منذ الإستقلال لم تهتم أي حكومة بالقطاع البحري (الحديث هنا على الملاحة التجارية)، بل أكثر من ذلك تم خوصصة القطاع في 2007 لينهار كليا في 2011. ونضرا لأهمية القطاع خاصة في جلب العملة الصعبة فإن أهميته تظهر بجلاء في ظل هاته الأزمة الإقتصادية نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد.
فالكل يعلم أن بنك المغرب أعلنت في فبراير 2020 أن احتياطي العملة الصعبة يناهز 241,4 مليار درهم، أي ما يسد حاجيات المغرب لما يفوق 5 أشهر . لكن صلب الموضوع ليس هذا الإحتياط من العملة الصعبة، وإنما عدم توفرنا على أسطول بحري، قصد جلب السلع ونقل المسافرين، فنتيجة لإفلاس ِCOMANAV و COMARIT و IMTC وغيرها من شركات الملاحة المغربية، فجل السلع التي يستوردها المغرب يسددها بالعملة الصعبة. وهنا يظهر بجلاء أهمية التوفر على شركات مغربية. فحينها سنسدد أولا بالدرهم، تم إن التصدير سيسدده المشتري بالخارج بالعملة الصعبة وما لذلك من أهمية بالغة في احتياطي هاته العملة.
وقصد تقييم ما فقده المغرب بخوصصة قطاع الملاحة التجارية فإن الجدول الموضوع رهن أشارتكم طيه، يضم ميزان المدفوعات ومصدره مكتب الصرف. كما أن دراسة معمقة لإحصائيات المبادلات الخارجية ستبين لكم أنه في 2007 ، أي سنة خوصصة القطاع بدء نقصان الموارد في قائمة النقل البحري، ليستمر في التدهور تارة يرتفع قليلا تارة ينقص حتى سنة 2013، ليرجع إلى مستواه قبيل الخوصصة (4,562 مليار درهم)، مقابل ارتفاع مهول في النفقات (من 12,3 إلى 18,6 مليار درهم خلال نفس الفترة 2007 – 2013).
نستنتج أننا ضيعنا 5 سنوات من الموارد من العملة الصعبة، مقابل ارتفاع بما يناهز 50% في حجم النفقات في النقل البحري خلال نفس الفترة. ولعل ما أصبو إليه هو التنظير إلى حجم ضياع العملة الصعبة، إبان خوصصة القطاع، انطلاقا من رقم أعمال الشركات المغربية للملاحة، وانطلاقا من كمية احتياطي العملة الصعبة التي كانت تجلب آنذاك، لننزلها على أرض الواقع حاليا، حسب وتيرة الإيراد والتصدير بالمغرب عبر النقل البحري.
فأمام حجم التداولات في 2019 بقيمة 11,8 مليار درهم كموارد و26,8 مليار درهم كنفقات النقل البحري، نكون قد ضيعنا 38,6 مليار درهم من العملة الصعبة لفائدة أرباب الشركات الأجنبية دون احتساب الخدمات الموازية، التي تؤدى بالعملة الصعبة كذلك، وتدخل في قائمة التداولات المالية. وما إلى ذلك من رواج موازي لنقوّم احتياطي العملة الصعبة، ب 50 مليار درهم نتيجة عدم توفرنا على أسطول بحري مغربي لنقل السلع والمسافرين.
في الختام وكما تم الإشارة إلى ذلك بالمقدمة، فأهمية الملاحة التجارية تكمن في كون سد حاجيات المغرب من السلع والخدمات، يناهز 5 أشهر حاليا. بينما لو كنا نتوفر على أسطول بحري، فإننا سنرفع سقف احتياطي العملة الصعبة إلى 290 مليار درهم أي ما يفوق 6 أشهر.
*بقلم محمد عدنان وازين الكاتب العام لنقابة الملاحة التجارية
المرفقات : ميزان المدفوعات من مكتب الصرف
https://www.oc.gov.ma/sites/default/files/documents/series-statistiques/BP_A_MBP5.xlsx
https://www.oc.gov.ma/sites/default/files/publication/S%C3%A9ries%20stat/BP_A_MBP6.xlsx.
نعم يجب مراعاة قطاع النقل البحري و البنية التحتية البحرية، لأن هذا القطاع هو شريان العالم يزوده بكل الاحتياجات، لذلك نرجو التفاتة لهذه القطاعات الحيوية. فالمغرب و الحمد لله له مقومات لجعل هذا القطاع مزدهر لما يزخر بكفاءات مغربية فعالة.