إلى تمكين النساء الساحليات اقتصادياً. كما أن توصيات التقرير تفتح المجال أمام النساء للاستفادة من برامج تدريبية ممولة. وهذا ما سيعزز تمثيلية النساء في مواقع القرار داخل الإدارات البحرية والمؤسسات المينائية المغربية.
ويشكل التقرير رسالة محفزة للمرأة البحرية المغربية عبر تحفيز التكوين في تخصصات عليا ، في الملاحة، الهندسة البحرية، أو الاقتصاد الأزرق، وهي مجالات تشهد بالمغرب انفتاحاً نوعيا أمام العنصر النسوي. في إتجاه تعزيز القدرات وتطوير حضور المرأة في القطاع البحري. وهو ما يتطلب المزيد من تكثيف الجهود على مستوى الدعم المؤسسي، وتوفير بيئة مهنية آمنة، وتعزيز ثقافة المساواة، إذ يمكن للمغرب أن يُحول هذا القطاع، إلى نموذج إقليمي في الحضور الفاعل للنساء في الاقتصاد الأزرق.