على بعد ساعات قليلة من موعد تجديد المكتب المسير للغرفة الأطلسية الوسطى، إرتفعت درجة الصراع على حلبة التنافس من أجل الفوز بكرسي رئاسة الغرفة، وتحديداً بعدما ظهرت في الأفق علامات المطالبات بتغيير القيادة، كمطالب تقف من ورائها شبكة من الأيادي متداخلة الأهداف والجهات التي ترفع شعار السعي نحو الإصلاح الجدي الرامي لإستعادة الدور الريادي للغرفة في تدبير القطاع.
صراع كبير انطلقت أطواره في مضمار صغير لن يتعدى غدا الاثنين 3 شتنبر 2018، رغم بعض المحاولات الرامية للتأجيل، تزامنا مع لقاء تدارس قضايا الصيد البحري الذي تنظمه جهة سوس ماسة في نفس اليوم، لكن ما يثير حالة الجدل و الارتباك، و يزيد من علامات الاستفهام، هو تداعي تركيبة المكتب المسير، بعد ان شوهد أعضاء من الأغلبية يهرولون نحو صناعة التغيير، و مد جسور التواصل مع مكونات المهنة من ربابنة و بحارة و مجهزين و ادارة مركزية.
ويرى كثيرون إن سر الإصرار الدفين للسيطرة على رئاسة الغرفة الأطلسية الوسطى، يأتي من مدى ارتباط مكانتها، و حظوة قوة التمثيلية المهنية بجهة سوس ماسة لدى وزارة الصيد البحري، التي كانت إلى وقت قصير تستأثر بآراء و مشورة الغرفة الأطلسية الوسطى.
وأطلقت التمثيلية المهنية للغرفة الأطلسية الوسطى العنان لنشر غسيلها الداخلي على أرض الواقع، و الضرب على أوتار عدة، و منها الوتر المتعلق بانعدام الانسجام الكلي بين المكتب، وضعف المردودية، و تراجع الفاعلية، و الانفراد في القرارات، و عدم الرد على المكالمات، و(التحزم) بأشخاص ليسو بأعضاء، لتنتقل الأمور إلى مرحلة استخدام أساليب مختلفة سبيلا للتأثير على التركيبة.
و تعزز شعار التغيير الحقيقي و الإصلاحي لدى البعض، ممن كشر عن أنيابه في التنافس المحموم ، فيما انتظر البعض الأخر لحظة الصفر المرسومة لإعلان نيته الترشح لرئاسة الغرفة، و هدا يدل على امتثال ركائز التغيير في المرحلة الراهنة، و التسليم المطلق بالرغبة الأكيدة التي تجد تعليلا سهلا حسب المتتبعين للوضع المهني، قائما على تواصل محطات استثنائية، من تاريخ الغرفة الأطلسية الوسطى التي كانت إلى وقت قريب حجرة مشورة قوية بذاتها و مكوناتها، قوية بمهنية أعضائها و قوة معرفتهم بمهنة الصيد البحري. وهذا طبعا لا يرتبط بشخص بعينه، وإنما بتركيبة بشرية إختلفت مصالحها وتطلعاتها وخانتها الظرفية، فغاب عنها التوافق، ما صعب من مهمة قيادتها في بلورة مواقف حاسمة، حتى عندما تعلق الأمر بقضايا وطنية لا يختلف عليها إثنان، حيث حل الغياب محل الإجماع، حتى أن البعض علق على الموقف ب”الخيانة”، في إشارة قوية فجرت حقيقة الإنسجام الذي ظل يروج له البعض.
ومن الواضح أن هناك شيئا ما خطأ في هذه المرحلة، التي على ما يبدو أنها، جد عصيبة، حيث أن التركيبة القديمة للمكتب تنبأ لها الكثيرون ممن يتابعون أطوار دراما (غرفيي أكادير)، أنها لن تستمر في الوجود، ليس بسبب الصراع حول كرسي الغرفة، و لكن بسبب الصراع المرير بين مكونات المكتب المسير مند ولادته، والذي إنطبق عليه قول “من الخيمة خرج مايل”، ما أباح استخدام جميع الأسلحة من العلاقات و القرابة و الولاء، فتحول الخلاف الشخصي من خلاف تباين في الرؤى حول تسيير الغرفة و تفعيل دورها، و التواصل مع مكونات المهنة حول مشاكل القطاع و القضايا الراهنة، إلى صراعات مشخصنة ذات طابع نفوذي و انتمائي.
فالأمر لا يقتصر على الانتماء و النفوذ فقط، بل يمتد للعلاقات للفوز بنفوذ سياسي، و مصلحي نحو خارطة طريق تبعد راكبيها من دوامة صراع الجبابرة والمنافسة المحمومة التي صعبت معها مهمة الوجهاء، في إعادة ترتيب الأوراق وتقريب الرؤى بين الأطراف المتنافسة، بعد ان تمسكت مجموعة من الأسماء بعزمها على الترشح لقيادة نصف ولاية الغرفة الأطلسية الوسطى، سيما مع الاستحقاقات القادمة من بروتوكول الصيد مع الاتحاد الأوربي، إلى النسخة القادمة لصالون أليوتيس، إلى مجموعة من القرارات التي ستقبل عليها وزارة الصيد البحري ، دون إغفال التفكير الجدي في بناء مقر للغرفة، وهي كلها معطيات تجر وراءها كثيرا من الثهافث على قيادة الغرفة، التي تسير دائرة بحریة تتشكل من ثلاث موانئ كبیرة و سبعة نقط تفریغ، بمجموع أسطول من 3200 وحدة، منھا 2300 قاربا للصید التقلیدي و 560 باخرة للصید الساحلي و 290 باخرة للصید في أعالي البحار، و 95 وحدة لتثمین المنتوجات البحریة.
و من المؤكد أن الوسطاء فشلوا حتى الآن في تحقيق انفراج في أزمة انقسام الأغلبية، و انشقاق توليفة المكتب القديم، و وضع إطار واضح لاختيار من سيقود المرحلة القادمة، أو تزكية الرئيس لتكريس ربما استحقاقه لمنصب (البوص ديال أصعب غرفة)، لأن هناك مشاكل كثيرة لازالت قائمة يبدوا أن الساعات القليلة القادمة لم تكون كفيلة بالخروج من معركة حامية الوطيس له أهميته المرهونة، بتقبل الأعضاء بالحوار كوسيلة لحل الخلافات الشخصية أولا، و رعاية المصالح ثانيا، و وضع ستار بين من ممثلي الغرفة وضيوفهم، إلى “نعل إبليس” بين الفرقاء و اختيار الرئيس في جو رياضي، و مهني خالي من الضرب تحت الحزام.