كشفت مصادر مهنية محسوبة على بحارة قطاع الصيد الساحلي صنف السردين بميناء المضيق، أن بحارة مراكب الصيد الساحلي يتهددهم الإفلاس، بفعل المردودية الاقتصادية المتدنية، التي باتوا يعيشون على وقعها، منذ تراجع الأسماك السطحية الصغيرة بمصايد المنطقة. وذلك نتيجة الهجمات المتواصلة لسمك النيكرو، دون تقرير حلول واقعية بديلة، من طرف الجهات المسؤولة، لبعث نفس جديد في صفوف بحارة الصيد الساحلي بالمنطقة المتضررة.
وقال عبد الواحد أعلوف رئيس جمعية صندوق الإعانة والإغاثة الاجتماعية بميناء المضيق في تصريح لجريدة البحرنيوز، أن أزيد من 600 بحار ينشطون في الصيد الساحلي صنف السردين، أضحوا اليوم يواجهون المجهول. وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تسربت للفاعلين المهنيين، نتيجة الظروف التي فرضتها تبعاث كوفيد19، وقبلها الهجمات المتواصلة لسمك النيكرو ، هذه الآخيرة التي ساهمت في تقلص مفرغات المنتوجات البحرية من الأسماك السطحية الصغيرة.
وسجل الفاعل المهني أن مجموعة من الإرهاصات والمشاكل، باتت لصيقة ببحارة الصيد الساحلي بالمضيق، رغم الحلول الادارية التي ابتدعتها وزارة الصيد البحري بشراكة مع مجموعة من المتدخلين، منها ما تم تطبيقه، كما هو الشأن للتعويضات العامة على هجمات سمك النيكرو، التي خصصت لمجهزي الصيد الساحلي، والتي كان لبحارة الصيد الساحلي نصيب فيها. ومنها التعويضات التي يمنحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في صنف تعويضات عائلية حسب تعبير المصدر المهني.
وأوضح المصدر أن هذه التعويضات جاءت بموجب اتفاق سابق بين وزارة الصيد البحري مع الصندوق الوطني لضمان الاجتماعي. وذلك في خطوة تروم الحفاظ على الخدمات الإجتماعية التي يقدمها الصندوق، في ظل تدني المصطادات وتراجع مداخيل البحارة . حيث تم الإتفاق في وقت سابق على دعم الخدمات الصحية والإجتماعية لفائدة مزاولي مهنة الصيد البحري، من خلال دعم الاجور المصرح بها وإيصالها للقيمة العادية، التي تخول لبحارة الصيد الساحلي بالمضيق، الاستفادة من التعويضات العائلية. لاسيما في ظل قلة المصطادات السطحية الصغيرة.
وأبان المصدر الجمعوي في ذات السياق ان التعويضات العائلية التي كان مهني الصيد الساحلي ينتظرونها لتحفيزهم ماديا ،أضحت اليوم في خبر كان، بعدما كان مقررا تنزيل مضامينها للاستفادة من الدعم المادي لمدة سنتين 2019 و 2020، إلا أن عدد البحارة الذين مازالوا ينتظرون فرصتهم للاستفادة من التعويضات العائلية، منذ سنة 2019 تجاوز سقف 60 بحارا. في حين إنحصرت نسبة المستفيدين من العائدات العائلية منذ بداية سنة 2020 في عدد محدود جدا.
وطالب الفاعل الجمعوي الجهات المسؤولة، بالتدخل وايجاد حل نهائي لوقف الخسائر المادية، التي بات يكابدها بحارة الصيد الساحلي بالمضيق، بسبب هجمات الدلفين الأسود، والتي أثرت بشكل سلبي على عائدات مراكب صيد الأسماك السطحية، خاصة السردين. كما أثرت على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبحارة المشتغلون في صيد السردين. هؤلاء الذي اصبح يتقاضون اليوم اجرة يومية هزيلة، في انتظار ايجاد حل جدري ونهائي، يساهم في الرفع من المردودية الاقتصادية والاجتماعية مستقبلا.
وتواصل وزارة الصيد البحري من خلال المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، تشبتها بإيجاد حل لإشكالية الشباك المستعملة بالمنطقة، لوضع حد لمعاناة المجهزين والبحارة، وتحصين معداتهم ضد هجمات الدلفين الكبير ” النيكرو“، والتي تلحق خسائر فادحة بالشباك، وتفرغها من محصول الصيد. حيث لازال النقاش دائرا حول نجاعة الشباك السينية التي إقترحها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، إذ في وقت تؤكد فيه معطيات رسمية من داخل المعهد، أن هذه الشباك هي أكثر صلابة وقوة في مواجهة هجمات النيكرو، أو الوحش الذي أرعب الفاعلين المهنين وأجبر كثيرا منهم على المغادرة في إتجاه موانئ أخرى أكثر أمانا . يرى مجهزون أن هذه الشباك، لن تكون بمثابة الحل السحري والأمثل، الذي ينسي مهنيي الشرق تسلط النيكرو وهجماته المرعبة.
ويقول كثير من مهنيي الصيد بالسواحل التي تعرف إنتشارا قويا للأسماك النيكرو، أن الحاجة تبرز اليوم لنقاش قوي ومسؤول، مع المنظمة التي تحمي وترعى هذا النوع من الدلالفين ، من أجل دراسة حلول واقعية على المستوى المتوسط والبعيد ، بما يضمن تقليل اعداد الدلافين السوداء بالمنطقة وإعادة التوزن للحياة المهنية. فيما ترفض جهات مهتمة بالبيئة البحرية هذا الطرح، مؤكدة ان الإشكالية اليوم لا تكمن في النيكرو، بقدر ما تكمن في تناقص المصايد، والتي جعلت الدلافين تتمدد في إتجاه مصايد جديدة ، وذلك في ظل الخلل الذي أصبحت تشهده السلسلة الغذائية، المرتبطة بالتنوع البيولوجي للأحياء البحرية الذي تعرفه السواحل المحلية بالشرق خصوصا .