دعا مهنيو الصيد الساحلي وزارة الصيد إلى التسريع بتفعيل توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، ضمن أشغال الإجتماع الآخير المنعقد يوم 10 دجنبر 2019 حول الأسماك السطحية الصغيرة، والتي شدد من خلالها المعهد على أهمية الانتقال في نظام القياس الشامل في معرفة مدى قانونية أسماك الأنشوبا التي تستقطبها مراكب الصيد الساحلي، إلى نظام الحجم التجاري المرتبط بالقياس.
ويأتي مطلب المهنيين الذي تم رفعه للكاتبة العامة لقطاع الصيد، من طرف كل من الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب وجمعية البديل لمهني قطاع الصيد البحري، لتلافي التخبط وسوء الفهم الحاصل بين لجان المراقبة ومهنيي الصيد، خصوصا على مستوى تحديد الحجم التجاري لسمك الأنشوبا. والذي كان من تداعياته تغريم الكثير من المراكب مؤخرا، بعد جدبها لهذا النوع من الأسماك، بسبب إعتماد نظام قياس، أصبح حسب تصريحات متطابقة لمصادر محسوبة على كلتا الهيئتين المهنيتين ، متجاوزا في مختلف دول العالم. لاسيما وأن هذا النوع من النظام عند وضعه، لم يأخذ بعين الإعتبار التغيرات الموسمية. وهو ما يدفع في إتجاه شحن الأجواء، كلما حل فصل الشتاء، خصوصا وان واقع الحال يؤكد أن الأسماك التي يتم جدبها، تتوفر فيها مواصفة الأسماك القانونية عند عمليات الصيد.
ويرى المهنيون وفق ذات التصريحات، أن النظام المعتمد الذي يحدد 62 وحدة في الكيلوغرام مع هامش خطأ محدد في 5 في المائة ، يبقى قاصرا إلى حد بعيد. كما ان هذا النظام قد يصلح للموسم الصيفي لا غير، بحكم أن الأسماك في ذاك التوقيت يمكنها تحقيق هذا الشرط، كونها تتغدى جيدا ما يجعلها في وزن جيد . ولكن ذات المقياس لا ينسجم مع الموسم الشتوي، الأمر الذي يجعل الموسم مطبوعا بالتوثر والمشاكل، في علاقة المهنيين بمصالح المراقبة، بخصوص الأنشوب. لكون هذا النوع من الأسماك يصبح أقل تغذية نتيجة معطيات مرتبطة بالطبيعة والمناخ …وهو ما يجعل المهنيين يقعون في خرق القانون وتجاوز القالب المسموح به من منظور النظام المعتمد حاليا.
وأفادت ذات المصادر في تصريحها للبحرنيوز، بأن الأبحاث التي راكمتها كل من جمعية البديل والجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد، على مستوى تتبع طريقة التعاطي مع هذا النوع من الأسماك بالعالم ، قد أظهرت بالملموس، أن المغرب لايزال متأخرا في هذا السياق . إذ أكدا معا أن النظام المعمول به أوربيا خصوصا بفرنسا، يمكن فهمه من خلال المعهد الفرنسي لبحوث إستغلال البحار Ifremer ، حيث تعتمد فرنسا نظام القياس في الحجم التجاري، مع تضخيم العقوبات والغرامات، في حالة وقوع مركب معين في المحظور. وهي العقوبات التي قد تضع المجهز أمام الإفلاس. ما يجعل التجرية الفرنسية أكثر حرصا في تعاطيها مع تحديد الحجم التجاري، عبر إعتماد مجموعة من الطرق.
وتتجلى هذه الطرق في نهج ثلاث مسالك تعتبر مكملة لبعضها البعض، يبقى أولها مبدأ L50 (بمعنى الطول المحدد للحجم التجاري، والذي يجب أن يحقق 50٪ من الوحدات الناضجة في الصندوق، مع إعتماد قياس للطول يختلف بين الذكور والإناث، حيث تم تحديد 10.1 سم للإناث و 10.4 سم للذكور. وفي حالة لم يتم تحقيق هذا المعطى فإن مصالح المراقبة، تلجأ للمسلك الثاني، المتمثل في التدقيق في مدى بلوغ الأسماك العمر القانوني، من خلال إخضاعه لعمليات دقيقة داخل المختبر، تستهدف مراقبة مدى بروز الأعضاء التناسلية لكلا الجنسين. وفي حالة ما كانت هناك شكوك، فإن مصالح المراقبة تلجأ في الأخير ل “الشكامة”، لتحديد العمر الحقيقي للسمك من حيث الصغر أو البلوغ.
وتهدف المصالح المختصة من خلال المسالك الثلاث المذكورة، إلى التدقيق في مدى وجود المخالفة من عدمها في الأسماك الخاضعة للتحليل، قبل الحسم في إتخاذ أي إجراء تأديبي في حق المركب، والذي قد يكلف المجهز الإفلاس . كما أن هذا الحرص هو يصون في ذات الآن البيئة البحرية، إذ من المستبعد أن يتم إعادة الأسماك المصطادة إلى البحر، وما سيخلفه ذلك من تأثير سلبي على الوسط البحري.
وأفادت الهيئتين الجمعويتين، أن من غير المعقول أن يتم الإستمرار في إعتماد الطريقة القديمة في القياس، في بلد حقق طفرة كبيرة في قطاع الصيد، وأصبح مرجعا على مستوى القارة وكذا في العالم. كما أن الجانب البحثي في قطاع الصيد قد تطور بشكل كبير، لأن واقع الحال يؤكد أن جميع الكائنات الحية، يمكن أن يكون للفرد طول إجمالي للقاعدة ، وعلى العكس من ذلك ، فإن انخفاض الوزن قد يرتبط بمؤشرات نقص الغذاء ، الاضطراب البيولوجي ، وما إلى ذلك، ما يجعل من الطريقة المتبعة في المغرب فيها نوع من القصور عند تقدير عمر المصطادات.
كما نبهت ذات الهيئتين إلى أن إعتماد النظام الحالي في الحكم على مركب ما بمخالفته للقانون، هو أمر لا يمكن إستساغته من طرف الفاعلين المهنيين، خصوصا البحارة الذين إعتادوا على هذا النوع من الصيد ، ويفهمون من خلال تجربتهم الميدانية أنهم أمام أسماك متوازنة على مستوى القانون، قبل أن يتراجع الوزن ليجدوا أنفسهم أمام مخالفة، ستكلفهم الإضرار بمردوديتهم المالية. وهو ما يضرب في العمق السلم الإجتماعي لهذه الشريحةالمهنية، في قطاع يبقى الإشتغال فيه مرتبط بعوامل ذاتية وموضوعية، تتسبدها الظروف المناخية وكذا الإجراءات التنظيمية .