توثيق بيانات الحساب البحري وصمة عار في جبين الصيد الساحلي

2
Jorgesys Html test

 محمد-العكوريلا يخفى على أحد مدى الصعوبات والمخاطر التي تكتنف مهنة الصيد، فالداخل إلى البحر مفقود والخارج منه مولود، والصيد الساحلي كسائر القطاعات يعتمد في استمراريته، ويعول في تطوير مردودية مقومات ثلاث: تهم في أولها: البنيات الاساسية وثانيها: مخططات الدولة وتصاميما ورؤيتها الاستراتيجية، للقطاع. وثالثها: الطاقم البشري الذي بدونه لا معنى للمقومين الاولين.

 غير أن هذا الطاقم البشرى الذى يضطلع بدوربالغ الاهمية في الدفع بعجلة هذا القطاع، لم ينل رغم مجهوداته الجبارة وتضحياته الجسام حظه من العناية والاهتمام . ونتيجة لذلك بقيت الوضعية الاجتماعية لرجال البحر متردية الى اقصى حد بالرغم من ان هذه الفئة طالبت مرارا وتكرارا بتحسين اوضاعها، وبجعل مشاكلها في دائرة الاعتبار لدى القيمين على القطاع.

 ولعل أخطر ما تعانيه هذه الفئة هو الضعف البين للتغطية الاجتماعية، اذ باستثناء الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يجد رجال البحر صندوقا اخر. وذلك عكس باقي القطاعات التي يستفيد شغيلتها من التغطية الاجتماعية لصناديق متعددة. وحتى بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فإن حجم التغطية يعتبر ضعيفا ولا يتناسب البتة مع الجهود المضنية التي يبدلها رجال البحر طيلة حياتهم المهنية، ويتضح هذا الضعف أكثر إذا علمنا أن بعض البحارة لا يتقاضون عند إحالتهم على التقاعد إلا تعويضا هزيلا – بل مخجلا- لا تتعدى قيمته في الحد الأدنى 600 درهم على رأس كل ثلاثة شهور. فماهي أسباب هذا الواقع وماهي مبرراته؟

 في الحقيقة لا يمكن أن تلمس أي مبررات مقنعة لما هي عليه وضعية رجال البحر، وإلا سقطنا في فخ التلفيق والمداهنة والضحك على الذقون. أما الأسباب فهي كثيرة ومتشابكة في نفس الآن. غيرأن أهمها وأكثرها صلة بالوضعية الحالية التي ليست وليدة اليوم بالضبط، بقدر ما هي حصيلة تراكمات مزمنة، فتكمن في الأسلوب العرفي البالي الذي درجت المراكب على نهجه أثناء وقبيل وبعد إعداد بيانات الحساب البحري.

 إن المشاكل التي تثيرها قضية الحسابات البحرية جعلت من هذه القضية إحدى أهم وأخطر المشاكل التي يتخبط في دوامتها الحرفيون، كما جعلتها تعوق مسيرة تطور الصيد الساحلي وتحد من حظوظ مواكبته لمتطلبات الحداثة والعصرنة. فقد خضعت هذه الحسابات دائما لعرف يعطي الحرية لإعداد بيانات الحساب لدى أي جهة دون إلزام بالتصريح للإدارات الوصية على القطاع بتلك الجهة، حتى يتم الفصل والتقرير في أهليتها أو عدم أهليتها للقيام بمثل هذا العمل ذي الأهمية المصيرية بالنسبة للحرفيين.

  وبحكم هذا العرف نفسه، أصبحت مواعيد الأداء بهذه البيانات لا تحرم في الغالب. وهذا يعني أن توثيق البيانات لا يلقى الاهتمام المطلوب، رغم أنها المرجع الأساسي والوحيد لإدارات الضمان الاجتماعي والتأمين. ليضيع بذلك حق البحار في التمتع بتغطية اجتماعية تتناسب مع دخله الحقيقي. فلقد عصف هذا العرف بحقوق جيلين على الأقل، ومادام العمل ساريا بموجبه حتى اليوم، فإنه يهدد الجيل الحالي بنفس المصير.

 ويبقى استمرار التسيب والفوضى اللذين يطبعان مراحل وطرق اعداد وتوثيق  بيانات الحساب البحري وصمه عار في جبين الصيد الساحلي بإعتبار الأمر يتنافى كليا مع الطموحات العريضة الساعية إلى تحقيق إقلاع تنموي لهذا القطاع. ولهذا فإن السعي إلى تنظيم عمليات هذا الحساب غذت تكتسب من الراهنية ما جعلها ترقى إلى مستوى الضرورة الملحة، التي لم يعد الوقت يسعف في تأخير البث في شأنها من طرف الاوصياء على القطاع.

  إن هذا الحساب البحري في شكله الحالي  إنما يعبر شأنه شأن ضعف التغطية الاجتماعية للبحارةعلى اسقاط العنصر البشري من اهتمام الاوصياء على القطاع.  ويستدعي أن يعمل هؤلاء على تصحيح هذا الوضع وتقويمه لمنح هذه الفئة دعما ماديا ومعنويا يتناسب مع ما تسديه للقطاع وللاقتصاد الوطني من خدمات لاتقدر بثمن. ولنحتد في هذا المضمار نموذج الدول الاوربية التي تربطنا بها علاقات تعاون في القطاع وفي غيره.  فهذه الدول تقيم الدنيا ولاتقعدها عندما تمس أبسط حقوق البحارة.  وجارتنا إسبانيا (مثلا) أخرقت كل القوانين والمواثيق الدولية بجرأة وعنفوان دفاعا عن بحارتها اثر رفض المغرب تجديد اتفاقية الصيد مع دول الاتحاد الاوربي. وقررت تعويض هذه الفئة عن الضرر الذي من المحتمل أن يوقعه موقف المغرب. بينما نجد رجال البحر عندنا يواجهون وحدهم مصيرا أسود منذ بداية الاستقلال.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

2 تعليق

  1. هذه الاشكالية بالتحديد تجعل رجال البحر يتساالون عما اذا كان عهد الاستقلال قد بلغ القطاع ام انه ما زال يعيش سنوات عهد الحجر و الحماية ، لان مثل هذا الاقصاء كانت تمارسه السلطات الاستعمارية لتفقير البحار المغربي .و لم يعد له من مبرر اليوم .اللهم الا اذا كانت السلطات المغربية تتماهى مع الاستعمار الغاشم في نهجه المعادي للبحارة كفئة مغلوبة على امرها.

  2. فعلا أن الميدان الإجتماعي في قطاع الصيد البحري يعاني فيه البحار مشاكل كثيرة في غياب المدافع وخاصة من طرف التمثيلية النقابية
    ويؤسفنا ان نقول او نكتب بأن بعض رجال البحر اثناء تقاعدهم لا يتقاضون مصروف الأسبوع رغم انه اكثر العمال تعرضا للخطر والأمراض وخاصة (الروماتيزم)
    يجب التصريح بالمنتوج من طرف ارباب وربابنة الصيد الساحلي اثناء الإفراغ والمراقبة من طرف المسؤولين وجميع الإدارات المتدخلة.

    يجب مطالبة مراجعة التعويضات الرديئة في حق هاؤلاء البحارة والربابنة والميكانيكيين.

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا