خلال هذه الشهور من كل سنة حينما يقرر بحار الصيد التقليدي ركوب البحر للبحث عن رزقه، تكون نتيجة هذه المغامرة إما عبارة عن ملهاة بنجاة الزورق و طاقمه، أو عبارة عن مأساة بغرق الزورق، و يكون الوضع أكثر تراجيديا حينما يسجل أفراد الطاقم في عداد المفقودين، فيكون الوضع أشبه بسجن من نوع خاص ..أرواح بالبحر تنظر الخلاص، و أخرى بالبر تنتظر جثامين من كان يعيلها لدفنها لتنعم بالسكينة.
هذا الوضع هو الذي تعيشه أسر البحارة ، الذين ابتلعهم قاع المحيط، غرب ميناء اسفي يوم السبت المنصرم، و رمى بزورقهم- في وضعية جيدة – على بعد سبعة أميال من ميناء الصويرية القديمة، كآخر رسالة يخطها عمق المحيط البارد إلى ذويهم و عائلاتهم.
وعلمنا من مصادر مهنية مقربة، ان عناصر تابعة للدرك الملكي البحري لميناء اسفي، تحركت للبحث والوقوف على حيثيات هذه القضية لفك لغزها، عبر معاينة الزورق الملفوظ. وكذا من خلال الاتصال بأسر البحارة المفقودين و مالك الزورق، سيما بعد أن ظهرت مجموعة من المعطيات توحي بتطور الاحداث ضمن فصول هذا الحادث المآساوي .
وابرزت المصادر أن مجهز القارب المسمى “العونية” والمسجل تحت رقم 1151/7 ، قال أن زورقه غير صالح للإبحار، بدليل انه في طور البناء و التجديد.. ما يطرح السؤال حول من كان وراء خرق القانون، بمنح نفس الاسم و الترقيم لزورقين مختلفين؟ فهل يمكن الحديث هنا تتساءل المصادر المهنية، على هامش الخطأ، أم عن تهور بحارين، بركوب الموج خلسة عن أعين أصحاب القرار الإداري ، أم عن جنحة بحرية ذهب ضحيتها أرواح لا ذنب لها سوى جهلها بالقانون.
وأضافت ذات المصادر أن من المفارقات العجيبة أن أحد الضحايا مسجل بسجل بحري لزورق آخر، يحمل اسم” الدريسية” المسجل تحت رقم-1567/7 و يمارس الإبحار على متن زورق في وضعية غير قانونية ..أما الثاني فلا يندرج في صفوف البحارة كونه لا يتوفر على دفتر بحري.
وفي موضوع متصل قالت مصادر مطلعة أن الادارة لا يمكنها التحكم في عمليات الابحار، ما دامت هذه القوارب غير متوفرة على اجهزة الرصد والمراقبة التي تضبط تتبع حركيتها بالبحر . في حين نوهت ذات المصادر ، بخطوة الوزارة في تعميم عملية تركيب الشرائح الالكثرونية. والتي ستمكن من ضبط هوية القوارب وكذا قانونيتها في مزاولة نشاط الصيد بالسواحل المغربية.
ويرى مهنييون أن الظرفية الآنية تقتضي مزيدا من الاجتهاد إلى أقصى حد، في تعديل و إنتاج قوانين جديدة تروم تعزيز البعد القانوني الذي يهيكل قطاع الصيد التقليدي. وذلك وفق رؤية إستراتيجية واضحة المعالم، و الحرص على إنزال قرارات بكل قوة في افق الحد من أحداث شهور العاصفة التي تخلف أوضاعا درامية كل سنة.
موضوع مهم ومعالجة دقيقة للنازلة احسن من سابقه تحياتي5