استفحلت في السنوات الآخيرة في قطاع الصيد الساحلي ظاهرة أسماك الكونجلي المجمدة من اجل إستهلاك حيواني، التي قفزت حسب المتتبعين على مختلف المساطر لتجد طريقها صوب التصدير إلى الخارج، على شكل مواد أولية من اجل استعمالها في التغدية الحيوانية ، خصوصا في مجال تبرية الأحياء البحرية، وذلك بشكل مثير للريبة حد التساؤل، حول أبعاد هدا التوجه الذي لم يكن في حسبان وزارة الصيد، بقدر طرح التساؤل هل هو توجه جديد يضفي قيمة مضافة، أم أنه حاجز أمام محاور استراتيجية أليوتيس سيما على مستوى الإستدامة والتثمين؟؟؟ البحرنيوز غاصت في هذه الظاهرة ، وإستمعت لشهادات مختلفة من مهنيين ومتابعين لتطور الظاهرة، حيث تسنى لها تجميع مجموعة من المعطيات ستسرد لأول مرة بخصوص الموضوع .
تجميد الأسماك السطحية الصغيرة لإستعمالات حيوانية ظاهرة جديدة بالموانئ المغربية
أكدت مصادر مهنية عارفة بخبايا أسماك الكونجولي في تصريحات متطابقة للبحرنيوز ، ان الظاهرة قد استفحلت بسبب تزايد الطلب، و هذا ولد مفارقة تدني أثمنة الأسماك الموجهة لمعامل الدقيق والزيت ، و قد ساهمت الأسماك المخلوطة في ذلك بشكل كبير ، إضافة إلى تشجيع المراكب لجلب كل ما علق في شباكها مهما كانت المواصفات.
و شجع التوجه الجديد تبرز المصادر المطلعة، كذلك على تنامي أشكال الفقيرة و استفحال التصريح الكاذب، و اعتماد كميات أقل من تلك المفرغة في مرحلة الوزن ، والانسياق في التلاعب بأوراق التصريح التي يتم تجميعها من الأسواق العشوائية للأسماك بثمن 15 سنتيما للكيلوغرام، لمنح الصيغة القانونية و الثبوتية للكميات التي تم جمعها داخل وحدات التجميد حتى تتوافق مع شروط التصدير.
وابرزت ذات المصادر التي تنشط في قطاع تجميد الأسماك، أن معظم الكميات المجمدة تعرف وجهة تركيا و بعض الدول المجاورة، التي تعتمد على الكونجولي كعلف للأسماك. لكن جلها يوجه للخارج من أجل الاستعمالات الحيوانية من دقيق وزيت السمك، في الوقت الذي تتوفر فيه وحدات من هدا القبيل بمختلف الموانئ المغربية. و كان من الأحرى و الأجدر أن تستفيد منها هذه الوحدات ليضل السؤال مطروحا حول المعايير التي يتم السماح فيها لهذا النوع من الكونجولي لتصديره إلى الخارج. والأساليب التي يعتمدها مصدروا الكونجولي الحيواني، و كيفية استصدار وثائق السلامة الصحية للمنتجات البحرية ؟؟؟
الأطنان من الأسماك السطحية الصغيرة تغادر الحدود على شكل مادة أولية بحجة الإستهلاك الحيواني
لم تتكشف بعض أبعاد الأسماك المجمدة، إلا من خلال الأرقام و الكميات المثيرة التي لفتت الانتباه إلى مغزى وخطورة ترصد الكونجولي للمنتجات البحرية، بحيث أنه في السنة الفارطة تشير الأرقام إلى توجيه 2500 حاوية من الأسماك المجمدة من 28 طن في الحاوية الواحدة نحو الخارج للاستهلاك الحيواني. وهي وقائع فرضتها ذات الأرقام ، التي تشكل تذكيرا خطير لأصحاب القرار لفتح تحقيقات وإعادة النظر في هده المعضلة التي جعلت التنافسية الحقيقية تستعصي التحقيق ، و عرضت محور التثمين إلى مطبات في حيثياتها، وهنا تكمن خطورة مغبة المراهنة عليه.
و أمام الاندفاع المسترسل لأسماك الكونجولي ومع ما تطرحه انسيابية تجميد الأسماك السطحية الصغيرة ، يبرز مجال التفكير و التساؤل حول هده الوجهة الشرسة، وماهيتها، بل هل لها أحقية في الوقت الذي أصبحت فيه تتسع و تحظى باهتمام عميق في مختلف الموانئ؟
نشاط الظاهرة وتوسعها يغري التجار وأرباب وحدات التجميد
كشفت مصادر مهنية أن العديد من الماريورات ، أصبحوا يلجؤون إلى شراء الأسماك السطحية الصغيرة من الموانئ مهما كانت كمياتها، و مهما كانت جودتها وأصنافها، لتوجيهها إلى بعض المعامل التي تقدم خدمة التجميد على شكل مجسمات مربعة ، و من ثم تصديرها إلى الخارج للاستعمالات الحيوانية. و قد بدا هدا التوجه أكثر ربحا من غيره تؤكد المصادر ، ما أسال لعاب الكثير لنحو نفس النهج، وتشجيع مراكب السردين على جلب الأسماك المخلوطة والصغيرة الحجم مكدسة في الصناديق، بشكل فوضوي يبين الوجهة الخطيرة.
و يقوم القائمون على مراكب الصيد تؤكد مصادر مهنية باستغفال مصالح المراقبة، و الإذلاء بتصاريح كاذبة حول الكميات المفرغة ، بل تعدى الآمر ذلك ، حيث أصبحوا يكترون معامل تجميد لصالحهم، بسبب ارتفاع التوجه صوب أسماك الكونجولي ذي الطابع الحيواني ، خصوصا أن ثمن شراء الأسماك ، لا يتجاوز في أقصى حدوده 1.50 درهما، ليعاد بيعه بعد تجميده و تصديره إلى حوالي 4.50 درهم .
و قد اضطر أصحاب بعض معامل التجميد، إلى البحث عن طرق جديدة لتدبير استمرارية نشاط وحداتهم، في الأوقات التي يتوقف فيها صيد الرخويات ، لفتح الباب على مصراعيه أمام اهتمامات التوجه الجديد إلى الكونجولي متحججين بإعطاء قيمة مضافة لتسويق الأسماك، ما يستبطن انعطافة خطيرة في توجه الماريورات و أصحاب هده المعامل .
الكونجلي الحيواني ظاهرة تستشري بقطاع الصيد أمام سمط غريب للوزارة الوصية
يرى بعض المهنييون الذين ينشطون في تثمين منتوجات الصيد أن تشجيع توجه الكونجولي للاستعمالات الحيوانية ، تحت غطاء القيمة المضافة، ليست سوى طريقة لإضفاء مزيد من الغموض، من خلال اللعب على تعابير محور القيمة المضافة، لمحاولة إعادة اختراع صيغ جديدة ربحية . و لو كانت القيمة المضافة بمفهومها الصحيح الذي يحتاج إلى مزيد من إعادة النظر، لئلا يتحول مفهوم أو محور تثمين المنتجات البحرية مفهوما مسطحا كسائر النظريات، التي لم تسهم في خدمة التكامل بين محاور استرتيجية اليوتيس، بل لتغطية النقص على ما هو واقع من ارتباك وعشوائية في القطاع .
وإعتبر متتبعون للشأن البحري ما وصفوه بالصمت المطبق لوزارة الصيد البحري حيال ظاهرة الكونجولي ذي الطابع الحيواني المصدر إلى الخارج ، يتساوى سوءا مع لا مبالاة الوحدات الصناعية المهنية العاملة في مجال الدقيق و الزيت. و إذا لم تنجح الوزارة في إحتواء الوضع ومعالجته بما ينبغي لتحديد شروط أسماك الكونجولي ووجهتها بحزم وعزم وكفاءة التخطيط والتنفيذ، ستكون التدابير والإجراءات التي اتخذت بانطلاقة إستراتيجية اليوتيس عكسية تماما ، ضاربة مجموعة من المحاور الرئيسية عرض الحائط، من مثل التثمين المراهن عليه ، وأيضا الصيد المسؤول الذي لم يرقى بعد إلى مستويات الأهمية المنشودة نحو الوعي المهني .
وساهم تقمص الكونجولي تورد المصادر الذين غلتقتهم البحرنيوز، مفهوم القيمة المضافة، في إستمالة عدد كبير من المهنيين، الدين يشاطرون ظاهريا جدية الأسلوب الربحي. وهو أسلوب حقق إثارة الاهتمام ماديا ، لكن المسألة لا تتوقف هنا فقط ، بل على إرادة الكونجولي في برهنة استحقاق هدا التوجه، الذي ولد مناخ من الاضطراب ، لأن التوكيدات الرسمية على القيمة المضافة، غير مقنعة في مجال توجيه الكونجولي إلى الاستهلاك الحيواني ، لتبقى بدلك نتيجة سوء تقديرات ، نجحت إلى حد كبير في اللعب على تناقض محاور إستراتيجية اليوتيس .
وامام هذا الوضع يبقى التفكير و التساؤل حول هده الوجهة الشرسة وماهيتها ، بل هل لها أحقية في أن تتسع و تحظى باهتمام عميق في مختلف الموانئ في موانئ أسفي و أكادير وسيدي افني و طانطان و طرفاية و العيون و الداخلة، بحيث لا تتوافق هده السلوكيات مع ما جاءت به المقاربة الشاملة لوزارة الصيد البحري، و الترسيخ الفعلي و العملي لمخطط اليوتيس. ما يضع مسؤولية الالتزام بالإعمال الفعلي لمحور الجودة والتثمين في الطريق الصحيح لإزالة تكتيك الوهم، الذي غداه توجه الكونجولي الحيواني تحت ستار القيمة المضافة .
الظاهرة .. تحرج توجهات الدولة بخصوص الإستراتيجية القطاعية
إن تثمين الموارد البحرية المغربية كان و لايزال محط أهمية عالية، للأسواق الدولية بمعايير الجودة و التثمين و التنافسية ، إلا أن هده المثلية قد تغيرت و بدأت الأمور تخرج عن منحى محاور الإسترتيجية ، نحو التفرد بممارسات من هذا القبيل لتنتقل نحو العبثية و العشوائية في الوضع الحالي ، من تداول صغار الأسماك والإقبال الكبير عليها، لتوجيهها إلى التجميد ، و التمادي في خرق قوانين الصيد ، بل و حتى قوانين التصدير. وهو ما يضرب في العمق محور إستدامة المصايد، بحيث اصبحت وحدات التجميد ، مستعدة لإستقبال كل شيء ومن ذون محددات مسبقة.
وهنا تكمن خطورة مغبة المراهنة على تحويل كميات من الأسماك السطحية الصغيرة، التي لا تحترم أولا معايير القالب المسموح بصيده ، من حالتها الطبيعية إلى التجميد ، لتصديرها إلى الخارج للاستعمال الحيواني ، وما له من نتائج سلبية خطيرة على ما هو مطروح كهدف للإستراتيجية أليوتيس ، حتى نبتعد بشكل استثنائي عن لغة الأرقام، تجنبا لتسييس البيانات و النبش في المعطيات المخفية التي تحصلت عليها البحرنيوز من إستقصائها في الموضوع والتي سيتم التفصيل فيها في مقالات قادمة ، أمام الاندفاع المسترسل لمجموعة من المارايورات، مع ما يطرحه هوس الاتجاه نحو عملية التجميد مهما كانت الكميات و حالتها .
إن الظواهر المستجدة على القطاع، والتي نشأت في بيئة غير واضحة المعالم تنطوي على نتائج عكسية. هده النقيصة اذا كانت قناعة حقيقية لوزارة الصيد البحري، فهي أمر يشرح الرؤيا، لأن الانسياق في أسلوب الكونجولي هو طريق فاشلة بسبب سوء تقدير الخطورة، و أصبح من المستوجب إعداد تقرير يطالب بعلاج ماراح ينشأ من تناقضات وتصدعات في مخطط أليوتيس ، بحيث أن محور التنافسية يواصل تأكله و مكانته أخذة في التراجع النسبي.
وهنا تكمن مشكلة عدم أخذ هدا المشكل بعين الاعتبار، لينتهي إلى ضرورة مناقشة استفحال ظاهرة الكونجولي التي تطال الأسماك السطحية الصغيرة، وغاية أية وجهة ستعتمد لجهة عناصر بدايتها و إدارتها و نهايتها و حدودها. و هذا ما يغلب احتمالية بان تكون نتائج تداعي الظاهرة غير مسيطر عليها .