ينقاش المكتب الوطني للصيد السبل الكفيلة بمحاصرة السوق السوداء، التي لازالت تنخر إقتصاد الصيد بالبلاد، حيث أطلق المكتب سلسلة مشاورات من أجل جعل شهادة التتبع للمنتوجات البحرية بالأسواق التابعة لهذه الإدارة، كواحدة من الأوراق التي يمكن لعبها من أجل محاصرة التهريب، وتخليق الممارسة المهنية في تجارة السمك.
وإحتضن مقر الإدارة المركزية للمكتب الوطني للصيد يوم الجمعة 4 مارس 2022، لقاء موسعا جمع مسؤولي المكتب بأعضاء الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك بالأسواق والموانئ الوطنية، حيث شكل اللقاء مناسبة لتقييم سياسة المكتب في تتبع المنتوجات البحرية، والتحديات والإكراهات التي تعترض تطوير الأداء في هذا السياق، لاسيما وأن هناك إنفلاتات تعرفها الأوراق الثبوتية للمنتوجات البحرية، والتي يعتريها تلاعب من طرف بعض الأطراف. وهو ما يؤثر سلبا على شفافية المعاملات، ويضرب في العمق صورة المنتوجات البحرية المغربية، سواء على مستوى الرواج المحلي وكذا في السوق الدولية، لاسيما منتوجات الصناعات البحرية المرتبطة بالأسماك السطحية الصغيرة.
وقال عبد اللطيف السعدوني رئيس الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك بالأسواق والموانئ الوطنية، أن تعميم العمل بشهادة التتبع لمسار المنتوجات البحرية بأسواق السمك التابعة للمكتب الوطني للصيد، هي خطوة محمودة في إتجاه محاربة التهريب، إذ من شأن هذه الخطوة، لو تم توفير الظروف المساعدة على إنجاحها، لعب دور كبير في تعزيز دينامية تجارة السمك. غير أن الظروف الحالية يقول السعدوني، تجعل من هذا الإجراء غير دي فعالية بالنظر لواقعية تجارة السمك، المطبوعة بوجود مسارات قانونية ومسارات غير قانونية، في ظل التأخر الحاصل في التنزيل الدقيق لقانون 12-15، والمتعلق ﺑﺎﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺪ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺼﺮح ﺑﻪ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ، وغياب القانون المنظم للبيع الثاني، لاسيما في ظل وجود أسواق للبيع الثاني تابعة للمكتب وأخرى خارج نفوذه، دون إغفال الرواج القوي لمنتوجات التهريب بسبب الإنتعاش الذي تعرفه مجموعة من الأسواق العشوائية.
وأوضح السعدوني أن الكل يعرف اليوم أن هناك نشاط تجاري غير مسؤول للمنتوجات البحرية يتم خارج الأسواق المؤطرة من طرف المكتب الوطني للصيد، ففي الكثير من المدن هناك أسواق تساهم بقوة في نشاط التهريب وتفاقم الظاهرة، كواحدة من التحديات التي تخدش صورة قطاع الصيد، وتعترض دينامية تجار السمك بمفهومها الشفاف، إذ أن التاجرالذي يريد الممارسة بشفافية وواقعية، يجد نفسه أمام مجموعة من الجبهات، التي تفعّلها لوبيات التهريب، هذه الآخيرة التي تنتعش من عدم التصريح بالمنتوج. وهذه هي النقطة التي تسيل المداد أو ما يسمى الحصان الأسود بالقطاع.
وأكد رئيس الكنفدرالية، أن اللقاء كان مناسبة لبسط هذه التحديات، والتي تتطلب توسيع النقاش مع المجهزين والمصنعين ومختلف الفاعلين في القطاع، بحكم أن الإشكالية ليست في الوثيقة الثبوتية، بقدر ما هي في تنزيل مواد القانون 12-15 التي لم تفعل بعد بالشكل المطلوب. إذ هناك مجموعة الإعتوارات في هذا الجانب، مشيرا في ذات السياق أن وزارة الصيد البحري والمكتب الوطني للصيد وجميع الفاعلين، باتوا مطالبين بضرورة تكتيف الجهود، لتجفيف فساد التهريب من المنبع، على مستوى الموانئ. وذلك عبر التحكم في تدفق المنتوجات البحرية، التي تبقى المؤثر الأساسي في كل إصلاح.
وأشار المصدر أن لا أحد سينكر الأثر الإيجابي لوثيقة التتبع، على مستوى محاربة التهريب، مبرزا أن الكنفدرالية مستعدة للمساهمة من جانبها في إذكاء الوعي بصلاحية ونجاعة هذا الإجراء، في الأسواق التابعة للمكتب الوطني للصيد، بما يضمن إيقاف بعض النعواتات اللامسؤولية وبعض الأمور التي تضر بالتصنيع السمكي لاسيما السمك الصناعي، كما تهدد التجارة النظيفة إذ أن التعامل بشكل غير متوازن مع اسواق الجملة سيدفع الكثير من التجار لمغادرة هذه الأسواق المؤطرة من طرف المكتب الوطني للصيد إلى أسواق آخرى تنشط خارج نفوده وهو ما نخشى وقوعه يقول السعدوني. مشيرا في ذات السياق أن عملا كبيرا ينتظر مختلف المتدخلين، لمنع المعيقات التي تهدد نجاح الإصلاحات الجوهرية، بالنظر لحجم التغوّل لأسواق التهريب السمكي بعدد من مدن المملكة.
ويراهن المكتب الوطني للصيد على جملة من الإصلاحات وكذا إعتماد تدابير إجرائية للقطع مع التهريب في دائرة إختصاصه، من قبيل فرض وثيقة التتبع لمعرفة وجهة المنتوجات البحرية ومسارها بين أسواق البيع الأول وأسواق البيع الثاني وكذا الوحدات الصناعية، وكذا العمل على تنزيل ورش رقمنة المزادات، بما يضمن تعزيز شفافية المعاملات، والرفع من قيمة المنتوجات البحرية. وهي مجهودات تبقى في حاجة لتنسيق الجهود بين مختلف الفرقاء والفاعلين، لتطويق الأنشطة المشبوهة، وتخليق الممارسة المهنية على مستوى الصيد وكذا التفريغ والبيع، عبر مختلف محطات الإنتاج، من المصيدة وصولا للتسويق على مستوى البيع الأول والثاني بالأسواق الرسمية ثم توجيه الأسماك نحو التصنيع والإسنهلاك.