قاطع تجار السمك بالتقسيط ببني ملال سوق السمك بالجملة للبيع الثاني ، إحتجاجا على ما وصفوه بتغوّل السوق السوداء بضواحي المدينة ، بعد أن أصبح تجار الجملة ينشّطون أسواقا عشوائية، على حساب تموين سوق الجملة الذي كلف إنجازه ملايين الدراهم بتمويل أمريكي.
وتحركت عمالة الإقليم لمواجهة تمدد السوق السوداء ، التي تغدي الإقتصاد غير المهيكل بالمدينة، خصوصا بمنطقتي الهدى والعيايطة ، حيث نفذ رئيس القسم الإقتصادي بالعمالة زيارة مفاجئة لإحد النقط العشوائية لبيع السمك بالجملة “الهدى” مطلع هذا الأسبوع، توجت بمباغتة مجموعة من الشاحنات حددتها المصادر في قرابة 10 شاحنات محملة بالأسماك، دون أن تتوفر على الأوراق الثبوتية، إلى جانب عشرات الدراجات النارية ثلاثية العجلات، التي تنشط في بيع السمك بالتقسيط، حيث عمد رئيس القسم الإقتصادي في إطار السلطات المخولة له إلى توجيه إستدعاءات لسائقي هذه الشاحنات للحضور إلى مقر الولاية ، فيما تم توجيه خطاب شديد اللهجة للباعة الجائلين، لعدم مواصلة الحضور لهذه النقط السوداء والتزود بالأسماك من سوق الجملة.
ويأتي تحرك رئيس القسم الإقتصادي، بعد تعدد الشكايات التي تقدمت بها كل من جمعيتي النور والخير لتجار السمك بالتقسيط، واللذان عمدا إلى التعبير عن تدمر الوسط المهني من تمدد السوق السوداء ، لاسيما وان تجار الجملة يعمدون إلى بيع الأسماك في سوق السمك بأثمنة مرتفعة ، فيما يتم بيع ذات الأصناف السمكية في السوق السوداء بأثمنة منخفظة وتشجيعية. وهو المعطى الذي خلق منافسة غير شريفة بين السوق الرسمية والسوق السوداء . كما أن أرباح التجار الذي يتزودون من السوق السوداء، هي بأضعاف ما يحققه تجار التقسيط، الذين يتزودون من سوق الجملة للبيع الثاني .
إلى ذلك ندد تجار التقسيط بالطريقة المعمول بها حاليا على مستوى سوق السمك بالجملة للبيع الثاني، حيث تعمد إدارة السوق إلى منح وثائق الدخول لتفريغ بعض الصناديق داخل السوق وبيعها في خطوة تشجيعية، لضمان ولوج المفرغات لسوق السمك، فيما يتم إغماض العين بحجة عدم الإختصاص على الأكياس الأخرى التي تجد طريقها للسوق السوداء. وهو المعطى الذي يستغله بعض تجار الجملة في تمويه السلطات، حيث يتشدق تجار الجملة بكونهم يدخلون أسماكهم إلى السوق، لكنها لا تلقى إقبالا من طرف تجار التقسيط. هذا في وقت تؤكد مصادر عليمة أن سوق السمك إستطاع هذه السنة تحقيق حجم مبيعات فاقت 1000 طن. وهو رقم كان من الممكن مضاعفته ب 10 إلى 20 مرة ضعف، لو إلتزم تجار الجملة بالبيع داخل السوق، والقطع مع السوق السوداء، التي يستفيد منه بعض الإنتهازيين على حساب الإقتصاد المحلي، وبمباركة من السلطات المحلية والمنتخبة على مستوى المدينة.
فتشخيص الدوافع التي استدعت إنشاء سوق حديث خاص بالبيع الثاني وبميزانية ضخمة، وحرمانه من حجم أسماك مهمة متأتية من البيع الأول، وإعادة بيعها في عشرات المستودعات والمحلات أو السويقة وكذا في الأسواق الأسبوعية، عوض إدخالها إلى سوق بني ملال كما هو مطلوب، قد إنتزع من السوق روحه الحقيقة تقول مصادر متتبعة، حيث الحديث عن نشاط قوي لشبكات التهريب، التي حولت المدينة إلى وجهة مثالية للأسماك المهربة، سواء منها المجمدة أو الطرية، والتي تجد طريقها لمخازن سرية، ومحلات مفتوحة في وجه إستقبال الزبائن، لاسيما في ظل تقاعس السلطات المختصة على القيام بأدوارها الحقيقية، على مستوى توفير الظروف المحيطة، والكفيلة بإنجاح مهمة السوق .
تقاطر الأطنان من الأسماك وتصريفها في السوق السوداء، بعيدا عن سوق الجملة، ينسف الغاية التي أنشأ من أجلها هذا الآخير، بإعتباره وضع لتعزيز سلاسة وشفافية العمليات التجارية، المرتبطة بالأسماك القادمة من البيع الأول، وتطوير استهلاك المنتوجات البحرية على مستوى الجهة، وتمكين المستهلكين المحليين من الاستفادة من الثروات البحرية، التي تزخر بها المملكة، في أفضل الظروف، سواء من حيث الثمن أو الجودة أو الوفرة والسلامة الصحية. رغم وأن متتبعون لتجارة السمك، أكدوا مع إنطلاق هذا السوق، ان إنشاء سوق للبيع الثاني للأسماك بالمنطقة، يعد مغامرة كبيرة، حيث تنبأ كثيرون بفشل هذه المعلمة في أداء المهام المنوطة بها.
غير أن تزايد شاحنات الأسماك التي يتم تصريفها في السوق السوداء، والتي أصبحت تحظى بإهتمام متزايد على حساب سوق البيع الثاني الذي تم إنشاؤه سنة 2014 ، في إطار شراكة بين المكتب الوطني للصيد ومؤسسة تحدي الألفية، والجماعة الحضرية لمدينة بني ملال، على مساحة إجمالية قدرها 20 ألف و370 متر مربع، يؤكد شغف المستهلك المحلي بالمنتوجات البحرية. كما يقدم إشارات قوية بأن هناك جهات تحارب لإحتكار هذا المستهلك، بعقلية تحكمها الفوضى والتحايل على القانون، وفق أساليب تتقنها بشكل كبير، وتدفع التجار الصغار والمتوسطين إلى التزود من المستودعات أو الشاحنات، التي تحل بالسويقة على حساب السوق المخصص للبيع الثاني.