يبدوا أن ملف القوارب المعيشية والمعاشية بالداخلة بدأ يأخد منعطفا أخر على مستوى تحمل المسؤولية ، خصوصا بعد ان فشلت المخططات الرامية إلى توريط مندوبية الصيد البحري في النازلة ، حيث علمت البحرنيوز أن والي جهة الداخلة واد الدهب إستشاط غضبا إلى حدود أنه لم يتحكم في أعصابه في لقاء جمعه بمندوب الصيد البحري، على خلفية لقاء هذا الآخير مع تمثيلية التعاونيات المعيشية ورميه بالكرة لسلطات الإقليم بإعتبارها المسؤول الأول على التطورات التي تعرفها القوارب المعيشية .
جهات مطلعة كشفت للبحرنيوز، أن والي الجهة رفض تحميله مسؤولية ما يقع للقوارب المعيشية ، رغم أن عين العقل تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن تطور القوارب المعيشية هو ناجم عن تساهل السلطات المتدخلة ، حيث شجع هذا التساهل المئات من أبناء ساكنة الداخلة، في إختيار الطريق القصير من أجل ولوج المصايد المحلية. وهو إمتلاك قارب والإنخراط في تعاونية معينة توفر له الغطاء القانوني، والإنطلاق نحو الصيد. وهو حل لو تم فتحه بباقي جهات المملكة لسلك الشباب نفس الحل الذي سلكه أبناء الداخلة ، في ظل تطلع الشباب بمختلف ربوع المملكة لولوج الثروة السمكية.
ولأن الولوج للثروة هو حق شريطة إحترامه للمساطر القانونية للقطع مع منطق الفوضى، فإن ولوج القوارب المعيشية إلى المصايد المحلية وبتساهل من السلطات، وعدم إعتراضهم من طرف القوات البحرية ، جعل ملاك هذه القوارب، يعتبرون أنفسهم بأن خطوتهم هي خطوة مشروعة، امام صمت السلطات المتدخلة، وأن إمتلاكهم لقارب صيد هو حق ذون النظر في الطريقة التي تم بها إمتلاك هذا القارب من الزاوية القانونية. لذلك رفضت مندوبية الصيد البقاء مكتوفة الأيدي أمام ظهور أرقام تسلسلسية على ظهر قوارب معيشية، لا تمت بأي صلة للترقيم القانوني المعتمد من طرف وزارة الصيد. وهي القوارب التي تسير ليكون عددها أكبر من القوارب القانونية المرخصة، وإعتبرت المندوبية عبر مسؤولها الأول بالدائرة البحرية للداخلة ، “ان هذه القوارب غير قانونية، ولا تدخل تحت غطائها ، وان الحل حتى ولو كان مرا يبقى هو تحطيمها ، وهو دور يبقى منوطا بالسلطات”.
رفض مندوب الصيد للقوارب المذكورة وتحليه بالشجاعة للتعبير عن هذا الرفض من دون لغة خشب، يجد دعمه في القانون رقم 59.14 المتعلق باقتناء سفن الصيد، ومباشرة بنائها وترميمها الذي ينص لزوما في مادته الأولى على التوفر على ترخيص مسبق يشمل جميع أنواع سفن الصيد بالنسبة لبنائها واقتنائها أو ترميمها، و ذلك بهدف تأطير مجهود الصيد من أجل استغلال عقلاني للثروة البحرية واستدامة المخزون السمكي عبر تقنين شروط بناء سفن الصيد وترميمها، والوقاية ومحاربة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم. كما ان المادة التاسعة من ذات القانون ترفض تسجيل أية سفينة صيد، باعتبارها سفينة صيد تحمل العلم المغربي، تم بناؤها بالمغرب أو بالخارج أو تم اقتناؤها بالخارج دون الحصول على الرخصة المسبقة المنصوص عليها في المادة الأولى، ولا تتطابق مواصفاتها التقنية مع تلك المضمنة في الرخصة المذكورة.
وتنص المادة 12 من القانون المذكور على عقوبات تهم غرامة يتراوح قدرها بين 5.000 و 100.000درهم، في حق كلُ من قام، لحسابه الخاص أو لحساب الغير، ببناء أو عمل على بناء سفينة صيد، في المغرب أو في الخارج، مخصصة لممارسة الصيد التجاري في المغرب، دون الحصول على الرخصة المسبقة. بل وعلاوة على ذلك، تتم مصادرة سفينة الصيد موضوع المخالفة، وتباع من طرف إدارة الأملاك المخزنية طبقا للتشريع الجاري به العمل. فالتشدد الوارد في القانون يقوي صراحة المندوب بإعتباره يسهر على التعاطي مع قضايا الصيد بما تمليه المساطر الإدارية التي ينظمها القانون . هذا الآخير الذي يضع القوارب المعيشية او المعاشية خارج الإطار القانوني لإدارة الصيد. بل يصنفها في خانة خرق القانون، وهي خطوة يبقى التعاطي معها من خلال السلطات ثم الفاعلين المحليين لما يحمله الملف من أبعاد إجتماعية …
وأصبحت القوارب المعيشية أمام التطورات التي تعرفها في علاقتها بولوج الثروة السمكية محليا، ورقة لمساءلة وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. حيث أكد النائب البرلماني عبد الفتاح أهل المكي عن الفريق الإشتراكي بمجلس النواب في سؤال كتابي أن ملف القوارب المعيشية بجهة الداخلة وادي الذهب يعرف احتقانا غير مسبوق، بين التعاونيات ومصالح وزارة الفلاحة و الصيد البحري ممثلة في الكاتبة العامة والمندوب، الأمر الذي يقتضي استحضار الوضعية الاجتماعية التي يعيشها ملاك القوارب”.
وتساءل حمة أهل بابا المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في سؤال كتابي وجهه هو الآخر الى عزيز أخنوش عن الاجراءات التي اتخذتها وزارة الصيد البحري لتسوية وضعية القوارب المعيشية بالجهة، والتذابير التي تم تضمينها في استراتيجية اليوتيس 2 للتمكين الاقتصادي والإجتماعي والثقافي لفائدة شباب ونساء الجهة. وقبلهم كان حزب الأصالة والمعاصرة وكذا حزب العدالة والتنمية قد دخلا معا على خط التطورات التي يعرفها الملف.
ويؤكد المتتبعون للشأن البحري أن القوارب المعيشية ليست بلعبة سياسية تتسلى بها الأحزاب، أو ورقة إنتخابية تسيل لعاب البرلمانين على بعد شهور من الإستحقاقات الإنتخابية، وإنما ملف القوارب، يحتاج لنوع من التدبير الذي يجمع الحكمة في بعده الإجتماعي، بروح القانون على مستوى الولوج للثروة ، فيما يرى كثيرون ان مستقبل هذا الملف سيكون عبر بوابة وزارة الداخلية، وسط مطالبة للفرقاء المحليين على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب بالعمل على إيجاد مخارج للأزمة الحالية ، تحت شعار “فكها يا من وحلتيها”.