“ثمن صندوق سمك السردين 2000 درهمٍ” عنوان بارز ومتداول على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث تفاعل الكثير من المدونيين مع هذا الخبر ، حتى وإن كان واقع الحال يؤكد بأن الثمن الذي تم تقديمه شفويا للحصول على بعض الصناديق هو يفوق هذا الثمن ولامس سقف 2200 درهم في السوق السوداء ، حسب الأصداء القادمة من ميناء الصيد ببني إنصار .
خبر أصابنا على غرار المتتبعين للشأن البحري بالصدمة، على الرغم ما لمسنا فيه من المبالغة والتضخيم، حتى وإن كنا نجمع على أن مصيدة السردين ليست بخير ، وأن ما تواجهه يهدد بحق إستقرار أثمنتها في السوق، لكن ليس إلى الحد الذي يقفز بالأثمنة لتتجاوز 2000 درهم للصندوق ، ما يعادل نحو 100 درهم للكيلوغرام. لذلك عمدنا إلى ربط الإتصال بعدد من المجهزين والتجار على مستوى الميناء المعني بالمقال، في خطوة كانت الغاية منها تحري الحقيقة وأخد التوضيحات اللازمة، فأكدوا جميعهم أن الواقعة حقيقية حتى ان الأثمنة المعلنة لامست سقف 2200 درهم للصندوق ، لكن مع وقف التنفيذ على مستوى الأداء.
وأوضح سعيد الرايس وهو مجهز وعضو بغرفة الصيد البحري المتوسطية ، أن الأسماك المعنية هي واردة على الميناء، قادمة من إحدى الموانئ الأطلسية ( المحمدية) في سياق ما يعرف بسمك العبور، في ظل العطالة التي تعرفها مراكب السردين بالميناء ، حيث أن العرض المحدود بالميناء خارج سوق السمك من طرف إحدى السيارات المحملة بستة صناديق من السردين، أشع المنافسة بين مالكي مطعمين متخصصين في الشواية، حيث حاول كل منهما الحصول على الصناديق الستة المعروضة للبيع، وهو ما أغضب صاحب الصناديق، وأخبرهما ان من يدفع أكثر سيحصل على الصناديق في مشهد درامي، زاد من حماسة المتنافسين “المتعاندين” بشكل أدخل المتابعين في حالة من الدهول.
وتزايد الشخصان المذكوران على الصناديق بشكل غير طبيعي وهيستيري، في ظل المنافسة الشرسة بينهما كمطعمين متخصصين، فلامست الأثمنة التي تمت خارج القنوات الرسمية حدود 2200 درهم ، غير أن الفائز بالصناديق وبعد إنتهاء العملية وهدوء الأعصاب يبرز المصدر، تم التراجع على الثمن المعلن، ليتم الإتفاق على 1200 درهم للصندوق، وهو معطى أكده أيضا أحد تجار السمك بالميناء في تصريح متطابق لجريدة البحرنيوز . حيث تسبب العرض المحدود وشدة الطلب الملح، في خروج الأثمنة عن دائرة التحكم، خصوصا وأن وجهة الأسماك لم تكن موجهة لسوق الإستهلاك بالتقسيط، وإنما لمطعم متخصص يراهن على السردين لتنويع عروضه الموجهة للزبناء.
إلى ذلك تشير المصادر المهنية أن مراكب السردين، تعرف في الأيام الآخيرة عطالة إضطرارية بالميناء المتواجد بالجهة الشرقية. وهي عطالة ناجمة عن الظروف الجوية الصعبة التي تعرفها السواحل المحلية ، فيما أشارت المصادر في ذات السياق أن الصندوق الواحد من أسماك السردين المتأتية من سمك العبور الوافدة على الميناء، قد تراوح يوم الأربعاء الماضي بين 200 و250 درهم للصندوق. ما يجعل من واقعة أمس الخميس، حالة شادة، لايمكن القياس عليها، لكن وجب عدم المرور عليها مرور الكرام ، لانها تسائل مختلف الفاعلين والمتدخلين .
يذكر أن واقعة بني إنصار ، قد عرّت عن حقائق صادمة بخصوص مصيدة السردين، التي تتخبط في الكثير من التحديات، حتى أن هذا النوع من الأسماك الذي كان يتسيّد إلى حدود الأمس القريب المنتوجات البحرية على الموائد المغربية، أصبح اليوم تحت وقع المضاربات بفعل محدودية العرض وكثرة الوساطات، خارج القدرة الشرائية لعشاق هذا النوع السمكي، على الرغم من الجهود الإصلاحية المعتمدة بمجموعة من الموانئ.
وسنعود بمزيد من التفاصيل في مقال قادم ..