يعيش مصنعو دقيق السمك وضعا غير مسبوق في ظل تهاوي الأثمنة في السوق العالمية، وإرتفاع كلفة الإنتاج على المستوى الداخلي، الذي أملته توجه الوزارة الوصية نحو تثمين المنتوجات البحرية السطحية، بعد تعميم الصناديق البلاستيكية، وإعتماد مبدأ الكوطا الفردية داخل المصيدتين الوسطى وقبلها الجنوبية .
مصادر محسوبة على مهنيي الدقيق، أفادت في تصريحات متطابقة للبحرنيوز ، أن المصنعون وجدو أنفسهم في وضع مقلقل للغاية ، بين معقوفتين إحداهما الإتفاق الآخير الذي جمع المصنعين بمهني الصيد، والتي حددت أثمنة مرجعية قارة للإسماك السطحية الواردة على معامل الدقيق، وبالمقابل تشهد السوق العالمية نوعا من التخمة، في ظل المنافسة القوية لعدد من البلدان لاسيما البيرو. وهو ما جعل الأثمنة تتهاوى بشكل رهيب داخل الأسواق التقليدية.
مهنيو صيد سمك السطحي يرفضون المساس بأثمنتهم المرجعية
ويرفض مهنيو صيد الأسماك السطحية، أي مساس بنص الإتفاق الموقع مع أرباب مصانع الدقيق والزيت ، مؤكدين أن الأثمنة المشار إليها في نص الإتفاق، تبقى خطا أحمرا ، بل أكثر من ذلك هم يطالبون برفعها ، بعد أن كانت الوثيقة الموقعة بين المصنعينن ومهنيي الصيد بالعيون، قد حددت ثمن الأسماك السطحية الصغيرة ، المعبأة على متن المراكب، ككتلة “VRAC”، في 1.20 درهم مع إحتساب الرسوم. وتحديد ثمن قار وغير متجاوز للسمك الصناعي الموجه لصناعة دقيق وزيت السمك بالميناء، المعبإ في الأكياس البلاستيكية، في 1.70 درهما مع إحتساب الرسوم .
ويؤكد المهنيون أن إشكالية تراجع الأثمنة في السوق العالمية، هو معطى يهم المصنعين وحدهم، لكون الإتفاق لاينص على مراجعة الأثمنة تماشيا مع السوق العالمية ، كما أن هؤلاء المصنعين تقول المصادر ، قد ظلوا ينعمون بأرباح كبيرة، عندما كانت أثمنة منتوجاتهم مرتفعة في السوق العالمية. ولم يرجعوا حينها إلى المهنيين لمناقشة رفع أثمنة الأسماك الواردة عليهم. فيما تؤكد ذات المصادر أن مهنيي الصيد، أصبحوا اليوم أكثر حرصا على إستقطاب أسماك، تراعي مبدأ الجودة وكذا الأحجام المناسبة، لتوجيهها صوب معامل التصبير أو التجميد، وحتى الإستهلاك، بدل معامل الدقيق، التي يكون لعائداتها تأثيرا سلبيا على الحصيلة السنوية لمراكب الصيد على مستوى قيمة المبيعات .
إجراءات تدبيرية جعلت السمك يعانق وجهات أخرى غير الدقيق
يرى مهنيو الدقيق أن صناعتهم أصبحت مهددة إلى حد بعيد ، جراء الإجراءات التي إعتمدتها إدارة الصيد، والتي أصبحت تشكل حصارا غير معلن على هذه المعامل، حيث غدت المنتوجات البحرية، مقيدة بمجموعة من الشروط الإنتاجية من قبيل الكوطا السنوية وتعميم الصناديق البلاستيكية وطريقة التعامل مع مصيدة طانطان، هي معطيات ضمن أخرى جعلت المهنيين أكثر حرصا على توجيه مصطاداتهم إلى وجهات غير معامل الدقيق والزيت. فيما نبهت ذات المصادر، إلى كون تراجع الصادرات نحو مجموعة من الأسواق، كان له الآثر السلبي على مردودية المصنعين .
وحسب مصدر محسوب على المصنعين ، فإن حجم البروتين المتوفر في المنتوج ، هو من يتحكم في وجهة الدقيق، موضحا بالقول “أن المنتوج الذي يتوفر على تركيز من البروتين يقل عن 60 في المائة، يتم توجيههه للإستهلاك المحلي، حيث يتم تصريفه على شكل أعلاف خصوصا في قطاع الدواجن. فيما يتم توجيه منتوج الدقيق الذي يضم حجما من البروتين يتجاوز 60 في المائة، صوب السوق الخارجي بأثمنة متقلبة .
ووفق إفادة ذات المصدر، فإن أثمنة الطن الواحد من الدقيق، الذي يتوفر على درجة عالية من الجودة المستمدة من توفره على نسبة مهمة من البروتين في حدود 68 في المائة، يصل ثمنه بمعمل الدقيق بالمغرب، إلى 1100 دولار للكيلوغرام ، فيما تتهاوى أثمنة الذقيق دو الجودة المتوسطة، التي يصل حجم البروتين به إلى 65 في المائة لثمن 1050 دولار للطن. و يتم توجيه الدقيق الذي يتوفر على أقل من 60 في المائة من البروتين يؤكد المصدر ، نحو السوق المحلي، بقيمة مالية تتراوح بين 8000 و 8500 درهم للطن. وهي أثمنة تبقى ضعيفة مقارنة مع سنوات خلت .
لخبطة بالسوق العالمي نتيجة إرتفاع صادرات البيرو وتراجع واردات الصين
وتشير مجموعة من التقارير إلى تراجع أثمنة الدقيق في السوق العالمية منذ شهر يوليوز الماضي حيث تراجع ثمن الطن الواحد من 1511.52 شهر ماي الماضي إلى 1360.05 شهر أكتوبر المنصرم ، جراء مجموعة من الأسباب الذاتية والموضوعية ، المرتبطة إجمالا بتطور هذا النوع من الصناعة على مستوى مجموعة من الدول المنتجة، خصوص دول كالشيلي و البيرو، لاسيما هذه الآخيرة التي منحت لسفنها حق صيد حصة خيالة تصل ل7;2 مليون طن، موجهة لصناعة الزيت والدقيق. وهو ما يعطي الإنطباع بكون هذه الدولة لوحدها ستغرق السوق العالمية وبأثمنة تفضيلية.
ومع تغول البيرو في السوق العالمية حيث أصبحت تنتج كميات خيالة من الدقيق، وجدت الصين نفسها كواحد من زبناء هذه الدولة ، مرغمة على إغلاق سوقها أمام تدفق هذا النوع من المنتوجات ، إذ تراجعت هذه الدولة الأسيوية التي ظلت تعتبر واحدة من أكبر الزبناء لمصنعي الدقيق في العالم، عن إستيراد الدقيق بقرابة النصف ، وأقتصرت على ما يسد حاجتها في تربية الأحياء المائية. وذلك بعد نفوق كميات كبيرة من الخنازير ، التي ظل الكسابة الصينيون يعتمدون على دقيق السمك في تسمينها وتغديتها بعد إصابتها بفيروس ناذر. وهو ما جعل الصين تتراجع عن إستعمال الدقيق المستورد في التسمين. تراجع كان له الأثر السلبي على السوق العالمية، التي أصبحت تعاني كثرة في العرض وتراجعا على مستوى الطلب.
عدم قدرة دقيق السمك المغربي على المناقسة بالدول الإسكندنافية
كشفت بيانات رقمية خاصة بالواردات الإسكندنافية، توقف صادرات المغرب من الأسماك الطرية ودقيق السمك صوب الدول الإسكندنافية، التي تضم كلا من النرويج والسويد والدنمارك وفنلندا وإيسلند.
وحسب مصدرين مغاربة فإن المنطقة الإسكوندنافية خصوصا النورويج، هي تعد منتجا قويا لدقيق السمك، كما ان بواخرها التي تنشط في الجر، هي توفر للبلاد نسب كبيرة من الأسماك، ما يخنق المنتوجات البحرية المغربية وسط المنافسة التي توفرها الدول الساحلية بالمنطقة . يحدث ذلك في ظل تكلفة النقل الباهضة وكدا غلاء الأسماك الطرية بالمغرب، وهي كلها معطيات تصعب من تصدير الأسماك لهذه الدول المعروفة بنشاط سوقها وطلبها القوي على المنتوجات البحرية.
دعوة مصنعي الدقيق بالمغرب إلى تقديم القيمة المضافة لقطاع الصيد البحري
ووسط التحديات التي تم طرحها يجد مصنعو الدقيق المغاربة أنفسم مطالبين بمسايرة التغيرات، التي يعرفها الإنتاج البحري بالبلاد ، خصوصا بعد أن كان أخنوش قد دعا في وقت سابق معامل دقيق السمك بكل من طانطان والعيون، إلى بدل مزيد من الجهد، والإشتغال على مستوى التثمين، وتقديم القيمة المضافة لقطاع الصيد البحري، خصوصا أن هذه المعامل تبقى مردوديتها محدودة، مقارنة مع معامل التصبير وغيرها. فيما تؤكد المعطيات القادمة من طانطان أن معامل الدقيق تخلت تباعا عن مضخاتها، التي ظلت منتشرة بالرصيف المينائي، بعد أن أصبح الصندوق يحكم إشتغال مهنيي الصيد.
مقال موفق السي المنصوري.