تمرين ميداني يحاكي إحتراق سفينة صيد بعرض البحر .. سيناريو دقيق ومركّب لتقوية جاهزية البحارة في مواجهة الطوارئ (صور)

0
Jorgesys Html test

أبدعت مجموعة “ATLANTA–M.C.F.C. HAIFEN FISHERIES” للصيد في أعالي البحار بميناء أكادير، في الإحتفال باليوم العالمي لرجال البحر بطريقتها الخاصة ، من خلال تنظيم تمرين ميداني أمس الأربعاء 25 يونيو 2025 في حوض الميناء التجاري، بشكل  يحاكي الواقع بأحداث في غاية التعقيد والتركيب، لتقوية جاهزية أطقمها في حالة وقع لاقدر الله، حريقا على متن سفينة في عرض البحر، وهو التمرين الذي نظم بتنسيق مع  الوكالة الوطنية الموانئ بأكادير في شخص القبطانية وباقي السلطات المينائية. 

وينبني سيناريو التمرين على إندلاع النيران في سفينة صيد في عرض البحر، بشكل صعّب من مهام الطاقم في  السيطرة عليها، وذلك في إطار برنامج تدريبي يهدف إلى رفع كفاءة طاقم الصيد في تدبير الحوادث البحرية الخطيرة، وتحديدًا حرائق السفن التي تعتبر من أكثر الكوارث تكلفةً على مستوى الأرواح والمعدات. وهو المعطى الذي جعل من شركة “ATLANTA–M.C.F.C. HAIFEN FISHERIES” للصيد في أعالي البحار،  ترصد إمكانيات كبيرة لإنجاز هذا التمرين، حيث تم تسخير سفينتين FILAKA-8 وسفينة 9-NAMIA، إلى جانب إمكانيات لوجستية على مستوى سفينة FILAKA-8 مسرح التمرين . فيما تم الإعتماد على طاقم يضم فسيفساء من البحارة الذين ينشطون على مختلف سفن الصيد التابعة للمجموعة ، بما يضمن توسيع الخبرة والإستفادة من خلاصات التمرين، فيما سخرت وكالة الموانئ الحوض المينائي التجاري ليكون مسرحا للتمرين ، كما تم تكليف إحدى  سفن القطر لمواكبة التمرين.

وفي بداية الحدث، سمع رنين صفارات الإنذار يتصاعد على ظهر السفينة، إيذانًا باندلاع حريق مفترض في السفينة، بشكل أثار هلع مكونات الطاقم. وفورًا، تم الشروع تحت إشراف مباشر من الربان صلاح الدين دليل، في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الطوارئ، والتي تشمل عزل مصدر الحريق، ووقف المحرك، وقطع التيار الكهربائي. وفي غضون لحظات، تم استخدام مطافئ الحريق المحمولة، ومحاولة التدخل باستعمال خراطيم المياه، وفق البروتوكول المحدد، خصوصا وأن الطاقم ظهر في صراع مع الزمن في ظل تطورات الحادث، لكون النيران كانت تتزايد، ومع تصاعد “الدخان” في هذا التمرين الافتراضي، وارتفاع درجة الحرارة، تقرر الانتقال إلى المرحلة الثانية.

وبعد تقييم الربان للوضع عبر أدوات المراقبة وتقارير الطاقم، أعلن فشل محاولة الإخماد الداخلي، كما تم تقديم المساعدة لأحد البحارة الذي تعرض لحالة الإغماء بسبب ضيق التنفس، متأثرا بالأدخنة الناجمة عن الحريق، حيث تم إنعاشه ، فيما تم إرسال إشارة استغاثة (Distress Call) عبر القنوات الرسمية، مع تحديد الموقع بدقة عبر جهاز الإرسال VHF الرقمي،  ليأمر الربان في وقت لاحق بتفعيل بروتوكول “الإخلاء الطارئ”. حيث جرى تجميع الأفراد  في منطقة التجمع الرئيسية، و تم التأكد من وجود جميع أفراد الطاقم،  وكذا التأكد من الإرتداء الصحيح لسترات النجاة  المعتمدة.

وقرر الربان إنزال قارب النجاة من الجيل الجديد إلى البحر، الذي سرعان ما أنفتح وإنتفخ في المياه، وبدأ الطاقم في النزول بشكل منظم وفق الترتيب المحدد سلفًا في مخطط الإخلاء، الذي يأخذ بعين الاعتبار الأولويات الصحية والوظيفية، بتأكيد صارم من ربان السفينة الذي ظل يخفف من حدة الضغط النفسي على مكونات طاقمه ، مؤكدا لهم أن الكل سينجوا مرددا عبارة “سنعيش جميعا” .. “سنعيش جميعا”. وبمجرد إتمام عملية الإخلاء إلتحق الربان بزملائه في قارب النجاة كآخر فرد يرتمي إلى البحر، إنسجاما مع مسؤولياته الإستراتيجية، بعد أن حمل معه بعض المعدات الطبية والتقنية ، تاركا وراه السفينة بعد فشل الجهود في السيطرة على النيران، فيما تم إطلاق الشمارخ جوا وبحرا للفت الإنتباه . إذ وفي إطار ذات التمرين، اقتربت سفينة الصيد “9-NAMIA” التابعة لنفس المجموعة بعد تلقيها لنداء الإستغاثة، لنجدة الطاقم ومواكبته في هذه اللحظات الصعبة، حيث جرى استقبال البحارة المنكوبين، الذين هبوا في إتجاه السفينة سباحة بشكل منظم،  لتتم مساعدتهم على الصعود للسفينة ، فيما تم التأكد من سلامتهم الجسدية والنفسية، مع إجراء فحص أولي لمؤشرات الصدمة والاختناق.

وكشف هذا التمرين الميداني المتكامل الذي يحاكي الواقع،  عن أهمية التدريب الدوري والمحاكاة الواقعية، كوسيلة فعالة لرفع منسوب الجاهزية لدى أطقم الصيد، الذين يعملون في ظروف متقلبة، وضمن بيئة محفوفة بالمخاطر. إذ في ختام التمرين، تم تسجيل مجموعة من التوصيات العملية،  تؤكد على أهمية التكوين المستمر للبحارة في بروتوكولات السلامة ومكافحة الحريق، مع التركيز على التجريب الميداني والإكثار من هذه التمارين الميدانية. وكذا تعزيز تجهيزات السلامة بالسفن، خاصة كواشف الدخان المبكرة، وطفايات الحريق التلقائية. كما تمت التوصية بتحيين خطط الإخلاء بشكل دوري، وتوزيع المهام حسب الكفاءة والمسؤولية. دون إغفال توفير قوارب نجاة مجهزة بالكامل، والتأكد من جاهزيتها التقنية.

ولقي التمرين إستحسانا كبيرا في أوساط المهتمين بالصيد في أعالي البحار ، حيث تم دعوة باقي الفاعلين المهنيين في قطاع الصيد للإنخراط في هذا النوع من المبادرات الجادة والمسؤولة، كما تم التنويه بالوعي الذي عبرت عنه الوكالة الوطنية للموانئ ، التي خصصت الحوض المينائي التجاري للقيام بهذا التمرين الهام ، كما خصصت إحدى سفن القطر لمواكبة المبادرة عن قرب.  لاسيما وأن  هذا النوع من التمارين يعد أحد أهم أدوات الحد من الكوارث البحرية، خصوصًا في قطاع الصيد الذي يشهد سنويًا عبر العالم ، تسجيل حالات مأساوية جراء الحرائق، الغرق أو فقدان السيطرة. حيث يبقى الرهان اليوم هو ترسيخ ثقافة الوقاية والمسؤولية الجماعية، إذ لا يمكن ترك مصير الطواقم لمجرد الصدفة أو التلقائية، فالحياة في البحر لا تحتمل الخطأ. وبالتالي وجب تحفيز الإستعداد وإختبار الجاهزية ، لتمكين الأطقم البحرية من المعرفة المسبقة، والخبرة اللازمة لمواجهة الطوارئ البحرية الطارئة، عبر الإستثمار في الوعي البشري و أليات التدريب والتكوين المستمر.

Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا