ترجّل حسن أوناس واحد من قدماء رجالات تجارة السمك ببوجدور عن صهوة الحياة، تاركا وراءه الكثير من المواقف ، بعد عقود من التجربة التي أسست لتنظيمات مهنية مهتمة ببيع السمك والمنتوجات البحرية بالإقليم ، حيث كان الرجل الذي فارق الحياة أمس الإثنين 29 ماي 2023 ، على علم بدنو الأجل، فطالب زملاءه وأصدقائه قبل اسبوعين بتجديد جمعية النهضة لتجار السمك وإعفائه من جهازها الإداري، مؤكدا لتجار السمك بالمنطقة من منتسبي الجمعية، بأن الفراق قد حان ، وان الخلف يُعوَّل عليه في إستكمال محطات النضال، من أجل الإرتقاء بالوضعية المهنية لتاجر الفترينة الحقيقية لقطاع الصيد .
حسن اوناس او “حسن لحريرا” كما يحلو للمهنيين مناداته في حياته، اسم معروف و متداول داخل الأوساط البحرية التجارية، فقد صنع لنفسه اسم مهني من خلال شخصيته البارزة التي لم تصنعها الصدفة، بل هي تلخيص لمسار تاريخي حافل بالنجاحات، بداية من مدينة آسفي مرورا بمدينة أكادير قبل أن يحط الرحال بشكل نهائي بمدينة التحدي بوجدور ، بعد أن حاك خيوط شبكة مترابطة من العلاقات الإجتماعية التي رصصتها تجارة السمك.
فعنه يقول خميس مصطفى رئيس جمعية النهضة لتجار السمك ببوجدور ، الذي لم يستسغ رحيل الرجل ، حتى وإن كان قد نال من أوناس المرض ، وأبعده عن الساحة المهنية ، حيث إستعاد خميس في تصريح للبحرنيوز مجموعة من المحطات والذكريات التي تجمعه بالراحل، مختزلا الكثير من المواقف الاخلاقية والانسانية، التي جمعته مع المرحوم حسن اوناس ،
لقد كانت بداية الراحل في تجارة السمك يقول عنه خميس ، أواخر السبعينيات بأكادير، ومع بداية الثمانينيات التحق بمدينة بوجدور، ليساهم صحبة الرعيل الأول من التجار في تثمين منتوج الإقليم من السمك، في ظرف كان يعاني فيها مهنيو القطاع من ضعف البنية التحتية وصعوبة الولوج الى الأسواق ، من خلال مساهمته في تأطير المهنة . كما أنه كان وطنيا بامتياز من خلاله مساهماته الدائمة، واشرافه على احتفالات مهنيي الصيد بالأعياد الوطنية .
“لم يستأذن الموت وخطف حسن اوناس” يقول عزالدين شريشرة نائب الكاتب العام لجمعية النهضة لتجار السمك ببوجدور، بكلمات يلفها الحزن و مشاعر الفقدان، مؤكدا للبحرنيوز أن الساحة المهنية فقدت رجلا عزيزا ظل رفيقا مخلصا للدرب والمهنة، وهو الذي طبع اسمه في منظومة تجارة السمك بإقليم بوجدور، كأحد الوجوه التي أسست وبرزت قيمة تجار السمك بالمنطقة البحرية، حيث ساهمت حنكته ودرايته الكبيرة بمجال قطاع الصيد البحري، بخلق نوع من التوليفة المهنية التي جعلت مجال تجارة الأسماك، كأحد الروافد الاقتصادية و التجارية بإقليم بوجدور.
واكد شريرة ان شهادته في حق المرحوم حسن اوناس، تبقى متواضعة مقارنة مع مسيرته المهنية بالمنطقة، فمن ذا الذي لا يعرف “لحسن لحرير” يقول عز الدين ، ومن منا لم يطرق بابه للإستفسار أوالمشاورة واخد الرأي و الموعظة، من رجل شهد له بالحنكة في تجارة السمك، فوصفوه بالمدرسة التي لا تغلق ابوابها في وجه التلاميد، على جميع المستويات من اداري الصيد البحري ومهني الصيد وتجار السمك وسائقي الشاحنات وغيرهم الكثير.. فالراحل لم يتقاعس عن تقديم المعلومة النافعة، التي يمكن أن ترفع من المستوى التنموي البحري للاقليم.
ما أصعب وأقسى على تجار السمك اليوم الحديث عن ‘حسن لحرير’ رحمه الله بصيغة الماضي” يقول بكون عبد السلام والذي كان إلى عهد قريب جدا، حاضرا بقوة داخل الساحة التجارية البحرية، التي تطغى على شخصيته المهنية المتسمة بالصراح ، وتسودها الحنكة والعطاء الدائم. فالساحة المهنية ستذكر للراحل مساعدتهلتجار السمك في ترصيص الصفوف والالتئام والوحدة، من خلال تدخله لفك خلافاتهم المهنية، حيث كان حريصا دائما على أن تكون الجمعية المكان الأرحب، لحل كل الخلافات والمشاكل المادية للمهنيين. وهو الأمر الذي فسح المجال لشخصية المرحوم، في أن تحضى بقدر كبير من الاحترام والتقدير، داخل الأوساط البحرية بمختلف مهامها بإقليم بوجدور.
يذكر أن الفقيد كان رئيسا مؤسسا لجمعية ارباب وممثلي شركات تسويق وتصدير السمك التي تأسست سنة 1998، وقام بتغير إسمها الى جمعية النهضة لتجارة السمك ببوجدور سنة 2011 ، بهدف الترافع من أجل استفادة تجار السمك من الحماية الإجتماعية كما ترأس ودادية رجال البحر للسكن ببوجدور، والتي وفرت السكن الكريم لازيدة من 350 عائلة. قبل أن يفاجئه الموت على فراش المرض بالدار البيضاء، تاركا وراءه قصصا جمعت ما هو مهني بما هو إنساني. فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه وألھم دويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.