عمد مركب الصيد بالجر ” la mouette” إلى التخلي عن متابعة صيده برسم آخر أيام الموسم الصيفي بمصيدة الأخطبوط، لصالح إنقاذ قارب محمل بالعشرات من المهاجرين السريين، القادمين من جنوب الصحراء. حيث عمد المركب إلى قطر القارب في إتجاه ميناء بوجدور. وهو يتواجد في هذه اللحظات على مشارف الميناء ينتظر قرار السلطات في الولوج إلى الميناء.
ويتخوف المركب الذي يواجه طاقمه ضغطا قويا في ظل ضياع قرابة يوم من الصيد بمصيدة الأخطبوط، وما يشكله ذلك من خسارة للمركب ، (يتخوف) من أن تتأخر السلطات في الترخيص للمركب بالدخول إلى الميناء. حيث يرابط على مشارفه في هذه اللحظات ، لاسيما وان العملية تحتاج لمجموعة من التدابير الإدارية. وهو ما سيكلف المركب المزيد من الوقت، ما يعني خسارة ما تبقى في رخصته برسم آخر رحلة ضمن الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها المركب المذكور بنفس العملية ، حيث عمد قبل أسبوعين إلى تقديم المساعدة لقارب آخر، واجه صعوبات بعرض البحر، بعد أن فشلت الإتصالات التي قام بها للسلطات المختصة، ليقوم بعدها بالتواصل مع مركز إنقاذ دولي، الذي أوفد طائرتين مروحيتين إستطلاعيتين للمنطقة، وكذا مركب إنقاذ تابع للصليب الأحمر ، توج بإنقاذ المهاجرين السريين .
ويتهرب أغلبية ربابنة الصيد من تقديم المساعدة لقوارب المهاجرين السرين، التي تعاني من صعوبات على مستوى السواحل المغربية، ما قد يعرض كثيرين منهم للغرق، رغم أن القوانين الدولية تشدد على ضرورة تقديم المساعدة للأشخاص ،الذين يواجهون خطرا بالبحر.
ويعزي عدد من الربابنة هذا العزوف المسجل في صفوف زملائهم المغاربة، عن تقديم المساعدة للمهاجرين الذين يواجهون خطرا في البحر، إلى المساطر المعقدة التي تواجههم عند إجلاء مهاجرين سريين في إتجاه الموانئ المغربية، لا سيما في هذه الظرفية المتسمة بإنتشار كوفيد 19. حيث يكون على الربابنة الإحتفاظ بالمهاجرين لساعات طويلة، ناهيك عن تقديم إفادات للسلطات المختصة ، والإستماع إليهم في محاضر رسمية بخصوص النازلة. وهو ما يكلفهم كثيرا من الوقت ويؤخرهم عن العودة للمصايد .
ويلزم القانون الدولي ربان السفينة بتقديم المساعدة إلى المكروبين في البحر، بغض النظر عن جنسيتهم ووضعهم والظروف التي وجدوا بها. وهو تقليد بحري متبع منذ زمن طويل، فضلا عن أنه واجب يكرسه القانون الدولي. ويتحتم الالتزام بهذا الواجب لصون سلامة وآمال خدمات البحث والإنقاذ في البحر . وهو يستند، في ما يستند إليه، إلى نصين أساسيين يتعلق الأمر بإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تنص على أن الدولة “تطالب ربان السفينة التي ترفع علمها بأن يقوم، قدر وسعه دون تعريض السفينة أو طاقمها أو ركابها لخطر جدي، بتقديم المساعدة لأي شخص وجد في البحار معرضا لخطر الضياع ؛ والتوجه بكل ما يمكن من السرعة، لإنقاذ أي أشخاص في حالة استغاثة إذا أخطر بحاجتهم إلى المساعدة، وفي حدود ما يكون هذا العمل متوقعا منه بصورة معقولة”.
ويتعلق النص الثاني بالإتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974، اتفاقية سولاس التي تحتم على “ربان السفينة المبحرة والتي تستطيع أن تمد يد المساعدة عند استقبال معلومات من أي مصدر، بوجود أشخاص مكروبين، أن يتوجه بأقصى سرعة لمساعدتهم، مبلغا إياهم أو خدمة البحث والإنقاذ بذلك.