بعد هدنة دامت لشهور عادت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية لتباغث مهنيي الصيد الساحلي بالجر يوم الثلاثاء الماضي بسوق السمك للبيع الأول بالعرائش، وتشرف على مصادرة كميات مهمة من الكروفيت، بحجة المبالغة في إستعمال مادة ثنائي أكسيد الكبريت “السولفيت” الحافظة من طرف طاقم مركب للصيد الساحلي. وهي مادة يسهل الإهتداء إليها من خلال اللمعان والبريق المتزايد للون القشريات خصوصا القيمرون.
وتضاربت الأرقام بخصوص الكميات المصادرة، حسب تصريحات متطابقة إستقتها جريدة البحرنيوز من مصادر محسوبة على التجار ، ما بين 32 و24 صندوقا بوزن يتراوح بين 16 و17 كيلو غرام للصندوق، وهو ما يؤكد أن الأمر يتعلق بكميات مهمة من القيمرون التي تتسم بأثمنتها المرتفعة على مستوى البيع الأول، والتي تراوحت يوم الحجز بين 600 و650 درهم للصندوق بالسبة للأحجام المتوسطة ، على بعد أيام قليلة من شهر رمضان الأبرك. وهو ما يشكل خسارة حقيقية لطاقم الصيد المعني بالنازلة. لكن هذه الخسارة لا يمكن أن تغطي على الخطر الذي يشكله الإستعمال غير المعقلن لمادة ثنائي أكسيد الكبريت “السولفيت. حيث أن أغلبية المراكب تستعمل هذه المادة بكميات عشوائية تتحكم فيها المزاجية من جهة ، وكذا الرغبة في الإبقاء على مظهر القشريات ، حتى أن هناك من الأطقم من تضيف المادة لمرات متكررة حسب مدة نشاط الصيد التي تمتد أحيانا لأيام في البحر.
ويرى المتتبعون أن إضافة مثل هذه المواد تحتاج لنوع من الدقة ، وكذا الخبرة في التعاطي مع المادة، وليس الإعتماد على مبدأ الرش ، وخبط العشواء الذي تكون له إمتدادات خطيرة على سوق الإستهلاك. وهو ما أظهرته تحليلات سابقة خضعت لها عينات من مصطادات مراكب الصيد بالجر في وقت سابق بميناء أكادير. هذه الاخيرة التي كشفت وفق مصادر رسمية، عدم إحرتام المعايير في إضافة مادة “Sodium Metabisulfite”، لمصطادات القيمرون. فالتوصيات تسمح بإضافة 300 ميليغرام كسقف في ppm، فيما خلصت التحليلات التي أجريت على هذه القشريات موضوع الإختبار من طرف مصالح ONSSA باكادير، أنه يحتوي مابين 4000 و6000 في ppm، وهو رقم خطير يؤكد سيطرة العشوائية على إضافة هذه المادة بشكل متكرر، للحيلولة دون تأثر لون القشريات وبريقها على حساب صحة المستهلك.
هذه الخلاصات جعلت المكتب الوطني للسلامة الصحية “ONSSA” يدق ناقوس الخطر بشكل جدي وفي تحذيرات شديدة اللهجة، بخصوص إستعمالات المادة. غير أن الصمت عاد ليسيطر على الموقف، في غياب توضيحات رسمية بخصوص تطورات ملفات سابقة، رغم إتصالات بمجموعة من المصالح المسؤولة، وهو المعطى الذي جعل ريما تعود لحالتها القديمة. لأن الوضعية كانت تفرض تنظيم لقاءات تحسيسية لمواكبة أطقم الصيد ودفعهم للإنضباط للتوصيات الصادرة عن المكتب، والتي قد وصلت حد الوعيد بعد رصد تجاوزات وصفت بالخطيرة في هذا السياق.
وتم مؤخرا تعميم هذا الإعلان على الفاعلين المهنيين بميناء العرائش ، ينظّم عملية إستعمال مادة البيسلفيت، وهي الوثيقة التي لم تتضمن اي إشارة لمصدرها، خصوصا وان الوثيقة اثارت نقاشات كبيرة على مستوى مواقع التواصل الإجتماعي، بعد أن تعرضت مصطادات بعض المراكب للإتلاف، على الرغم من إستعمال النسب المذكورة ، الأمر الذي تسبب في نقاش جانبي حول مصداقية النسب المعلنة ومصدرها، والتي تحدد 15 غرام لكل 1 كيلوغرام ، في وقت كانت الأطقم البحرية تعتمد طرقا أخرى .
ويشدد الفاعلون على ضرورة إعتماد ورشات تكوينية لفائدة الأطقم البحرية، التي تشتغل في إستهداف القشريات، والتي عادة ما تستعمل هذه المواد الحافظة. وذلك لخلق وعي مهني بأهمية إحترام المعايير التوجيهية، التي تصاحب إستعمال هذه المواد، والتأكيد على أن أي تجاوز للكميات المسموح بها، ستحول القشريات المصطادة إلى مواد سامة، ستكون لها إنعكاسات سلبية على صحة المستهلك. فيما نبّه الفاعلون على تعزيز أليات المراقبة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية لهذه المفرغات على أبواب شهر رمضان الأبرك، وبشكل دائم يقطع مع موسمية المراقبة.