تعيش الساحة البحرية والتجارية بميناء بوجدور حالة من التذبذب المهني، بفعل تباطؤ وتيرة النشاط وانخفاض عدد الرحلات البحرية الخاصة بالصيد التقليدي، رغم الاستقرار المناخي الذي تعرفه السواحل المحلية خلال هذه الفترة. هذا التراجع، بحسب مصادر مهنية من تجار السمك، يعود بالأساس إلى ضعف المردودية الاقتصادية للقوارب، الناتج عن تدني الطلب على المنتوجات السمكية، وتراجع العائدات المالية للمصطادات، ما انعكس سلباً على دينامية الميناء وحركيته التجارية.
وفي هذا السياق، أكد رجراجي عيموش، نائب رئيس جمعية الإصلاح لأرباب قوارب الصيد البحري ببوجدور، أن جزءاً كبيراً من المهنيين باتوا يتوجسون من المخاطر المرتبطة بظاهرة السرقات التي تطال القوارب، واستغلالها في أنشطة غير قانونية، وعلى رأسها الهجرة السرية. وأضاف أن مخاوف فقدان الممتلكات دفعت عدداً من المجهزين إلى تجميد أنشطتهم وربط قواربهم في الميناء، أو تشغيلها بشكل شخصي تفادياً لأي خسائر أو مخاطر غير محسوبة. وأشار المتحدث إلى أن ضعف الثقة بين أرباب القوارب والبحارة المرافقين لهم أصبح من أبرز التحديات، خاصة بعد توالي حوادث السطو، وهو ما أجبر بعض المجهزين على اتخاذ قرارات صارمة من قبيل وقف الرحلات البحرية أو تقليصها بشكل كبير.
ورغم أن السلطات المينائية عقدت لقاءات ميدانية مع المهنيين واتخذت إجراءات أمنية إضافية، إلا أن هناك توجس من عمليات سرقة القوارب، في ظل لجوء بعض العاملين إلى أساليب سرية ومراوغة لممارسة أنشطة غير مشروعة. وهو ما عمّق من حالة القلق لدى المجهزين، خصوصاً أولئك الذين يضطرون إلى تسليم قواربهم لأطقم بحرية وفق إتفاقات مسبقة، إذ يظل هاجس تحويل وجهة القوارب نحو السواحل الأوروبية مصدر خوف دائم، نظراً لتعقيد المساطر القانونية المرتبطة باسترجاع القوارب أو إعادة بنائها بعد ضياعها.
هذه الوضعية، المتسمة بتراجع الثقة وضعف المردودية وتزايد المخاطر الأمنية، ساهمت في خلق حالة من الجمود داخل الميناء، وأثرت بشكل مباشر على التجارة البحرية المحلية. وهو ما يفرض، بحسب المهنيين، ضرورة تدخلات عملية وناجعة، تعزز من مستوى الحماية وتعيد الطمأنينة إلى المستثمرين وأرباب القوارب، بما يضمن استمرارية نشاط الصيد التقليدي في أجواء أكثر أمناً واستقراراً.