وجه؛ النائب البرلماني رشيد بوكطاية، إلى إعتماد مقاربة فعالة لتعزيز السلامة البحرية وإنقاذ الأرواح البشرية، خصوصا في ظل تكرار حوادث غرق مراكب الصيد، والتي كان آخرها اختفاء مركب الصيد الساحلي صنف الخيط “بن جلون” بالسواحل الجنوبية للمملكة منذ يوم الخميس 13 فبراير 2025.

ووجه النائب البرلماني سؤالا كتابيا لكاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، يتساءل من خلاله حول ماهية التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها لتطوير جهاز وطني فعال للإنقاذ البحري؛ ووكذا مدى وجود خطة لإطلاق جيل جديد من الخوافر وتعزيز تجهيزات الإنقاذ وفق المعايير الدولية. كما إستفسر النائب البرلماني عن إمكانية إنشاء منصات للطائرات المروحية على طول الشريط الساحلي لتعزيز سرعة التدخل في حالة الطوارئ؛ فيما دعا غلى عقد مناظرة وطنية لمناقشة سبل تحسين الإنقاذ البحري بالمغرب.
ولم تحمل عمليات البحث والتمشيط للموقع المحتمل، على بعد حوالي 55 ميلا بحريا غرب ميناء الداخلة، تحت اشراف مركز تنسيق عمليات البحث والإنقاذ البحري ببوزنيقة أي جديد بخصوص مركب الصيد بن جلون المختفي والذي يتكون طاقمه من 17 بحارا. حيث فتحت السلطات المعنية تحقيقا لمعرفة ظروف اختفاء مركب الصيد، كما تشكلت لجنة مختصة مكونة من المصالح المركزية والجهوية لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، التي فتحت تحقيقا بحريا إداريا، للكشف عن احتمالات اختفاء مركب الصيد بالخيط المسمى بن جلون لحد هذا التاريخ.
وعلاقة بموضوع السؤال البرلماني فالمغرب يتوفر على أزيد من21 زورقا و 10 زوارق سريعة متخصصة في البحث والإنقاذ موزعة على كافة السواحل الوطنية، تستعمل أجهزة اتصال حديثة، بما فيها الأقمار الصناعية، من خلال النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية (SMDSM)، إلى جانب أنظمة تساعد على تحديد مواقع البواخر في حالة استغاثة. وفق ما تم الإعلان عنه في حفل إطلاق تشغيل خافرة البوغاز بميناء طنجة المتوسط.
وعلى الرغم من وجود هذا العدد المهم من الزوارق الذي يؤكد جهود المملكة على مستوى هذا الورش الإسترتيجي ، فإن ورش السلامة والإنقاذ لا يزال يطرح الكثير من علامات الإستفهام، خصوصا في ظل التحديات التي تواجه نشاط هذه الخوافر، والتي تحول دون أدائها للمهام المنوطة بها بالوجه المطلوب، لاسيما وأن مجموعة من الخوافر هي عاطلة عن العمل اليوم ، أو تواجه صعوبات تقنية بالنظر لتقادمها حيث يفوق عمرها 30 سنة، ولم تعد قادرة على الإبحار بالسرعة التي تتيح لها التدخل السريع خصوصا في الأجواء الصعبة. بل أن بعض مسؤولي الوزارة بالموانئ سامحهم الله ، قد حولوا الخوافر لمكاتب للتصريح بالمصطادات، في مشهد غريب يسائل القائمين على هذه الخوافر ومعهم سلطات القرار. فيما أثار دخول خافرتين جديدتين حيز الإشتغال بكل من الداخلة وطنجة، الكثير من النقاش “الساخر” بخصوص دينامية الخوافر، في سياق ما يعرف بصراع الأجيال بين الخوافر، بالنظر لتقادم عدد من الوحدات البحرية ، بشعار “الجديد له جدة والبالي لا تفرط فيه”.
ودخلت الوزارة الوصية مند سنة 2019 على خط إصلاح وصيانة خوافر إنقاذ الارواح البشرية بموانئ المملكة، عبر تكليف شركة خاصة، تم التكفل بمصاريفها، لمساعدة جمعيات الإنقاذ، التي تعاني من ضائقة مالية في تدبير هدا العمل. فيما تؤكد المعطيات أن مجموعة من الجمعيات التي تتولى الإشراف على الخوافر، هي اليوم غير قادرة على تأمين الصيانة الدورية لهذه القطع البحرية التي تحتاج لعناية خاصة وضمانات إستثنائية، لتأمين جاهزيتها للتدخل في الوقت المناسب ، حيث أن الجاهزية والسرعة ، يعدان من بين أبرز متطلبات أسطول إنقاذ الأرواح البشرية، للحيلولة دون فقدانها في البحر. فيما تطرح مجموعة من الأسئلة أيضا حول حكامة التدبير المعتمد اليوم بالنسبة لهذه الخوافر.
وطفى على السطح منذ السنة قبل الماضية نقاش مهني في أعقاب إعلان توجه الوزارة الوصية، لإقرار رسم جديد يستهدف المستفيدين من رخص الصيد، لدعم عمليات إنقاذ الأرواح البشرية في البحر وعصرنة الأسطول، وهو الرسم الذي سيعوض الإقتطاع الذي يتم حاليا على مستوى الموانئ لصالح اللجان المحلية لإنقاذ الأروراح البشرية، حيث تم إقتراح 0.25 % من السعر الإجمالي للمصطادات عند بيعها الأول بالنسبة لأساطيل الصيد الساحلي والتقليدي. فيما يحدد المبلغ السنوي للرسم في 5000 درهم لكل من سفن الصيد الصناعي المغربية، والمزارب. غير أن هذه الإقتراحات لازالت محط نقاش، خصوصا وأن هذا الورش يعرف نوعا من الجدل بين الفاعلين في إنتظار إنضاج هذا التوجه في سياق مؤسساتي متكامل الأطراف .
ويرى متدخلون أن إعتماد هذا الإقتطاع ، هو مفتاح لإحدات هيئة مركزية يسيرها مجلس إداري يضم مختلف الفرقاء المهنيين والإداريين، تناط بها مهام الإشراف على تسيير الخوافر وتحديد المسؤوليات ، في سياق تدبير ملف السلامة والإنقاذ كورش حساس وعلى درجة عالية من الأهمية، حيث الرهان هو فتح هذا الورش بشكل يتيح له الحصول على تمويلات جديدة، من خلال عقد شركات على المستوى الداخلي والخارجي، لاسيما وأن التسيير الحالي يعيق هذا التوجه ويقطع الباب أمام الإجتهاد في تطوير هذا الورش، في إتجاه عصرنة الأسطول الحالي وتطويره بأليات جديدة، والإستمار في العنصر البشري وفتح الباب أمام الإحتكاك بتجارب دولية رائدة .
وتعالت الاصوات في السنوات الآخيرة الداعية إلى التفكير بجدية في تأسيس مؤسسة وطنية، تتشكل من هيئات جهوية لتدبير ورش الإنقاذ. وتُنَظّم مسؤولياتها بقوانين صارمة تضبط مختلف أجهزتها، بما يضمن تدبير هذا الورش، الذي يواجه اليوم مجموعة من التحديات على مستوى التسيير والحكامة. فيما تؤكد المصادر أن تطوير أليات التمويل والبحث عن شراكات محلية ودولية، سيضمن الإنخراط في عصرنة الأسطول، في اتجاه أمتلاك أليات ومعدات قادرة على تحقيق طموحات المهنيين الطامحين لتطوير الإنقاذ البحري بالمغرب.
وشرعت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تحديث أسطول خوافر الانقاذ، حيث تم تسليم خافرتين من الجيل الجديد لكل من ميناء طنجة وميناء الداخلة، فيما يتطلع الفاعلون بباقي موانى المملكة لحلول دورهم في التوفر على خوافر جديدة، بعد أن أصبحت مهام الصيانة والإصلاح تستهلك أرقاما فلكية، بأوارش الإصلاح وتغيير قطع الغيار.