لفت تقرير أممي صدر حديثا الانتباه حول التهديدات الخطيرة التي يواجهها النظام الإيكولوجي البحري بالمغرب، في ظل تكاثر الطلب على رمال الشواطئ، و تنامي ظاهرة اقتلاعها من شريط السواحل المغربية ما يشكل تهديدا خطيرا للطبيعة، إلى جانب التأثيرات البيئية المختلفة، حيث أن حجم الرمل المهرب بطريقة غير قانونية يوظف في مشاريع البناء ما ضاعف الطلب بشكل كبير.
و مع النقص الحاد في منح تراخيص قانونية لاستغلال مقالع الرمال، و ارتفاع الطلب الملح على نوع الرمال الشاطئية، و ارتفاع وثيرة البناء و المشاريع السياحية و السكنية، تنامت ظاهرة نهب الرمال بطرق عشوائية، و اتسعت دائرة المافيا التي تدير هدا النشاط بتجريد الشواطئ، بالاستخراج الغير قانوني الذي يشكل أهم ثروة للمهربين.
و بحسب تقرير الأمم المتحدة حول استخراج الرمال في العالم، يعتبر المغرب أحد البلدان الأكثر تضررا من استخراج الرمال و خاصة في المناطق الساحلية بطرق غير شرعية، مستدلين بالشريط الساحلي الكبير بين أسفي و الصويرة الذي حولته عصابة التهريب إلى منظر صخري، حتى أضحت العواقب كارثية من وجهة نظر بيئية دقيقة، و اختفاء بعض الشواطئ، وكذلك تسجيل شلل في بعض السواحل، نتيجة ازدياد الحاجة إلى الموارد الطبيعية في ظل التوسع العمراني الهائل الذي يشهده العالم.
وارتفع حجم الطلب العالمي حسب ذات التقرير على الرمال والحصى، الذي يتراوح بين 40 إلى 50 مليار طن سنويا، و ازدادت الحاجة إلى الرمال التي تعد أكثر الموارد الطبيعية استهلاكا بعد الهواء و الماء، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة للبيئة إلى أن ثلاثة أرباع الحجم المستهلك من الرمال، يوظف في خلائط الاسمنت، ما رفع من سرعة ووثيرة الاستخراج أكثر من تجددها، وهذه الحاجة المتزايدة إلى الرمل أدت إلى سوء استغلاله ونهبه في أماكن كثيرة، بطرق تسببت في إحداث اختلال في التوازن البيئي، ووضع غير مستدام من خلال تدمير الجاذبية الطبيعية.
إن الرمال موجودة في كل مكان في البناء والإنتاج الصناعي لأنها رخيصة الثمن، ومتعددة الاستخدامات وسهلة الشراء ، يشير التقرير ، الذي يبين أن هذه المواد هي الأكثر استغلالًا في العالم، منبها الى أن استمرار البناء في المناطق الرملية بالمغرب، سيكون له عواقب بيئية وخيمة، كما الحال بمدينة أصيلة، التي تعاني من تآكل شديد لشواطئها بسبب إشكالات قانونية، و ضغوطات مرتبطة بالسياحة. حتى أن العديد من المباني المتواجدة على الساحل، باتت في خطر أكيد من التآكل الذي يشهده شاطئ المدينة.
وصادقت الحكومة المغربية مؤخرا، على مرسوم متعلق بتطبيق مقتضيات قانون المقالع رقم 13-27 ، ليحل محل الظهير المنظم لقطاع الرمال الذي يعود إلى سنة 1914 ، بهدف محاربة الاستغلال العشوائي وغير المرخص لمقالع الرمال، وتكثيف المراقبة على مستعملي المقالع، والحد من الاستغلال المفرط للكثبان الساحلية والشاطئية والمحافظة على البيئة. فيما شرعت الحكومة في تنزيل عدد من التدابير القانونية، التي ستحدد المناطق التي يمنع استغلال المقالع بها. كما سيتم إخضاع جميع أنواع المقالع لدراسة تأثيراتها على البيئة؛ فضلا عن تقديم كفالة مالية لضمان إعادة تهيئة مواقع المقالع بعد الانتهاء من استغلالها.
مصادر مهنية كشفت حالة الفوضى المستشرية بشكل خطير، في ظل جهل رقم المعاملات المالية الحقيقية، كون الدولة تستفيد سوى من 2 مليار درهم، و هو حاجز يمكن تجاوزه في حالة الهيكلة.
وكان موضوع حماية الساحل على مدى السنين العشر الماضية محل اهتمام السلطات المغربية، باعتباره يدخل ضمن الملفات الإستراتيجية، نظراً إلى التأثيرات البيئية، وأهمية الوسط البحري والساحلي، في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، و دلك باعتمادها المرسوم الذي ينفذ القانون 81-12 المتعلق بالساحل الهادف إلى الحفاظ على “التوازنات البيولوجية والايكولوجية والتراث الطبيعي”. ويفترض أن يحظر إزالة الرمال في الكثبان البحرية ، المخاطرة يؤدي الى السجن لفترة خمس سنوات.