تحديّات المصايد تضع زكية الدريوش في مفترق الطرق بين الأمس واليوم

0
Jorgesys Html test

تراهن زكية الدريوش كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري وهي العارفة بخبايا القطاع وتحديات مصايده ، على تكريس سياسة التدبير القطاعي المستدام، بما يرافق هذا النوع من التدبير من أليات تحتاج للكثير من الشجاعة، التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال تلحيفها بالليونة السياسية لأن واقع المصايد خط أحمر.

كثيرون يعيبون عن زكية الدريوش إستمراها في جلباب كاتبة عامة، على الرغم من كونها أصبحت تتوفر على منصب أكبر وبصلاحيات أوسع تتسم بتدبير السياسة العمومية في قطاع الصيد، غير أن واقع الحال يؤكد أن حرص المسؤولة الحكومية على القطاع، مواصلة العمل بنفس النهج، الذي تشبعت منه خلال تجربتها الإدارية مع بعض التحسينات، هو وعيها التام ان السياسة كسلوك تبقى مرتبطة بمواقف ومراحل، فيما الإدارة هي القلب النابض، فقد تتعاقب السياسات لكن تستمر الإدارة كراعية لتنزيل كل الإجراءات والتدابير، التي من شأنها غرس الروح في القطاع، وهو ما يؤكد اليوم حرص زكية الدريوش ،على الإشراف الشخصي على كل صغيرة وكبيرة في صيرورة القطاع، بتنسيق مع الكاتب العام وباقي مديري المديريات. لاسيما وأنها إختارت طاقما إداريا يرافقها اليوم هذا المسار الإنتقالي، بعد تخلّصها من مجموعة من الأسماء المخضرمة المحسوبة على الحرس القديم. وهي الخطوة التي كانت قد أثارت الكثير من النقاش بالنظر لخصوصية المرحلة.

فالعارفين بزكية الدريوش، يعلمون جيدا ان كاتبة الدولة الحالية عملت طيلة سنوات علر تدبير القطاع، بشكل يزاوج بين السياسة والإدارة، وهي التي سلمها عزيز أخنوش عندما كان وزيرا مقاليد حقيبة الصيد ضمن رزنامته الوزارية، بمعنى انها كانت في فم المدفع في تدبير مجموعة من الملفات الإسترتيجية على مستوى القطاع، حتى أن البعض إختار تسميتها بالمرأة الحديدية تحت مظلة أخنوش، حيث كانت تعود إليه كلما إشتد بها  وطيس الخلاف مع المكونات المهنية، غير أن هذه السياسة دفعت زكية الدريوش ثمنها مع أول تغيير على مستوى تدبير حقيبة الوزارة، حتى ولو ظلت تحت نفس المظلة الحزبية، وهو ما جعل القطاع يدفع ثمن خلافات داخلية، ستزيد حدته مع تقدم السنوات، حتى أن الكثير من المتتبعين،  يؤكدون اليوم أن ما تعيشه المصايد،  ناجم بالدرجة الأولى عن تأخر سلطات القرار في وقف النزيف في السنوات الماضية.

اليوم كاتبة الدولة أمام إختبار هو أكبر بكثير مما كان عليه الأمر في وقت سابق، وقد تعد المرحلة فارقة، حيث سيكون عليها إتخاذ قرارات حازمة، خصوصا وان المؤشرات البيولوجية تؤكد بأن المصايد المغربية هي أمام أزمة حقيقية، تزيد خطورتها يوما بعد يوم ، وهي وضعية أكدتها كاتبة الدولة ومعها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، خلال إجتماع لجنة تتبع مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة، وهو المعطى الذي يؤكد أن القرار السياسي، يجب أن يتجرد من مختلف المقاربات الإجتماعية والإقتصادية والبيئية، لصالح إستدامة المصايد أولا وآخير. حيث بات لزاما على كاتبة الدولة أن تأخد مسافة من كل الهيئات المهنية بتركيبتها الهرمية، بإعتبارها هي على رأس هرم المسؤولية السياسية القطاعية، وبإمكانها تسخير قدراتها الإدارية لإصلاح الأعطاب القائمة ، لوقف النزيف، خصوصا وأن كاتبة الدولة ظلت تؤكد مند توليها زمام الأمور أن إستدامة المصايد خط أحمر.

ويحسب لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري إستشعارها لكون الصيد الجائر لم يعد مجرد ظاهرة مقلقة فحسب، بل خطراً حقيقياً يهدد التوازن البيئي والاستقرار المهني والاجتماعي لآلاف العاملين في القطاع. حيث أكدت أن زمن التغاضي عن المخالفات قد ولى، وأن المرحلة المقبلة ستشهد إجراءات ميدانية، مشددة على إجتثاث الممارسات غير القانونية من جذورها. فهذا الموقف الصارم الذي يأتي في سياق خطة وطنية شاملة، تروم تعزيز حكامة القطاع وضمان استدامة الموارد البحرية، حيث بات من الضروري اليوم التحرك الفعلي على أكثر من واجهة؛ بدءاً من ضبط أنشطة الصيد التقليدي والساحلي والصيد في أعالي البحار، مروراً بمراقبة إستعمال الشباك المحظورة، بما يتطلب ذلك من إلتزام دقيق ببروتوكولات التتبع والتوثيق، تفادياً لأي استنزاف غير مبرر للموارد البحرية.

وحتى لا نبخس الناس أشياءهم وجب التذكير ان كاتبة الدولة حرصت عندما كانت كاتبة عامة على رأس القطاع على تفعيل الإسترتيجية القطاعية أليوتيس، بما رافق ذلك من إعتماد عدة تدابير منها تطبيق الراحة البيولوجية، كلما استدعت المؤشرات العلمية وإغلاق المناطق الإسترتيجية، وذلك بهدف منع استهداف صغار الأسماك وتمكينها من التكاثر، بالإضافة لاعتماد 30 مخططا لتهيئة المصايد في إطار إرساء أسس الحكامة في مجال التدبير المستدام للمصايد، فضلا عن حرصها على تقوية المراقبة، من خلال الترسانة القانونية وأيضا الإستثمار الكبير في جانب الآليات والتكنولوجيات والنظم المعلوماتية ناهيك عن الإستثمار  الوعي البشري وفق مقاربات تأطيرية وتكوينية.

ويتوفر القطاع اليوم على اسطول هام للبحث العلمي القطاعي ، كما تتوفر المملكة على مركز وطني لمراقبة السفن جد متطور، بالإضافة لتنزيل عدة برامج في هذا المجال خصوصا البرنامج الوطني لمراقبة السفن والذي تم تنزيله جهويا عبر 18 مخططا جهويا للمراقبة، ضف إلى ذلك أن جميع سفن بما فيها الأجنبية تتوفر على جهاز الرصد (VMS)، كما أصبحت قوارب الصيد التقليدي تتوفر على رقاقات إلكترونية تحدد هويتها، وهي أرضية خصبة ، كفيلة بإنضاج كل السياسات الرقابية المرتبطة لقطاع الصيد، وتعزيز دينامية التتبع بشكل دقيق للأنشطة البحرية، في أفق تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، لتعزيز اليقظة في التعاطي مع الصيد الممنوع بحر وبرا، لاسيما وأن واقع الحال يفرض اليوم تعزيز الترسانة القانونية بالإفراج على النصوص، التي لازالت عالقة في قنوات التشريع.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا