كادت العديد من المجهودات والمبادرات الرامية إلى إيقاف نزيف الإقبار الممنهج والمخطط له من طرف جيوب مقاومة تعمل على خلق أسواق بالجملة عشوائية وموازية غير معتمدة؛ ولا تحترم المسالك القانونية والتنظيمية لتجارة الثروة السمكية المرتبطة بالمخططات الوطنية والجهوية تأسيسا وهدفا، كادت أن تبوء بفشل ذريع بعد أن تحول مرفق سوق السمك بالجملة المحدث بتكلفة تزيد عن 53 مليون درهم إلى مجرد أطلال وهدر واضح للمال العام. وهكذا وبعد أن استنفذت كل المقاربات القانونية والتحسيسية والزجرية؛ ما كان على الجهات المسؤولة بشكل مباشر على تدبير المؤسسة، سوى اللجوء إلى المقاربة التنافسية السليمة والمنتجة، في مواجهة أصحاب التهريب والإحتكار للمنتوج، لظروف تخزينه وتسويقه وتسعيرته. وذلك من خلال استحضار قواعد تجارية جديدة تؤطرها بالأساس مبادئ العرض والوفرة، وسقف أسعار معقولة وبجودة مقبولة، طبقا للمعايير الصحية المعمول بها.
بني ملال : حسن المرتادي
وضع برنامج واقعي لمواجهة تغول جيوب المقاومة والسوق السوداء
سارعت الجهات المختصة ببني ملال بمواكبة من طرف عدد من الفاعلين القطاعيين إلى تبني مقاربة جديدة مؤخرا، بوضع برنامج عمل واقعي أفضى إلى خلق شراكات إطار بديلة بين المؤسسة التجارية وسوق السمك بالجملة من جهة، وبين منعشين تجاريين من جهة ثانية (شركتان اثنتين من أكبر مجموعات مجهزين في قطاع الصيد البحري الساحلي بالمغرب). هاتان المجموعتان المتخصصتان في ميدان صيد وتسويق المنتوجات البحرية، وفق منظومة تجارية وطنية ودولية، وذلك بهدف حماية المستهلك من حيث التوفير والسعر، طبقا لما هو معمول به في باب سقف الإنتاج وتوقيته، وسعر كل منتوج على حدى، والإستجابة للقدرة الشرائية بالجهة، مع الرفع من معدل استهلاك السمك بالمناطق الداخلية من المملكة، والذي لازال ضعيفا ولا يتعدى 05 كيلوغرام للفرد الواحد مقابل 17 كليو غرام كمعدل وطني.
ولم يتردد كافة المتدخلين من سلطات ومجلس جماعي ومهنيين ومجتمع مدني في انخراطهم ورغبتهم لإعادة الروح لسوق السمك بالجملة المعتمد، والقطع مع الإحتكار والتحكم في هذه التجارة والعبت بها. وفي تصريح للجريدة من طرف أحد تجار السمك ببني ملال أكد الباشا يوسف “أن هذا البرنامج الجديد، يعتبر محطة انطلاقة لتحرير تجارة وتسويق السمك من الوسطاء والمحتكرين، وكذلك تمكين التجار، من القيام بتجارتهم في ظروف سليمة، بعيدا عن المساءلة والمتابعات الزجرية والعقابية، التي تكلفهم أحيانا أضرارا مالية كثيرة إلى حد الإفلاس. ومن جهة ثانية، دعا السلطات إلى ضرورة اليقظة، ومحاربة كل أساليب العبت وبيع الأسماك بعيدا عن عيون المراقبة الصحية داخل متاجر غير معتمدة وغير مجهزة، مع تكثيف المراقبة للحد من الأسعار الحارقة، والتي تزيد أحيانا ب 50 %عن السعر الحقيقي، ومن تم تحقيق أرباح فاحشة على حساب جيوب المواطنين.
الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك تدخل على خط الإنعاش
حلت الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة بالموانئ والأسواق المغربية بثقلها في بني ملال، من أجل إعادة الإعتبار لسوق السمك بالجملة، الذي تم إنجازه في إطار الشراكة المغربية الأمريكية، ودشنه جلالة الملك قبل ما يناهز عقدا من الزمن، لإتاحة تسويق المنتوجات السمكية بإقليم بني ملال وجهة بني ملال خينفرة في ظروف جيدة تحترم شروط السلامة الصحية.
وتم عقد مجموعة من اللقاءات ببني ملال، مع كل من الكاتب العام لعمالة ولاية بني ملال خنيفرة، ومع رئيس المجلس البلدي لبني ملال وبحضور وازن لأعضاء الكنفدرالية الوطنية لتجار السمك بالموانئ والأسواق المغربية، يتقدمهم رئيس الكنفدرالية عبد اللطيف السعدوني ، ونائبه عبد الرحيم الهبزة كأحد أكبر المجهزين والتجار النشيطين في الأسماك السطحية الصغيرة على المستوى الوطني، إلى جانب إبراهيم ماهر أمين مال الكنفدرالية ووالمجهز والتاجر في الآن ذاته، والمعروف بنشاطه المتزايد في تجارة السردين في السنوات الآخيرة.
وقال عبد اللطيف السعدوني رئيس الكنفدرالية في تصريح للجريدة، أن هذه اللقاءات كانت على درجة عالية، من الأهمية، حيث تم تدارس جميع الإشكالات لاسيما البيع في النقط السوداء، والذي يؤثر سلبا على تسويق المنتوج على مستوى سوق الجملة المعتمد من طرف الدولة، وكذا نقاش الطريقة المثلى التي تطالب هؤلاء التجار بشهادة التتبع أي شهادة المنشأ، وذلك حرصا على صحة المستهلك وحرصا على تتبع المنتوج من الصيد إلى البيع.
وأجمع الكل على ضرورة إعادة النظر في الطريقة التي يثمن بها المنتوج على مستوى المنطقة، لأن هذه المدينة الإسترتيجية ينبغي ان تكون قاطرة مثل جميع المدن، وخصوصا أن الكل إستشعر الإقبال الكبير من طرف سكان الجهة على منتوج السمك، ما يتطلب تحفيز وتشجيع العمل على الرقابة الجيدة، والضرب على جميع منابع الإحتكار من خلال إخضاع تسويق المنتوج بطريقة غير مسؤولة للمراقبة، وصونا للقانون 07-28 وحياة المواطن.
السلطات الولائية تعلن مواكبة المرحلة الإصلاحية
نقل عبد اللطيف السعدوني عن الكاتب العام للولاية، تأكيده في اللقاء الذي جمعه مع الفعاليات المهنية والإدارية ، الحرص الشديد لوالي الجهة على عملية تفعيل تثمين المنتوج على مستوى هذا السوق، مبرزا أن المسؤولية ينبغي ان يتقاسمها الجميع كل من موقعه، وهو ما يتطلب ممارسة فلسفة جديدة، في إطار تثمين المنتوج على مستوى الجهة، وبالتالي إعطاء قيمة أخرى للمنتوج السمكي نظير ما يحضى به من أهمية لدى المستهلك المحلي. ودليل ذلك هو إنشاء هذا السوق ، الذي يعتبر قيمة اقتصادية مضافة. إذ من العيب والعار أنها لا تزال معطلة بشكل محتشم، وغير منسجمة المطامح والأهداف، التي شكلت أرضية لإحداثه قبل عقد من الزمن.
وأكدت الكنفدرالية ومن خلال أعضائها الذين شاركوا في اللقاءات التشاورية على مستوى بني ملال، المسؤولية الملقاة على جميع التجار، وضرورة تفعيل إستراتيجية في هذا الإتجاه اكثر قيمة، حيث أكدت في سياق متصل وبخطاب متفائل، بوجوب دخول مختلف التجار إلى السوق، وتبقى الغيرة على المستهلك المحلي، والغيرة على المعلمة التي شيدها ملك البلاد أحد الإهتمامات المركزية للرفع من جاذبية الإستثمار، والتي أريد لها أن تكون قيمة معيارية ذات طابع نوعي في تثمين المنتوج.
حضور مستثمرين كبار في تجار السمك لبني ملال قاطرة جديدة نحو التغيير
اعتبر حضور مستمرين كبار في تجارة الأسماك السطحية الصغيرة لبني ملال مؤشرا إيجابيا استحسنه مختلف المتدخلين بالمدينة، إذ رحب كل من باشا المدينة ورئيس الجماعة الحضرية، معا بخطوة الكنفدرالية في سياق تحفيز هؤلاء التجار على الإنفتاح على سوق السمك بالجملة بتنسيق مع إدارة السوق، والنيّة المعبر عنها، والتي تتجاوب مع إهتمامات الفاعلين المحليين، وتصب في إتجاه السياسة الإستباقية الإستثمارية، والدور الطلائعي الذي ينبغي أن يتقوى بإرادة الفاعلين، على المستوى المحلي، وتعزيزه بأليات المراقبة والحكامة الجيدة بشكل تشاركي بين وزارة الداخلية والسلطات الأمنية وكذا جميع المتدخلين، لتؤسس العملية على مستويات كبيرة، لتحديد رؤيا مندمجة والتقائية تنبني على كون هذا السوق مثله مثل باقي الأسواق، وبالتالي تفعيل عملية تثمين المنتوج بشكل أكثر إيجابية وأكثر قانونية، خصوصا شهادة التتبع التي تم تطبيقها على أسواق الجملة على الصعيد الوطني.
وكان سوق السمك بالجملة ببني ملال قد لإستقبل سنة 2022 قرابة 1400 طن بقيمة إقتربت من 4 ملايين درهم، وهو رواج وإن كان يبقى مقبولا بالنظر لتطوره مقارنة مع السنوات الماضية حسب فاعلين محليين، فإنه يبقى بعيدا عن الأهداف المرسومة لهذه المنشأة التجارية، حيث تؤكد مصادر محلية أن بإمكان السوق أن يحقق طفرة قوية، لو تمكنت سلطات المنطقة من إجثثات السوق السوداء، كخطوة سيكون لها أثرها على نشاط السوق ورواجه التجاري.
ويشدد فاعلون في تجارة السمك على ضرورة تعزيز دينامية سوق السمك بالجملة بإعتباره ورش ملكي، وكذا أحد المشاريع المهمة المنجزة في إطار الشراكة بين المكتب الوطني للصيد ومؤسسة تحدي الألفية، والجماعة الحضرية لمدينة بني ملال، ما يجعل تعثر هذا السوق بمتابة إخلال بالأهذاف التي انشأ من أجلها، وكذا إنزياحا عن الإلتزامات التي تؤطرها الشراكة بين الجهة المانحة وباقي الشركاء . فيما يشير المتتبعون أن تحفيز هذا السوق والرفع من نشاطه، سيكون له تاثير إيجابي على صورة المنطقة، بما يتيحه ذلك من إشعاع لهذا المشروع ومعه الجهة في إطار العلاقات المغربية الأمريكية.
مبادرة ممتازة تحسب للسيد المندوب سي الشباني عادل إثر المجهودات الجبارة التي قام بها والتي تتمثل في جلب منعشين تجاريين لتوفير المنتوجات البحرية لسوق السمك ببني ملال
تحية كبيرة لسيد المندوب الصيد البحري شباني عادل